بازار التحفيات التاريخي ينعش قطاع السياحة في أنقرة

الأنتيكات العثمانية القديمة تحكي قصصاً تاريخية لحقبة زمنية طويلة

جمعية الأناضول أحيت التراث التاريخي والثقافة الأثرية في تركيا

صلاح الربيعي

تزدهر المدن التركية سيما العاصمة أنقرة  بعدد من الأسواق والبازارات والمتاجر التاريخية والتراثية التي تضم مجموعة من المحال المختلفة التي تعرض البضائع المتنوعة من التحف والأنتيكات القديمة والثريات الزجاجية الملونة والفخاريات والنحاسيات وبعض الأدوات والكتب التاريخية القديمة  إضافة الى مقتنيات مختلفة من العملات النقدية المعدنية والورقية التي تصل أسعارها الى مبالغ كبيرة لما تشكله تلك البضاعة من أهمية وقيمة تاريخية كبيرة يقوم بشرائها عدد كبير من المهتمين بتلك المقتنيات سواء كانوا من العرب أو الأجانب أو سكان تركيا انفسهم وهذه المحال والأسواق تمارس عرض بضاعتها منذ سنوات طويلة وتلقى إقبالا كبيرا من قبل عشاق تلك المقتنيات سيما المصنوعة يدويا والمتميزة بالنقوش والزخارف التي يعود تأريخها الى 200 عام أو ربما أكثر وهي مازالت محتفظة بجمالها ومتانتها وهنالك بعض الأنتيكات مرتبطة بحياة الناس والأحداث التي عاشوها كالمخطوطات والآلات السمعية والموسيقية والمسكوكات الفضية .

نماذج مصغرة 

كما تعرض تلك المحال التاريخية الكثير من الأدوات النحاسية والفخاريات والسجاد بالإضافة الى أنواع من أدوات الحروب كالسيوف والرماح والمنحوتات وحتى نماذج مصغرة  للمدافع العثمانية العسكرية القديمة التي استخدمها الجيش العثماني في الحروب آنذاك كما يتم عرض الكثير من الوثائق التي تؤرخ لأحداث مهمة جرت على الأتراك خلال الحكم العثماني الذي ترك أثرا تاريخيا واضحا لايمكن تجاوزه ولتعدد الأذواق فان تلك الأسواق تشهد إقبالا واسعا لعدد من فئات المجتمع سيما في المواسم السياحية  فمنهم من يرتاد تلك البازارات  ليستمتع بمشاهدة الأشياء والبضاعة التاريخية المعروضة فيها  كونها تعيده الى ماض من الزمن البعيد والذي يمكن أن يرتبط بحدث أو شخصية بارزة ومهمة عبر التأريخ فيما تمثل بعض التحف للآخرين شيئا قيماً وليس مجرد قطعاً أو تحفة  قديمة بل كونها ترتبط بحضارة إنسانية متنوعة المعالم  يمكن العودة إليها واستذكار تفاصيلها وما تحمله تلك التحف والأنتيكات من حكايات حقبة معينة  إضافة الى اختزالها  تراكماً حضارياً أو علمياً حديثاً  كاختراع المذياع وظهوره بالنسخة الأولى التي بدا عليها في ذلك الزمن   والجرامافون وبعض الآلات الموسيقية التي كان اقتناؤها حكراً على الأسر الحاكمة والطبقة الأرستقراطية وكذلك ظهور الآلة الكاتبة التي شكلت ثورة معرفية  آنذاك  وبقدر ماتمثله تلك التحف كبضاعة تجارية رائجة  إلا أن العمل بها يعتبر إنقاذا لها من التلف أو الاندثار والاهتمام باقتنائها يشكل سبيلا للحفاظ عليها  وتناقل حكاياتها ومسمياتها والتعريف عنها بين الأجيال المتعاقبة وتخضع أسعار تلك التحفيات والمقتنيات والثريات الى تاريخ ومصدر منشئها أو صناعتها وعدد المعروض منها بتلك الأسواق فكلما كانت نادرة يكون سعرها باهظا وكلما كانت أقدم عمراً كان سعرها أعلى وتزداد قيمتها كلما كانت على هيأتها الأصلية ولم تخضع للترميم أو التحوير ومن جهتها تعمل الحكومة التركية جاهدة على تشجيع مظاهر إحياء الثقافة والتاريخ وحماية القطع والمشغولات اليدوية الأثرية وهناك جمعية مهتمة بهذا القطاع اسمها جمعية الأناضول لإحياء التراث والثقافة والقطع التاريخية  الأثرية التي تضم نحو 80 تاجراً مختصاً بهذا المجال.

انتيكات قديمة

وهم إلى جانب كونهم تجاراً فهم  خبراء أيضا في الأنتيكات والمقتنيات القديمة وهم وحدهم من يقيم تلك البضاعة ويحددون عمرها وماهو الثمن الذي تستحقه وهل يمكن بيعها بشكل مباشر أم عن طريق المزاد ؟ كما تنظم البلديات التركية ومنها بلدية أنقرة مهرجانات ثقافية لعرض التحف القديمة والتاريخية في محاولة لإحياء التراث والترويج للسياحة إضافة لذلك يتم إقامة مهرجان الأنتيكا وبشكل سنوي مع بداية شهر أكتوبر تشرين الأول ويستمر الى مدة 50 يوما وسط العاصمة إسطنبول وفي هذا المهرجان الذي انطلق  منذ 30 عاما يتم  فيه عرض معظم القطع الأثرية القديمة من الآلات الكاتبة وحتى عربات الخيول والسيارات القديمة كما يعرض المهرجان تحفاً مقلدة للتحف الأصلية أو نماذج مصغرة لها يتم شرائها كتذكار وبأسعار زهيدة جداً.وتضم تلك الأماكن والبازارات  التاريخية الثابتة   أماكن للاستراحة كالمــــــــــقاهي  والكافيهات والمطاعم الشعبية الصغيرة المحدودة  وبعض المحال القليلة المساحة  لبعض الحرفيين القدماء وتتخلل تلك الأسواق بعض البيوت والبنايات القديمة التي مازالت على طرازها القديم من حيث التصميم وطريقة البناء مما ينجذب إليها عدد كبير من السائحين وهم يتطلعون الى جمال وتقنية البناء الذي تطغى عليه النقوش والزخرفة النباتية والهندسية والمرتبطة بالفن المعماري الذي ازدهر في العصر الإسلامي  .