فيدان يجدّد من بغداد رغبة بلاده بتوسيع التعاون في مجالات متنوعة

إتفاق عراقي تركي غير مسبوق لإدارة ملف المياه والأمن المشترك

بغداد - ندى شوكت

اتفق العراق وتركيا، على توقيع وثيقة تاريخية لإدارة ملف المياه وتعزيز الأمن المشترك، في خطوة غير مسبوقة تؤسس لمرحلة جديدة من التعاون الاستراتيجي بين البلدين، بعد سنوات من الجدل بشأن تقاسم الموارد المائية والقضايا الأمنية، فيما التقى رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد، وزير الخارجية التركي هاكان فيدان والوفد المرافق له، الذي وصل بغداد امس في زيارة رسمية. وجرى خلال اللقاء أمس (بحث العلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات، والقضايا ذات الاهتمام المشترك، بالإضافة إلى استعراض التطورات التي تشهدها المنطقة، والجهود المبذولة لترسيخ الأمن والسلم الإقليمي)، وجدد رشيد (التزام العراق بنهج الانفتاح وبناء الشراكات وعلاقات حسن الجوار مع دول المنطقة والعالم)، مشددًا على (ثوابت السياسة الوطنية القائمة على احترام السيادة وتغليب المصالح المشتركة)، داعياً إلى (تبني سياسة عادلة حول الحصص المائية تضمن الحقوق المكتسبة للعراق في نهري دجلة والفرات، وتستند إلى مبدأ تحسين إدارة ملف المياه بما يسهم في الحد من الهدر وتحقيق الاستدامة المائية)، من جانبه، أكّد فيدان (حرص بلاده على تقوية العلاقات الثنائية مع العراق وفتح آفاق جديدة للتعاون في مختلف المجالات)، معرباً عن (رغبة بلاده توسيع فرص التعاون بين البلدين بما يخدم مصالحهما المشتركة ويعزز التواصل والتنسيق المتبادل). فيما اعلن وزير الخارجية فؤاد حسين خلال مؤتمر مشترك مع نظيره التركي أمس إن (الوثيقة تمثل أول اتفاق رسمي من نوعه في تاريخ العلاقات العراقية التركية، لتنظيم إدارة المياه العابرة للحدود وضمان الاستخدام العادل والمستدام لموارد نهري دجلة والفرات)، وأضاف إن (العلاقات بين العراق وتركيا تستند إلى التاريخ والجغرافيا والمصالح المشتركة، وهي علاقات عميقة تتطور بشكل متسارع في المجالات التجارية والاقتصادية والأمنية، وتعكس رغبة الطرفين في بناء شراكة قائمة على التعاون لا التنافس)، وتابع إن (وجود فيدان والوفد المرافق له في بغداد، جاء لمناقشة واحد من أهم الملفات التي تمس حياة المواطنين في كلا البلدين، وهو ملف المياه الذي شكل على مدى عقود محوراً حساساً في العلاقات الثنائية)، وأوضح حسين إن (الجانبين عقدا خلال الأسابيع الماضية اجتماعات موسعة في العاصمة التركية أنقرة، تم خلالها التوصل إلى تفاهمات مهمة تُرجمت اليوم إلى وثيقة رسمية تنظم إدارة ملف المياه بين العراق وتركيا)، ولفت إلى إن (هذه الوثيقة تعد إنجازاً دبلوماسياً مهماً لأنها الأولى من نوعها منذ تأسيس العلاقات بين البلدين)، مبيناً إن (المباحثات لم تقتصر على الجانب المائي فحسب، بل شملت أيضاً ملفات أمنية مهمة، من بينها قضية حزب العمال الكردستاني)، مضيفاً (ناقشا سبل إنهاء وجود التنظيم المسلح في المناطق الحدودية، وبما يحقق الأمن والاستقرار في كل من سنجار ومخمور والمناطق الأخرى المتأثرة بهذا الملف)، ومضى حسين إلى القول إن (الحكومة العراقية تتطلع إلى حلول سلمية تُنهي وجود الحزب المسلح وتُعيد الاستقرار إلى المناطق الحدودية، مع احترام سيادة العراق وحقوق مواطنيه)، مشدداً على إن (الأمن المائي والأمن الوطني ملفان متلازمان لا يمكن فصلهما)، مشيراً إلى إن (الاتفاق الجديد سيشكل نقطة تحول في العلاقات العراقية التركية، ويفتح الباب أمام تعاون أوسع في مجالات الطاقة والتجارة والبنى التحتية ومشروع طريق التنمية، الذي يمثل مصلحة استراتيجية للبلدين). وكانت الوكالة التركية الرسمية قد نقلت عن مصادر في وزارة الخارجية التركية قولها إن (فيدان سيؤكد خلال لقائه المسؤولين العراقيين دعم بلاده الكامل لجهود تعزيز الاستقرار والأمن والازدهار في العراق)، مشيدة بـ(التطور السريع في العلاقات الثنائية على جميع المستويات، وتكثيف الاتصالات بين بغداد وأنقرة خلال الأشهر الماضية)، وأضافت الوكالة إن (فيدان سيعبّر عن امتنان أنقرة لروح التعاون التي أبدتها بغداد، مؤكداً أن تركيا تنظر إلى قضية المياه العابرة للحدود من منظور إنساني، وترى فيها مجالاً للتعاون المشترك وليس سبباً للخلاف، معلناً استعداد بلاده لتقديم الدعم الفني والعلمي لمواجهة التحديات المائية التي تواجه العراق، وتنفيذ مشاريع البنى التحتية التي تضمن الاستخدام المستدام للموارد المائية، كما سيؤكد الوزير التركي، إن أنقرة تعتبر نفسها شريكاً طبيعياً في مشروع طريق التنمية، الذي أطلقته الحكومة العراقية، وأنها تدعم الخطوات الرامية إلى تنفيذه لما له من أهمية في تعزيز التجارة الإقليمية وربط المصالح الاقتصادية بين البلدين).