الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
قراءة في كتاب علي الوردي.. خوارق اللاشعور أو أسرار الشخصية الناجحة


قراءة في كتاب علي الوردي.. خوارق اللاشعور أو أسرار الشخصية الناجحة

محمد المعموري

 

من الملاحظ ان ( د. علي الوردي ) حرص كل الحرص على ان تكون مقدمته لهذا الكتاب مطولة تجمع بين اطرافها ما يريد ان يصل به الى ذهن القارئ  على عجل قبل ان يدخل في صلب الموضوع فشملت مقدمته على محاور كثيرة واهمها تحليل الشخصية البشرية التي تتركز كل التركيز في كتلة السواد الاعظم من الشعب واعني بالطبقة الكادحة التي لا تحلم بمنصب سياسي او اداري وهمها كل الهم الحصول على قوت يومها وقد لا يتوفر .

لذا فانه كان على استعداد ان يستغني عن القراء لإتمام كتابه واكتفائهم بما طرحه في المقدمة التي اعطت ما يريد ان يقوله وترك الثلة التي تريد تتبع موضوعه بين فصول ما تبقى من كتابه الذي تناقض فيه بين مصدق ومتعجب وبين ضياع الروح وترجيح العقل فاصبح يستحضر  افكار  الفلاسفة  دون ان يستحضر روحه في تفسير ما يدور حوله من مظاهر طبيعية تجول في النفس البشرية وقد اعطى الحق لنفسه ان يجبر من يقرا كتابه ان يصدق ان العقل وما اطلق عليه ( العقل الباطن ) هو من يحرك الابداع ويتحرر من قيود العقل الذي نعيش في تفاصيله يوميا  فنطبق قول الله تعالى عليه

( قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا « الاسراء ) .

وحقيقه  انه صور في مقدمته اهم جوانبه  حال العلاقة بين الحاكم والمحكوم وتطرق بإسهاب الى حال المحكوم وطموحاته وتطلع الحاكم وطموحه واهم ما يمكن ان يركز عليه هو ان الحاكم قد ينسى نفسه وقد يقفز من مركب الشعب الى مركب اخر في عالم اخر فتهيء له بطانته ان الشعب يعيش كيف ما يعيش  وان الحكمة من الله سبحانه وتعالى ان نصب عليهم «حاكم فذ»  كما هو على شعبه , وهنا تكمن الماسات لأننا سنواجه طبقات منتفعه تحف الطبقة الحاكمة وهذه الطبقة هي التي ستصرف امور البلاد والعباد بما يخدم مصالحها متجنبة ما يمر به الشعب من ماسي فتصور للحاكم ان الشعب في نعيم وامن وامان وان ما يمر به من رفاهية تفوق ما كان يحلم به .

تدبير العيش

اعتقد هذا ما كان يريد ان يصل له ( د. علي الوردي ) في هذا الجانب بالتحديد فان اغلب الشعوب العربية قد انغمست في تدبير العيش لأفرادها  وان ما يمر عليها من تغيرات سياسية فهي غير معنية به وان ما يصدر من الحاكم فهذه الطبقة هي في منأى عنه لأنها قد انشغلت في اهم شيء كان من المفروض ان تنشغل به الحكومة وهو توفير العيش لشعبها ولكن ...

لذلك فانه كان حريصا على ان يجعل مقدمته تحوي كل الصور لتجمع كل افكاره بين سطورها واذا مكن القارئ من ان يقرا مقدمته فقط فانه قد دلى دلوه في عقله وقد وضع في افكاره من السطور التي شملت افكار الكتاب .

لقد تغلب العقل على الروح في طرح الكاتب فهمل جانب الروح ولجا بشكل كامل الى العقل وعزز ما يريد ان يطرحه بأمثلة من البشر ممن سبقوه في الغور في النفس البشرية , وبهذا اجده قد ابتعد ابتعاد كبير عن الطبقة التي كان يسلط الضوء عليها وهي طبقة عامة البشر لأنه نسى او تناسى ان الطبقة الفقيرة لم تفكر في العقل بقدر ما تفكر بما تؤمن به من قدرة الخالق سبحانه وتعالى على مد العون لهم والوقوف معهم في تجاوز الضيق والحاجة والمرض ولم نجد له اي تقريب من قريب او من بعيد من دعم للروح من كتاب الله سبحانه وتعالى ( القران الكريم ) بل ابتعد عن دستور المسلمين لتكون افكاره مقيده بدراسات استنتجت من قبل بشر صدقوا او كادوا يكذبون .

لسنا هنا بصدد نكران جهد العلماء في دراسة شخصية  الانسان  ولكننا يجب ان لا نرجح العقل على الروح لأننا بطبيعة خلقنا قد خلقنا بعقل محدود ( (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85) الاسراء ) ) فكيف لنا ان نقود حالنا الى علم قليل وفق عقل ليس له الا ان يخضع لطبيعة الانسان فتحركه ارادة الله سبحانه وتعالى .

ان من اهم مظاهر مجتمعنا العربي هو ان يلجا الى  الله في اي مصيبة تقع عليه (( فَإِن تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِللهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (129) التوبه ) ) وفي كل حال من الاحوال فأننا نعلم ان كل الخير من الله وان ما يصيبنا من شر فهو من انفسنا ( (مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا « النساء « ) .

ان اهم ما يؤمن به الانسان في مجتمعنا ان كل شيء قد توضح له بصورته التي رسمها له الله سبحانه وتعالى منذ ان كان نطفة الى ان يموت وان القدر خيره وشره سيلاحقه بقدر ما كتبه الله له (وكل شيء جعلناه بقدر»القمر»  ) .ان الابتعاد عن عالم الروح والتي هي كانت خصيم الكاتب بكتابه واللجوء الى العقل يدخلنا في مداخل تجمع بين الضياع وفقدان البوصلة فان في مجتمعنا عندما تضيق علينا الدنيا لا نجد ملجا الا  الله فهو قريب (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ [سورة البقرة:186) فكيف للعقل ان يستجيب لأنسان احاطت به الهموم دون ان تحركه روح تنتفض لتجد المدد والعون والسند من رب العباد الذي تعهد برزقها وشفائها وجنبها شر الاشرار(وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) “الشعراء “). 

لازلت في المقدمة هذا الكتاب ، وقد يحركني فضولي لا غور في فصوله لابين التناقص بين العقل والروح وبين ما تمليه عليه بحوثه وبين حقيقة ارتباطنا بخالقنا وثقتنا بانه يوزع الارزاق كيف ما يشاء وبقدر ما تحتاجه البشرية بنظام لم يدركه العقل ولكن للروح متنفس فيه .

  فهل ساجد ضالتي في سطور مما سياتي عليه في الفصول القادمة فانا اطمع ان ادونها في قراءة قادمه لعلنا نقارن بين ما توصل اليه في كتابه من معاناة المواطن او انه يتفاجأ بان كل ما يحدث مدون في كتاب (قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى (52) طه) . 

 


مشاهدات 134
الكاتب محمد المعموري
أضيف 2025/06/14 - 12:35 AM
آخر تحديث 2025/06/15 - 3:37 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 107 الشهر 9548 الكلي 11144202
الوقت الآن
الأحد 2025/6/15 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير