تعليم فاشل بثمن باهظ
هند الحافظ
شهد العراق في العقود الأخيرة انتشارًا واسعًا للمدارس الأهلية، حتى أصبحت ظاهرة متزايدة في جميع المحافظات. وقد ظهرت هذه المدارس في البداية كبديل للمدارس الحكومية المزدحمة أو المتعثرة، لكنها مع مرور الوقت أثارت الكثير من الجدل بسبب مستوى التعليم فيها، والغايات التي تقف وراء تأسيسها،
فرغم التكاليف العالية التي تفرضها هذه المدارس على الأهالي، إلا أن التعليم فيها غالبًا ما يكون دون المستوى المطلوب. ويكمن فشل التعليم فيها الى عدة أسباب، أبرزها:
ضعف الكادر التدريسي: فأغلب هذه المدارس تقوم بتوظف تدريسيين غير مؤهلين، برواتب منخفضة، مما ينعكس سلبًا على جودة التعليم ، كما ان جل تركيزها على الربح المادي: ففي الغالب تكون الغاية الأساسية للمدرسة تحصيل أكبر قدر ممكن من الأرباح، على حساب العملية التعليمية وبالنتيجة فأن هذه المدراس تضمن النجاح للطلاب دون جهد حقيقي، بهدف إرضاء الأهالي والحفاظ على سمعة المدرسة كمكان “يؤمن النجاح” بغض النظر عن مستوى الطالب .
إن انعدام الرقابة الحكومية و ضعفها سمح لهذه المدارس أن تعمل بمعايير متدنية دون محاسبة.ففشل التعليم في هذه المدارس أدى إلى تدهور المستوى الأكاديمي العام، وخروج أجيال تفتقر إلى المهارات والمعرفة الحقيقية. كما زاد من الفجوة الطبقية، حيث أصبحت فرص التعليم الجيد محصورة بفئة صغيرة قادرة على دفع مبالغ باهظة للمدارس القليلة ذات الجودة العالية .
حقيقةً ان التعليم في العراق يواجه أزمة حقيقية، والمدارس الأهلية رغم أنها جاءت كحل بديل، أصبحت جزءًا من المشكلة بدلًا من أن تكون جزءًا من الحل. ما لم يتم تنظيم عملها ومراقبتها واخضاعها لرقابة صارمة وتحقيق توازن بين الرسالة التربويةوالربحية، فإن مستقبل الأجيال القادمة سيبقى مهددًا بمزيد من الجهل والتراجع.