تطوّرات داخلية تتفجّر في الخارج
جاسم مراد
الوضع داخل إسرائيل مأزوم على مختلف المستويات ، اقتصاد بات يتدحرج نحو الأسوأ ، تضخم اقتصادي ، بطالة تتوسع سيما بين الطبقات المتوسطة والفقيرة ، ضعف في القوة الشرائية ، هجرة الكثير من الشركات الأجنبية العاملة في إسرائيل ، تضخم في الميزانية العسكرية ، تزايد اعداد التظاهرات ضد حكومة نتن ياهو بسبب الاسرى الإسرائيليين ، حيث لا يكاد يمر يوم دون ان تحاصر التظاهرات مسكن ومقر الحكومة ، عزلة متصاعدة في أوروبا ضد إسرائيل بسبب حرب الإبادة والتجويع لشعب غزة، شعوب أوروبية باتت تحمل حكوماتها وبرلماناتها ما يجري من مجازر في غزة نتيجة شراكاتها العسكرية والاقتصادية مع إسرائيل ، المستوطنون في شمال فلسطين لم يعودوا لديارهم بسبب الوضع الأمني والمدارس مغلقة ، المستوطنون في الضفة الغربية بسبب الخطاب الإسرائيلي العنصري يهاجمون القرى والمدن الفلسطينية ويقيموا المستوطنات بدعم من الجيش ، المقاومة في غزة وفي المقدمة حماس تواصل ضرب الجيش وايقاع خسائر مهمة بين صفوفه ، وهي ماضية متجذرة في مواقع صولاتها .
افشلت خطط عربات جدعون الأولى ، وحتماً ستفشل الثانية ، وباعتراف قائد الجيش ان القوات الإسرائيلية ستتكبد خسائر مهمة إذا لم يتم العودة للمفاوضات .
ممارسة عدوانية
كل هذه العوامل وغيرها ، دفعت بحكومة نتن ياهو الى ممارسة العدوانية السافرة ، فهي تعلن صراحة عن برنامجها الاستراتيجي في المنطقة العربية ، وتهاجم سوريا وتحتل الأراضي ، وتعتدي على لبنان يوميا وتقتل العديد من المواطنين وتدمر مساكن الجنوبيين وتحتل الأراضي ، ولم تلتزم باتفاق قرار 1701الذي على أساسه توقفت الحرب مع حزب الله والمقاومة اللبنانية بكفالة واشنطن وباريس والحكومة اللبنانية ، فيما أعلنت قوات الأمم المتحدة على الحدود بان إسرائيل لم توقف اعتداءاتها على الأراضي اللبنانية ، ثم هاجمت الدوحة عاصمة الدولة القطرية بعمل عسكري عدواني خسيس مفرط بالعنجهية والاختراق لكل القوانين الدولية ، وتعلن بشكل فاضح استمرارها بالتوسع في العديد من البلدان العربية . ثم جاء الاعتراف الدولي الغربي بالدولة الفلسطينية ، وهي دول وازنة ومهمة مثل بريطانيا وفرنسا والبرتغال وكندا وأستراليا والعديد من الدول الأخرى لتنظم الى ( 150) دولة اعترف بالدولة الفلسطينية ، وهذا الامر ليس سبب اختناق سياسي لإسرائيل ، مما جعل نتن ياهو يهدد ، وإنما هذا الموقف السياسي عزل أمريكا وجعلها في وضع لا تحسد عليه بين أمم العالم ، وكشف مدى انخراطها في حرب الإبادة الإسرائيلية لا بناء غزة ومساهمتها الفاعلة في حرب التجويع ، مما جعلها منعزلة في مجلس الامن وفقدت بريقها وسقطت شعاراتها حول الديمقراطية وحقوق الانسان ، سيما إن مناقشة مجلس الامن كانت تتعلق بايصال الغذاء والدواء والماء لاطفال وأبناء غزة ، وبعد سقوط هذا القرار بالفيتو الأمريكي ، جعل ممثل الجزاء للاعتذار من شعب غزة ، لكي يوصل لهم الرسالة هذا هو العالم الذي تحكمه أمريكا ، وهذا هو الموقف الأمريكي.
اتخاذ قرارات
كل هذا ماذا ينتج عنه ، على وفق التقارير ، فبعد فشل القمة العربية الإسلامية التي عقدت في الدوحة ولم تتخذ قرارات ومواقف تجبر الكيان الإسرائيلي على وقف الإبادة لشعب غزة ، ومنعه من التوغل في الأراضي العربية ، فأن الصراع سيتفجر من جديد ، فإسرائيل ستدير الوضع الدولي وحتى الإقليمي نحو التوسع في مهاجمة لبنان ، وهذا الامر سيدفع بحزب الله والمقاومة اللبنانية في حل من الاتفاقات التي رعتها أمريكا وفرنسا لتقييد الهدنة بتنفيذ قرار مجلس الامن (1701) لكون إسرائيل لم تلتزم بذلك ، كما إن المؤشرات التي افرزتها الترويكا الأوروبية ورفض واشنطن الاتفاق الإيراني مع المنظمة الدولية للطاقة النووية بمنع استهداف النووي الإيراني في أي صراع مسلح ، مما يعطي لإسرائيل مساحة للتحرك العسكري وشن حرباً جديدة ضد ايران بدعم امريكي، بالإضافة للتوسع واحتلال الأراضي الجنوبية لــــسوريا ، رغم المفاوضات الجارية بين دمشق وتل ابيب برعاية أمريكية ، فإسرائيل ليست الدولة الملتزمة بتعهداتها والمواثيق الدولية ، ويشهد على ذلك تاريخها منذ اكثر من (70) عاما بعد احتلال فلسطين وتوسعها الراهن في الضفة الغربية وتأكيدها بأن هذه الأرض هي لإسرائيل وحدها .