المالِ والنساء في ميزانِ الانتخاباتِ
محمد خضير الانباري
تعدّ العملية الانتخابية واحدة من أهم مظاهر الممارسة الديمقراطية، وهي الساحة التي تتقاطع فيها المصالح، وتبرز فيها القوى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية على حدّ سواء، ومن بين العوامل الأكثر تأثيراً في هذه العملية، يبرز دور المال والنساء كعنصرين أساسيين، يتداخلان في سير الانتخابات سلباً وإيجاباً، ويشكلان معاً عموداً فقرياً لأي نظام سياسي يسعى إلى التمثيل الشعبي الحقيقي.
في معظم الأنظمة السياسية حول العالم، لا يمكن فصل المال عن السياسة، ولا يمكن تجاهل حضور النساء في الخطاب الانتخابي والمشهد البرلماني. فالمال هو الوقود الذي يُشغّل الحملات الانتخابية، والنساء هنّ القوة الناخبة الكبرى، وأحياناً الوجه الناعم للدعاية السياسية.
أن العلاقة بين المال والنساء في العملية الانتخابية ليست دائماً إيجابية؛ فهي تُستخدم أحياناً كأداة للتمكين والبناء، وأحياناً أخرى كوسيلة للتشهير أو السيطرة أو شراء الولاءات، أو ربما إسقاط الخصوم والمنافسين في أي معركة انتخابية، إذ ، يبدأ المرشح في البحث في السير الذاتية للمنافس، ربما يجد ، ثغرة مالية أو علاقة اجتماعية، أو حتى مواقف عائلية، قد تُستخدم ضده إعلامياً أو انتخابياً. يشكّل المال السياسي؛ أحد أبرز أدوات التأثير في الانتخابات البرلمانية، فقد يتحوّل التمويل الانتخابي في كثير من الأحيان إلى سلاح غير متكافئ، تستخدمه الكتل الكبيرة والأحزاب ذات النفوذ المالي والإعلامي لتثبيت مواقعها، فيما تعجز القوى الناشئة والصغيرة أو المستقلة – وخصوصاً النساء – عن مجاراة هذا الزخم المالي. إذ؛ أظهرت التجارب الانتخابية في العراق، منذ انتخابات عام 2005 وحتى 2021، بأن المال يلعب دوراً مزدوجاً، فمن جهة، يساعد المرشحين على الوصول إلى الجمهور، وتمويل حملاتهم وتنظيم اللقاءات الانتخابية، ومن جهة أخرى، قد يتحول إلى وسيلة ضغط وشراء للأصوات، مستغلاً حاجة المواطنين الاقتصادية، خصوصاً في المناطق الفقيرة.
بالنسبة المرأة العراقية، فقد حققت خلال العقدين الأخيرين، حضوراً متزايداً في الحياة السياسية، خاصة بفضل نظام الكوتا النسائية الذي ضمن لها ما لا يقل عن 25% من مقاعد البرلمان، ورغم ذلك، فإن المال ظلّ عقبة رئيسية أمام ترشّح النساء بشكل مستقل أو منافسة الرجال على قدم المساواة، فالكثير من المرشحات ، يعتمدن على دعم الكتل أو الأحزاب الكبيرة، مما يقيّد استقلاليتهن السياسية. أما في التجارب العالمية، فنرى أن المال والنساء، يلعبان دوراً محورياً في الحملات الانتخابية الحديثة، ففي الولايات المتحدة مثلاً ، لا يخلو أي سباق رئاسي من الحضور القوي للمرأة إلى جانب المرشح — سواء كانت زوجته أو شريكته السياسية — كما في حالة الرئيس الأمريكي مع زوجته التي تظهر في كل دعاية انتخابية، كرمز للاستقرار والقيم العائلية. وكذلك في فرنسا، نجد الأمر ذاته، وبعض الدول الأخرى؛ في هذه الحالات، فإن المرأة لا تُستخدم أداة انتخابية فحسب، بل تتحول إلى شريك فعلي في صناعة القرار، وصياغة الصورة العامة للمرشح، ولكن، المال يُدار وفق ضوابط قانونية دقيقة تضمن الشفافية والمساءلة، وهو ما يفتقر إليه المشهد الانتخابي في كثير من الدول النامية، ومنها العراق.