الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الملائكة ومجمع الاونوناكي …ينشدون ..شكراً ياحسين..


الملائكة ومجمع الاونوناكي …ينشدون ..شكراً ياحسين..

مزهر الخفاجي  

 

على مقربة من دجلة ..في الوقت الذي حطت نوارسها بعد يومٌ طويل…

شاهدتُ عراقيين ، أعرفُ بعضهم ولا اعرفُ الكثير وهم يسارعون لحجز مقاعدهم في مسرح الرشيد..

بعد دقائق همهمت كورال الموسيقى ، وهو يردد السلام الشعائري الحسيني (أيقونة الرواديد) ، والذي كنا منذ الخمسينيات ‏نسمعها في مدينة بغداد والثورة والشعلة والشعب والعامل ، (

جابر يا جابر ما دريت بكربلاء صار ..

من شبوا النار والحرم شاطت للمعارة تريد اهاليها..)

‏ومن حيث لا أدري .. أحسست أن الجميع تنكب لامة حزنه..

‏فمنهم من وضع يده على قلبه .. وآخر يضرب على صدره ،والآخر  يضرب على فخذه …

اما النساء الحاضرات فقد تبخرن بحزن سيدتي (زينب ) والاخر ينشد بصوتٍ هامس..

(يا حسين بضميرنا.. احنا بيك آمنا..

‏وما ان دخل المايسترو  (علي خصاف ) قابضاً على جمرتي الحزن والجمال ، … حتى أحسست أن الذين يرددون مع الكورال هم "الانوناكي" مجمع الآلهة السومرية القديمة.. وملائكة الله الصالحين الذين شهدوا الواقعة في سنة (٦١هـ) ..وقد حضروا جميعاً في موكب العزاء والانشاد  بحب الحسين وتلبسوا ارواح رواديد هذا المنبر ….

وتخيلت ..(الشيخ وطن ، وياسين الرميثي ، وحمزة الصغير ، والنويني)

ولافتات مكتوب عليها :-

أنا گلگامش ابن ننسون ..

أعزيكم بملحمة الحسين انحني اجلالاً للفتى الثائر …

فغني بذكر الحسين يابلادي…

وعلى اليسار لافتة مكتوب عليها (ديموزي/تموز) وهو يعيش مأساته مكتوبٌ  ….

(أعزيكم ايها المثكولين …

بأستشهاد هذا الفتى الباسل…)

وهنا ذهب خيالي الى لافتة مكتوب عليها ..

(السلامُ على الحسين ..شهيد الكلمة )

وأبصرتُ عيسى اليسوع عليه السلام ..

يحاول أن يفك قيده …

لاطماً على صدره..

صارخاً ..السلام عليك ياقربان الله..

السلام عليك أيها المصلوب …

السلام عليك ..وعليَّ..

نحنُ قرابين هذا العالم الظالم…

وأبصرت الهمام (قاسم ماجد ) في موكب العزاء الحسيني المهيب يُرحب بالمعزين واحداً واحد..

وهو يأخذ بأحضان ..

الفرزدق ، ودعبل الخزاعي، والامام الشافعي ، واحمد بن حنبل ، ومحمد مهدي الجواهري، وعبد الرزاق عبد الواحد، ومحمد الشامي ، وليث البغدادي، وكريم الرسام ، وسامي هيال…

‏وما أن ينتهي أحد الشعراء والمنشدين من أداء تعازيه حتى يردد طالب عاصي:-

(مولاي ابا عبدالله ..أحبك..وأطلع من ديني وتردني..وألتهي بغيرك وانت تفگدني..)

فما كان من الرادود حينها  (قاسم ماجد)  إلا ان يستلهم الحزن عند الحاضرين  فأخذ يردد:

(ياحسين ..ياحسين..وانت الدليل الى الكبرياء..

وإنك معتصم الخائفين ، يامن من الذبحِ لم يعصمِ..)

وهنا صرخ محمد الشامي ،بالجميع ..

(من چف عباس ..لحد سهم العين..

وعلى مد الشوف ..شكد محبين…

بشكراً ياحسين ..)

وشكراً للذي وحدنا ،

شكراً لقاسم ماجد ، وعلي خصاف، ومحمد الشامي ،وسليم سالم، ومناضل التميمي، وماجد عودة ، وفائز سالم ، وقاسم السوداني..

وهو يقدم سرديتاً فنية وموسيقية وفكرية وثقافية من نوع رفيع …

نعم ..شكراً للحسين وهو يحضر بيننا كل عام وانا أجزم ،  مصيبة كربلاء لو كانت قد جرت في مكان اخر لما  خُلدت كما هي في العراق ابد  الدهر ، فنحن العراقيين صُناع ملاحم ويكفينا شرفاً أنا أعلينا سفينة نوح /اوتانبشتم ..

وأيقنا أن الموت مُقدر لا محال …وان الاعمال هي التي تخلد والاجساد تبلى..

وسجلنا لگلگامش مسيرة بحثه عن الخلود ، ووثقنا مأساة ديموزي/تموز…

وثغبنا عليها كثيرا…

وكتبنا قوانين الكاهن أوركاجينا ..

 نعم شكراً للحسن وهو يوحدنا من جديد على جادة الحق وشكراً لشعرائنا وملحنينا ومطربينا وموسيقيينا…وهم يقدمون قراءة لمصيبة كربلاء في موكب حسيني فني، وبكائي جميل ..

بعد أن اختلفت عليها المدونة التاريخية ولم تصمد (تشابيهنا ) عن انحراف مخيلتنا ولم يصمد خطابنا المنبري امام الكثير من المعادلات الصورية وزيغ البصر والبصيرة ..

شكراً لك سيدي الحسين ، وانت تستدعي فينا فنانين وشعراء وموسيقيين ومفكرين صحوة ان نعيد أنتاج قضيتك بأحتراف واحترام ..

لتمطر في صفر دموع المحبين ليصرخ الجميع ..

لبيك ياحسين ..


مشاهدات 117
الكاتب مزهر الخفاجي  
أضيف 2025/08/24 - 3:16 PM
آخر تحديث 2025/08/25 - 9:52 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 280 الشهر 17786 الكلي 11412872
الوقت الآن
الإثنين 2025/8/25 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير