الشكوى من الإخوان
حسين الصدر
-1-
الشكوى من الأصدقاء قديمة جديدة، وقد اصطلى بجمرة المعاناة من تذبذب أحوال الأصدقاء الكثيرون، حيث يُظهر المتذبذبون غير ما يبطنون، يستقبلونك بلسان عذب وكلمات وديّة، ويُعربون عن مشاعر فياضّة ، ولكنهم في الحقيقة ليسوا كذلك وربما انحازوا الى اعدائك وكانوا عليك بدل أنْ يكونوا لك .
-2-
ومن أبرز النصوص الشعرية التي تعكس هذه الحالة بجلاء قول (عليّ بن فضّال ) المكنى بأبي الحسن القيراوني صاحب التصانيف :
وإخوانٍ حسبتُهم دروعاً
فكانوها ولكنْ للأعادي
وخلتهُم سهاماً صائباتٍ
فكانوها ولكنْ في فؤادي
وقالوا : قد صَفَتْ منّا قلوبٌ
لقد صدقوا ولكن عَنْ وِدادي
-3 –
يسقط من عين المنصف كل مَنْ راوغ، وداف السم في العسل، ولم يكن بحاجة الى هذه الأكاذيب .
-4-
وقد قال أبو إسحاق الشيرازي الفيروز آبادي :
سألتُ الناس عن خِلٍّ وفيٍّ
فقالوا : ما الى هذا سبيلُ
تَمَسَكْ إنْ ظفرتَ بودِ حُرٍّ
فانَّ الحُرَّ في الدنيا قليلُ
وهذا البيتان يعكسان خيبة الأمل في الأصدقاء الذين غاب عنهم الوفاء ، وشاركه في هذه الخيبة مَنْ عاشرهم وعاش معهم من الناس .
-5-
ومن نافلة القول التأكيد على أهمية الصدق في التعامل مع الأصدقاء والتحلي بالقيم الكريمة، بعيداً عن كل ألوان النكوص عن المواقف الطيّبة الموارة بعطر الاخاء والوفاء .
ولا يستحق المخادع الاّ التوبيخ والتقريع .