الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
صعلوك بداوة وصعلوك حضارة

بواسطة azzaman

صعلوك بداوة وصعلوك حضارة

قاسم حسين صالح

 

كنت استطلعت رأي الشعراء والنقاد العراقين فوجدتهم لا يمتلكون مفهوما موحّدا ومحددا بخصوص الصعلكة..فالشاعر الراحل الفريد سمعان وصف الشعراء الصعاليك بأنهم «كانوا يعملون بحرية وانطلاق اكثر من سواهم،وعدم التقيد بالتقاليد الاجتماعية،وجاءت تسميتهم بالصعاليك من خلال احتقار الأثرياء لهم لتشويه سمعتهم»، فيما وصفهم الناقد دكتور محمد صابر  بأنهم»اولئك الذين يتماهون مع ذواتهم على نحو مطلق ويستجيبون لأهوائهم الشعرية بلا حدود..يهملون كل شيء الا رغبتهم في التهام الحياة».

اليكم نموذجان..الأول يمثل صعاليك البداوة ،والثاني يمثل صعاليك الحضارة.

 صعاليك البداوة..عروة بن الورد(ولد 555م)

والملقب عروة الصعاليك.. شاعر من قبيلة عبس وفارس من فرسانها ويعد من اشهر شعراء العرب قبل الاسلام(الجاهلية) ومن اكرمهم..امتاز بأنه  كان يجمع الفقراء ويغزو بهم ،وكان يترأسهم لا لكونه شاعرا بل لأنه كان فارسا وكريما.وما يميزه ايضا أنه كان يمارس الغزو لا على الأسلوب الشائع حينذاك حيث قبيلة تغزو قبيلة بل استهداف الاغنياء فقط..أي أن الشعور بالظلم واللاعدالة الاجتماعية كانا الدافعان الرئيسان لتمردهم ، فيما يميز «صعاليك الحضارة» انهم يشعرون بحيف الاستحقاق ،وان شعورهم كان ذاتيا وانهم يختلفون عن صعاليك البداوة في وسيلة التعبير .فصعلوك البداوة كان يغزو ويحتمي بالصحراء فيما صعلوك الحضارة لا يمتلك فرصة الافلات من السلطة ،فكان يسّرب او ينفّس عن تمرده او احتجاجه بالسخرية من الواقع في شعر يصاغ بمفارقات نقدية «كريكتورية»جميلة يمتلك شرعية اجتماعية وذائقة ادبية كالتي تمتع بها الشاعر حسين مردان،او الهروب من الواقع والارتداد الى الذات والانتحار التدريجي بالادمان على الكحول كما حصل للشاعر عبد الامير الحصيري.

صعاليك الحضارة (جان دمو- ت 2003)

اذا كانت الصعلكة تعني الفقر فان جان دمو..معدم.وان كانت تعني عدم التقيد بالتقاليد الاجتماعية،والخروج عن التيار العام المتعارف عليه،وأن الصعلوك هو الذي يتماهى مع ذاته ويستجيب لأهوائه الشعرية بلا حدود..ويهمل كل شيء الا رغبته في التهام الحياة،وأنه مثقف محتج على الواقع الاجتماعي والسياسي والثقافي..فانها متوافرة فيه. ولّد حافيا..و كان في حياته وملبسه ومأواه ومأكله يشبه ديوانه (اسمال).

  ومثال عن صعلكته يحكي صلاح حسن (ايام الحرب العراقية الايرانية)..في ليلة عادوا بها من الجبهة الى بغداد..وافتقدوا جان فيقول احدهم: ربما يكون مسافرا،فيجيب سركون:صحيح يجوز رايح لكركوك،فيعلق صلاح:وين يولي هو حتى بيتهم بكركوك ما يندله..بعدين هو ما عنده لا هوية ولا دفتر خدمة ولا اي وثيقة والسيطرات بكل الشوارع واذا لزموه بعد الله ما يطلعه..

 

 

 

 

 


مشاهدات 56
الكاتب قاسم حسين صالح
أضيف 2025/06/11 - 2:07 PM
آخر تحديث 2025/06/15 - 12:43 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 380 الشهر 9821 الكلي 11144475
الوقت الآن
الأحد 2025/6/15 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير