الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
جامع الحيدرخانة .. مائة عام من تاريخ الوحدة الوطنية    1- 2

بواسطة azzaman

أبنية تراثية بغدادية

جامع الحيدرخانة .. مائة عام من تاريخ الوحدة الوطنية    1- 2

صلاح عبد الرزاق

 

منذ عشرينيات القرن الماضي شهد جامع الحيدرخانة انطلاق أولى نشاطات الوحدة الوطنية وتحديات للاحتلال البريطاني. إذ ساند السياسيون والوجهاء والصحفيون ثورة العشرين 1920 المجيدة وتجمعوا في (الجامع الثائر) كما سماه أهالي بغداد ليعبروا عن تضامنهم مع الثوار والمرجعية والعشائر ، وطالبوا باستقلال العراق.

محلة الحيدرخانة

وهي إحدى المحلات البغدادية القديمة وتقع في جانب الرصافة ، في مركز بغداد العباسي والعثماني. أما حدودها فمن الشرق محلة قنبر علي ، ومن الشمال محلة قرغول ، ومن الغرب محلة الميدان ، ومن الجنوب محلتي جديد حسن باشا والعاقولية. وعند شق شارع الرشيد عام 1916 تم تهديم العديد من البيوت والأبنية في المحلة.

 كانت تسمى بمحلة سوق الثلاثاء ثم سمي بسوق السلطان في العصر العباسي. كما عُرف بسوق الطويل لأنه كان يمتد من الشورجة جنوباً ثم يستمر شمالاً حت باب المعظم أو باب السلطان الذي هُدم عام 1932م. (1)

وفي القرن السادس عشر الميلادي عُرفت باسم الحيدرخانة. ويعود اسمها إلى اسم تكية للصوفية تنسب لشخص اسمه حيدر. وكانت التكية تقع في مدخل سوق الحيدرخانة على يمين شارع الرشيد حالياً. وأشير إليها في وقفية متأخرة عام 1890م بوصفها داراً في محلة الحيدرخانة. وفي عام 1926 باعها بعض متوليها ، فجرى هدمها وبناء فندق مكانها ، ثم تحولت إلى مخزن. وفي الستينيات تم هدمها وبناء عمارة شغلها محل تجاري عرف بمحلات التيسير التي تقع قبالة شارع الزهاوي من الجهة الأخرى من شارع الرشيد.  ولا علاقة لحيدر جلبي الشابندر صاحب حمام المالح المؤسس عام 1650 باسم المحلة ، فالمحلة أقدم من ذلك

من أبرز معالم المحلة جامع والي بغداد حسين السلحدار المشيد عام 1673م ، ودار والي بغداد أحمد باشا البزركان (1690- 1693م) التي كانت تقابل جامع الحيدرخانة. وقد تحولت الدار بعد ان باعها ورثتها اثر انتهاء الحرب العالمية الاولى الى مدرسة (شماش) الاعدادية اليهودية، ثم اعدادية (شرافت) الايرانية ، ثم نقضت أخيراً.

وقد سكن المحلة كبار الشخصيات والعائلات البغدادية، وخرجت العديد من الرموز السياسية المعروفة، وعلى سبيل المثال لا الحصر بيت الجادرجي والشابندر والخضيري الدفـتري والتتار والبازركان والجلبي والدامرجي والعديد من العوائل الاصيلة. وسكنتها شخصيات بارزة مثل نوري سعيد وسعيد قزاز بالإضافة إلى شعراء أمثال معروف الرصافي وجميل صدقي الزهاوي.

مساجد سبقت جامع الحيدرخانة

بني جامع الحيدرخانة على أنقاض مساجد قديمة كانت مشيدة في عهد سابق على نفس الأرض. فقد أنشأ الخليفة الناصر لدين الله العباسي سنة ( 573 هـ /  1178م) ، وعُرف بمسجد الخبازين ، ووصف بأنه قريب من عقد الحديد ، في سوق الثلاثاء الذي سبق ذكره. ونسب ابن الساعي بناء هذا المسجد إلى السيدة بنفشا زوجة الخليفة المستضيء بالله والد الناصر  لدين الله عام (569 هـ / 1174م ). (2)

وجاء اسمه حسن وبنى مسجداً في عام (1207 هـ / 1792 م) بعد أن اضمحل وتهاوى المسجد العباسي. ففي عام 1966 قامت وزارة الأوقاف بتعمير جامع الحيدرخانة ، وعثرت على قطعة من الرخام فيها أبيات شعرية تذكر حسن. (3)

داود باشا باني الجامع

وهو أحد ولاة بغداد الذين عُرفوا بالشدة والصرامة في معالجة الاضطرابات الداخلية . وله خبرة في الإدارة من خلال توليه مناصب إدارية وعسكرية. وبعد انتهاء ولايته في بغداد عام 1826 تم تعيينه واليا على البوسنة عام 1832 ، وعلى ولاية أنقرة عام 1839 ، وعلى الحجاز عام 1845 ، ثم توفي عام 1850 ودفن في المدينة المنورة. (4)

وعندما وصله فرمان ولاية بغداد والبصرة والموصل كان  في قرية (طقمقلو) في كركوك يقود حملة عسكرية ، بعد عزل الوالي سعيد باشا. وسعى داود باشا إلى إبعاد الأهلين عن شؤون الإدارة . (5)

وصل بغداد في موكب فخم في 5 ربيع الآخر سنة ( 1232 هـ /21 شباط 1817م) فتوقف خارج الباب الشرقي ونصب خيامه هناك ، ثم استقبله الأعيان والعلماء والأركان، فدخلها مساء بابتهاج من الأهلين. مضى من وسط المدينة فتعالت الأصوات من كل صوب بـ (خير مقدم) و (مرحبا).

في اليوم الثالث استقبل المهنئين من العلماء والأعيان وصنوف الجيش والندماء ووجهاء البلد وعموم العثمانيين ، فتألف الديوان العظيم وازدحم الخلف ، فقُرئت المناشير على الملأ ، وأجريت مراسيم الأفراح. (6)

وقام داود باشا بتعيين طاقم إداري جديد في دواوين الولاية ، ثم باشر بتنفيذ سياسته في القضاء على القلاقل وأعمال التمرد والشغب والفتن في أنحاء العراق، فاستقرت الأوضاع وهدأت الأمور، فساد الأمن والسلام. وأرسل قوات عسكرية لمواجهة عشائر بني تميم والباوية من شمر ، والنجادة من الدفافعة ، والبو موسى ، وعشيرة بني عمير ، والمتمردين في المحمودية ، فقضى على التمرد والعصيان وألزمهم بالطاعة .

وفي العام التالي 1817 م قام داود باشا قبل وساطة عشائر الدليم من قبل عبد الله بك الشاوي وعبد الله آغا بلوك باشي بيارق الخيالة. فاختاروا الطاعة وقدموا مبالغ وفيرة وهدايا عظيمة تفادياً لمواجهة حملة الوالي مثل ما حصل لعشائر أخرى. (7)

وبعد عامين رفضوا دفع الضرائب وأداء الخدمة العسكرية ، فأرسل إليهم جيشاً عظيماً بقيادة الكتخدا محمد الكهية ، فهرب شيوخهم وعشائرهم إلى الغابات والأماكن المنيعة ، ومنهم من فر إلى الحويجة. تقدم الجيش وتصادم الفريقان من الضحى إلى المغرب ، وانتعت المعركة بانتصار جيش الوالي وهزيمة عشائر الدليم.

بعد أن قضى على تمرد الدليم ، توجه الكتخدا إلى عشيرة زوبع ومن بقي من عشائر البو عيسى والجميلة الذين كانوا متفقين من الدليم. وكانوا قد هربوا إلى الفيافي والقفار ، لكن البو عيسى والجميلة تعهدوا بدفع النقود وطلبوا العفو ، فقبله وعفا عنهم. (8)

وقام داود باشا بحملة إعمار وبناء . ففي عام 1820م أمر ببناء قصر فخم في حديقة في الفريجات في الأعظمية. وأمر بتعمير باب السراي لأن لم يعد لائقاً ، فقام بتوسعه ، وجعل عن يساره برجاً. وتم تزيين السراي بالنقوش والزخارف ، واستمر العمل بالتزيينات ثلاثة أشهر، وتم إجراء مراسم الافتتاح وفُرش بأنواع الفرش ، وجلس الوالي مع الوجهاء ، وتقدم الشعراء في وصف الإنجاز وأرخوا لبنائه. (9)

كما أوعز بوضع مضخة ترفع الماء بدلاً من الكرود والبكرات المعتادة . وكان الميرزا عبد المطلب قدم من إيران ومعه هذه الآلة. ولما شاهدها داود باشا ومعانوه تعجبوا من صناعتها. وأجزل العطاء على الميرزا وطلب منه أن يقيم في بغداد ليتعلم سائر الناس منه ، وأجرى له راتباً. وقد سميت المضخة على اسمه نجل داود باشا واسمه طوسون يوسف ، فسميت بـ (چرخ يوسف). (10)

وفي عام 1820م ظهر لأول كرة وباء الكوليرا أو الهواء الأصفر أو الهيضة. وكان قد فشا في الهند ثم انتقل إلى البصرة ، فمات خمسة عشر ألف من أهلها بسبب الوباء. وصار الناس يهربون إلى القرى والأرياف. وسرعان ما انتقل الوباء إلى سوق الشيوخ والسماوة والشامية ثم وصل الحلة وكربلاء ثم انتقل إلى بغداد. ومنها سار إلى كركوك ثم السليمانية. وقد استعان داود باشا بأطباء انكليز فكتبوا بطلب أدوية من بريطانيا فوصلت إلى البصرة ، واستخدمت في معالجة الناس. (11)

بناء جامع الحيدرخانة

يعود بناء الجامع إلى والي بغداد داود باشا (1232-1241 هـ / 1817- 1826 م) وذلك عام ( 1242 هـ / 1827 م). وينفرد المؤرخ عباس العزاوي بالقول أن داود باشا بنى الجامع سنة (1234 هـ / 1819 م) أي قبل ثمان سنوات من التاريخ الذي ذكره بقية المؤرخين وهو عام 1827م. (12)

 وقد وصفه د. مصطفى جواد بأنه (مربع البناء ، وله ثلاثة أبواب كبيرة ، وقد بنيت فيه مدرسة. وفي الجامع ساحة واسعة ، وعليه قبة شامخة مبنية بالحجر الكاشاني الملون ، مكتنفة بقبتين أصغر منها على شكلها ، وعن اليمين منارة عالية. ويظهر أن الفراغ من بنائه كان في سنة (1242 هـ / 1827م). (13)

أوعز داود باشا إلى مهرة الصناع والأسطوات لبناء الجامع ووضع عليهم مشرفاً يتداول معه في شؤونهم. وجلب الأعمدة الحجرية من الموصل وغيرها. كما فرشت الأرضية بالمرمر ، وكذلك إزارة الجدران لتمنحه مزيداً من القوة ومواجهة ظروف البيئة وعوامل الزمن. (14)

يضم الجامع مصلى صيفياً مفتوحاً على الهواء الطلق في فنائه يقع على يمين المصلى الشتائي المغلق. كما بنيت مدرسة على يسار المصلى الشتائي ، وهي عبارة عن حجرات في الطبقة السفلى ، وحجرة مطلة على صحن الجامع فوق الباب الشمالي يجلس فيها المدرس. أما المصلى الشتائي فهو حرم الجامع المسقف ويضم محرباً مزيناً بالقاشاني الملون ، ومنبراً رخامياً. ويستند السقف على أعمدة من الرخام مشيدة بشكل متناظر. كما يوجد محرابان صغيران مجاوران للمحراب الأصلي.

 وتعلوه قبة كبيرة مزينة بالقاشاني الملون بزخارف نباتية ، كما توجد فيها نوافذ تجلب الضوء لداخل المصلى. ومليت رقبة القبة الكبيرة بحزام كتبت عليه سورة الليل ((والليل إذا يغشى …)) وآية الكرسي . الله لا اله إلا هو الحي القيوم ..)) وسورة الشمس ((والشمس وضحاها …)).  كما توجد بجانبها قبتان صغيرتان على نمطها وشكلها. كما ترتفع مئذنة عالية مزينة بالقاشاني الملون ، وسبق أن سقطت وتم تجديدها عام 1920 على أساسها السابق.

للمجلس ثلاثة أبواب ، اثنين منها على شارع الرشيد ، عن يمين ويسار المصلى، وباب ثالث يؤدي إلى جامع حسين باشا المجاور وهو الزقاق المؤدي إلى محلة الحيدرخانة. في تقرير لرئاسة ديوان الأوقاف  عام 1967 ورد أن للجامع أربعة أبواب في الأصل ، موزعة على جوانب سوره الأربعة. وقد أغلق الباب الذي يقع على يمين المصلى. كما أغلقت الباب الخلفي الذي يؤدي إلى الزقاق. فلم يبق إلا الباب الذي عن يسار المصلى. (15)

وهناك من يرى أن إنشاء المدرسة التي سميت (المدرسة الداوودية) الواقعة ضمن الجامع قد سبق إنشاء الجامع بعدة سنوات. فقد وجدت وقفيات للمدرسة مؤرخة في السنوات ( 1234- 1236 هـ / 1916- 1918م ). ويظهر أنه أعيد بناء المدرسة بعد إكمال بناء الجامع بثلاث سنوات. وتوجد في المدرسة مكتبة وهي عبارة عن غرفتين واقعتين قبالة غرفة المدرس. وقد ضمت الكثير من الكتب والمراجع والتفسير تم رصها في رفوف بلغت السقف. وبعد إعلان الدستور العثماني عام 1908 وسقوط السلطان عبد الحميد الثاني تم تسليم الكتب إلى مدرسة دار المعلمين والمدرسة السلطانية. وعندما جاءت الحرب العالمية الأولى عام 1914 نهبت الكتب على أيدي الطلاب، وكان عددها (520) مجلداً. (16)

كتابات جامع الحيدرخانة

هناك العديد من الكتابات على شكل أشرطة تضم آيات قرآنية ، وأخرى تضم أبيات شعر تؤرخ لبناء الجامع وإعماره المتعدد. ومن الكتابات المنقوشة على جدرانه ما كُتب فوق الباب الذي في الركن الغربي النافذ إلى الدرب جاء في آخر ثلاثة أبيات تؤرخ لتاريخ بنائه:

فكم بنى جامعاً للعاكفين وكم ***للعلم شيد مغنى أي تشييد

لكي ينال بدنياه الثناء وفي***عقباه يلقى الرضا من خير معبود

فقل لذي الصنع: أقصر يا مؤرخه *** كفى بذا جامعاً من صنع داود (1242 هـ) (1827م)

وعلى الباب الجنوبي الواقع على يمين المصلى الأبيات الآتية:

وخُصّ بروحانية دون غيره***لذلك مهما جنته انشرح الصدر

فلا ضيم منشئه ولا فل حبله*** ولا ناله ضد ولا مسّه الضُرّ

ولا زال من وافاه يدعو مؤرخاً:*لداود عن تشييد جامعه الأجر (1242 هـ)

في صدر باب الرواق الأوسط مكتوب بالقاشاني:

(بسم الله الرحمن الرحيم

إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر) قد عمر هذا الجامع الشريف، والمعبد الساطع المنيف ، خاتمة الملوك والوزراء ، الذي عقمت بمثله الأمهات والآباء ، الفائز بالحكمتين العلمية والعملية ، الحائز للرياستين الدينية والدنيوية ، القهرمان الأعظم ، والخليفة المعظم ، كوكب فلك السعود ، أبو الفتوحات الوزير داود أعلى الله تعالى كعبه ، وأباد حسوده ، وأبقى لنا ظله وعدله ، إنه على ذلك قدير). وواضح من النص المبالغة في الإطراء والتفخيم وحتى وصف داود باشا بالخليف المعظم مع أنه كان والياً لا أكثر يعينه الخليفة بفرمان سلطاني ويعزله بفرمان. وكتب اسم السلطان محمود الثاني (1808-1839م) ابن السلطان عبد الحميد الأول على الباب الأوسط للمصلى وقبالة باب الرواق مكتوب ما يأتي:(أنشأ وعمّر هذا الجامع الشريف في أيام خليفة الرحمن ، السلطان محمود خان بن السلطان عبد الحميد خان دام ملكه ، الوزير المعظم والدستور المكرم ، كوكب فلك السعود ، أبو الفتوحات داود ، دام ظله وإقباله، سنة اثنتين وأربعين ومائتين وألف من الهجرة) (1242 هـ)

وكتب على طاق المحراب الصيفي بيتان هما:

قُرّت عيون المؤمنين بقبلةٍ***سطعت أهلّة رشدها بهداها

فلفضلها نادى الإله حبيبه*** (لنولينك قبلة ترضاها)

وكانت كتابتها سنة 1311هـ / 1894م ) حينما جُدّد بناء المحراب مع الباب الجنوبي الواقع على يسار المصلى تحت المدرسة. وكتبت فوق المحراب الصيفي الآية الكريمة (بسم الله الرحمن الرحيم. إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً) (النساء: 103). كما كُتب اسم الصانع (جُدّد سنة ( 1311 هـ / 1894م) وعمل حيدر كاشي). وتهدم الباب فبُنيت سنة (1342 هـ / 1922) ثم كتب (قال الله تعالى جل شأنه (فلا تدعو مع الله أحداً) 1342 هـ).

وفي العام نفسه كتبت على الباب الجنوبي هذه الأبيات تؤرخ عملية التجديد من قبل السلطان عبد الحميد الثاني:

سعى إلى الله بتجديده*** لا خاب مسعاه بيوم الوعيد

وقد عفت. أرخت أركانه:*(أعادها الخاقان عبد الحميد) (1311هـ /1894م)

جامع الحيدرخانة منبر الوحدة الوطنية

شهد شهر رمضان عام 1920 أحداثاً ذات أهمية بالغة في الوضع الاجتماعي البغدادي. ولعل أهم تلك الأحداث هو التقارب بين السنة والشيعة. فقد أدرك قادة الحركة الوطنية في عام 1920 أن المطالبة بتأسيس دولة عراقية يحكمها العراقيون بدلاً من الإدارة البريطانية التي تحكم العراق منذ دخول القوات البريطانية في 11 آذار 1917 بقيادة الجنرال ستانلي مود (1864- 1917) ، لن يكتب لحركتهم النجاح ما لم يتم التقارب بين الطائفتين على وجه من الوجوه. وكانت جمعية حرس الاستقلال وهي جمعية سرية تأسست في نهاية شباط عام 1919 بزعامة السياسي جعفر أبو التمن (1881- 1945) ، يعارض الاحتلال البريطاني. ونشطت الجمعية في الفرات الأوسط ، وأبرز قياداته السيد محمد الصدر (1882- 1956) ومحمد باقر الشبيبي (1889-1960) ومحمد علي بحر العلوم ومحمد مهدي البصير (1895- 1974) وشاكر محمود ، وحكمت شوكت وجلال بابان (1893- 1970) وعارف حكمت ومحي الدين السهروردي (1889- 1970) وشخصيات وطنية أخرى من الشيعة والسنة والكرد.

وقد ورد في المنهاج الاساس لحزب حرس الاستقلال الدعوة للوحدة الوطنية. فقد ذكرت المادة سابعاً (يجب على الجمعية أن تبدأ قبل كلل شيء بتوحيد كلمة العراقيين على اختلاف مللهم ونحلهم . وأن تبذل أقصى ما يمكن من المجهودات للقضاء على كل بواعث الافتراق في الدين والمذهب). (17)

يقول المؤرخ عبد الرزاق الحسني:  في 30 نيسان 1919 توفي المرجع الأعلى السيد محمد كاظم اليزدي عن عمر تجاوز الثمانين. فأقيمت له مجالس الفاتحة في النجف والكاظمية وغيرها من المدن الشيعية. وفي يوم 9 مايس 1919 أقيم مجلس في جامع الحيدرخانة أقامه السنة تضامناً مع الشيعة ومشاطرتهم أحزانهم. وقد أنشدوا المراثي. فكان أشبه بمؤتمر توحدت فيه كلمة المسلمين في العراق بمجلس تأبيني أقيم لفقيد كبير. فكانت الوفاة سبباً مباشراً لتقارب المسلمين في العراق، وعاملاً كبيراً من عوامل استحكام الصلات الحسنة بينهم. وقد انتهز المفكرون السياسيون هذه القوة الكامنة وراحوا يدعمونها ، ويستعينون بها في القضايا الكبرى. (18)

وقد أقرت المس بيل (1868- 1927) بهذه التطورات الاجتماعية فتقول: (فقد وضحت للوطنيين خلال مدة من الزمن الحاجة إلى تكوين جبهة متحدة بين الطائفتين الإسلاميتين ، وتغلبت المساعي بصورة مؤقتة على التعصب الشديد الذي يفرّق بين الطائفتين السنية والشيعية.

ثم ظهرت أولى أعراض هذا التقارب في صيف 1919 عندما حضر السنة اجتماعين دينيين عقداً لتأبين المجتهد السيد محمد كاظم اليزدي (1831- 1919). لكن الأهمية السياسية لهذا التقارب لم تظهر بصورة جلية إلا في شهر رمضان الذي بدأ في 19 نيسان 1920). (19)

 وتمضي المس بيل بالإشارة إلى الزعامات التي حرّكت هذه النشاطات الجديدة في المجتمع العراقي فتقول: (كان قادة الحركة ومنظمو حفلات المولد رجال تختلف منزلتهم الاجتماعية وقابلياتهم . وكان أكفأهم وأكثرهم قدرة رجلان شيعيان هما السيد محمد الصدر أحد أبناء أسرة شيعية دينية معروفة. والآخر هو جعفر أبو التمن وهو تاجر شيعي. كما أن أبرز السنة في هذا الشأن يوسف أفندي السويدي (1882- 1942) والشيخ أحمد الداود (1871- 1948) وعلي أفندي البازركان (1887-ر1958)). (20)

مجالس التعزية والموالد

كان الشيخ محمد باقر الشبيبي العضو البارز في جمعية حرس الاستقلال همزة الوصل بين مقر الجمعية في بغداد وفروعها في الفرات الأوسط. وكان السيد هادي آل زوين (1868- 1927) همزة الوصل بين العلماء الأعلام في كربلاء والنجف والرؤساء والزعماء في أبو صخير والشامية وبين السياسيين الوطنيين في بغداد. وكان التاجر النجفي عبد المحسن شلاش (1882- 1948) لديه مقام مرموق عند علماء الدين فانتدبوه والسيد هادي زوين في الذهاب إلى بغداد واستيضاح الأمور. اجتمع زوين وشلاش بزعماء جمعية حرس الاستقلال وأطلعاهم على الموقف في النجف.

في ( 3 شعبان سن 1338 هـ /  21 تموز 1920م ) عقد اجتماع هام في دار حمدي بابان (1870- 1960) حضره زوين وشلاش كمندوبين من النجف الأشرف. كما حضرته شخصيات سنية وشيعية مثل السيد محمد الصدر ، يوسف السويدي ، جلال بابان ، فؤاد الدفتري ، عبد الوهاب النائب ، الشيخ سعيد النقشبندي ، السيد محمد مصطفى الخليل ، جعفر أبو التمن ، رفعت الجادرجي ، فتاح باشا ، صادق حبة ، صادق الشهربللي ، أحمد الداود ، وغيرهم من أعضاء جمعية حرس الاستقلال وبعض رجال  حزب العهد العراقي. قرر المجتمعون إرسال الزعيم البغدادي جعفر أبو التمن إلى الفرت الأوسط ليقف على الأمور عن كثب. سافر إلى كربلاء ومعه السيد هادي زوين وعقدا اجتماعاً في دار المرجع الأعلى الشيخ محمد تقي الشيرازي (1840- 1920) في ليلة (النصف من شعبان 1338 هـ / 3 مايس 1920م) ، ثم ذهبا إلى النجف لإبلاغ علمائها بهذه التطورات ، ثم عادا إلى بغداد وأكدا لزملائهما ما سبق أن نقله السيد زوين. (21)

عاد أبو التمن وزوين إلى بغداد في (20 شعبان 1338 هـ / 10 مايس 1920م) وكانت الإدارة البريطانية قد أعلنت يوم 3 مايس 1920 مقررات مؤتمر سان ريمو المتضمن فرض الانتداب البريطاني على العراق وفلسطين ، والانتداب الفرنسي على سوريا ولبنان تنفيذاً لما جاء في المادة (94) من معاهدة سيفر.

أثارت تلك المقررات غضب واستياء السياسيين الوطنيين وخاصة أعضاء جمعية حرس الاستقلال، فقرروا تدعيم الصف الوطني استعداداً لمواجهة الاحتلال البريطاني. قرروا إقامة مواليد نبوية أسبوعية في أهم مساجد المسلمين في بغداد والأعظمية والكاظمية من غير تفريق بين المساجد الشيعية والمساجد السنية. فصارت تتلى المنقبة النبوية الشريفة ، وتُختم بمجلس حسيني يتحدث عن جهاد وتضحية سيد شباب أهل الجنة الإمام الحسين بن علي (ع). ثم يعرج الخطباء على قضية البلاد السياسية بقدر ما تسمح به الظروف فيوفضون الناس ويلهبون مشاعرهم ويرهفون احساسهم وكانت أبرزها اجتماعات جامع الحيدرخانة. (22)

وقد بلغ الحماس السياسي والتماسك الطائفي حتى أنشد مفتي الديار الموصلية العلامة محمد حبيب العبيدي قصيدة هزت النفوس وهي طويلة مها هذه الأبيات:

أيها الغرب جئت شيئاً فريّاً *** ما علمنا إلا علياً وصياً

قسماً بالقرآن والإنجيل *** ليس ترضى وصاية لقبيل

أو تسيل الدماء مثل السيول *** أفبعد الوصي زوج البتول

نحن نرضى بالأجنبي وصياً؟

كما إمام لآل طه تردى *** في ثرى هذه البلاد وأردى

كم شهيد قضى ولم يأل جهداً *** أفبعد الرضا وموسى المفدى

نحن نرضى بالأجنبي وصياً؟ (23)

يقول الدكتور علي الوردي: أول حفلة من حفلات المولد التعزية أقيمت في يوم الجمعة 14 مايس 1920 في جامع القبلانية الذي يقع في سوق البزازين. وقد اجتمع جمهور غفير من السنة والشيعة. وألقى أحد وعاظ السنة خطبة الجمعة ، ثم أعقبه الشيخ مهدي البصير ، ثم تلي المولد النبوي ومقتل الحسن (ع) معاً.

ولما حل شهر رمضان 19 مايس (و 20 مايس عن الشيعة) عام 1920 تقرر أن تقام الحفلات القادمة في المساء عقب فترة الإفطار. وقد أقيمت أول حفلة رمضانية في جامع الميدان في مساء الخميس 20 مايس. وطبعت لها بطاقات على الشكل التالي: (إن أهالي محلة الميدان يتقدمون إلى حضرتكم بالدعوة للحضور في الحفلة التي يقيمونها ليلة الجمعة القادمة في جامع الميدان للتبرك بتلاوة المولد النبوي الكريم مشفوعة بذكرى مقتل سيدنا الحسين عليه السلام).

كانت حفلة جامع الميدان ناجحة إلى حد كبير ، فقد اكتظت ساحة الجامع على سعتها بالناس حتى قُدّر عددهم بنحو عشرة آلاف. وتوالى الخطباء والشعراء على المنبر فذكروا جهاد النبي (ص) ومقتل الحسين (ع) ودعوا إلي وجوب الاتحاد بين المسلمين. فقوطعت خطبهم وقصائدهم بالهتاف والتصفيق الشديد.

وفي مساء الأحد 22 مايس أقيمت حفلة ثالثة في جامع الحيدرخانة. وكانت أكثر حضوراً من حفلة جامع الميدان وأشد حماساً وهتافاِ. وخطب فيها جميل رمزي القبطان وعبد الرحمن خضر ومهدي البصير ومصطفى الطرابلسي. كما ألقى عبد الرحمن البناء قصيدة. وعندما أوشكت الحفلة على الانتهاء نهض بين الحاضرين شاب كان موظفاً في دائرة الأوقاف اسمه عيسى عبد القادر الريزلي ، ولم يكن اسمه داخلاً في منهاج الحفلة، فألقى قصيدة من أربعة وعشرين بيتاً ، دعا فيها إلى الاتحاد بين المسلمين وأشار إلى عدم وجود فروق أساسية بين السني والشيعي ، أو بين الزيدي والوهابي، وختم قصيدته بالبتين التاليين:

وبعد أقول لجاسوس منا *** تجسسْ ما استطعت الحاضرينا

وبلّغْ من تريد فقد بنينا *** لاستقلالنا الأس المتينا

ويبدو أن السلطة وجدت في هذه القصيدة أكثر مما يمكن تحمله ، فقامت باعتقاله وتجعله وهو موظف لديها عبرة. وتم اقتياده إلى مركز شرطة خان دله.

حادث خطير في  جامع الحيدرخانة

عندما بلغ حزب الحرس نبأ القبض على عيسى عبد القادر الريزلي انتهزوا الفرصة فقاموا بمظاهرة احتجاجية ضد الانكليز. لم تكد تنتهي فترة الإفطار في ذلك المساء حتى خرج المنادون في الأسواق والمقاهي يصيحون (شنو گعدتكم وعيسى حبسوه؟ گوموا اجتماع إسلامي عمومي في جامع الحيدرخانة).

فهب الناس عند سماعهم تلك النداءات ، وصاروا يتجهون نحو جامع الحيدرخانة. وجاءت جماعات من بعض المحلات البعيدة وهي تدق طبولها قائلة (الدين يا محمد والموت بالجهنم). فامتلأت ساحة الجامع بالناس، وفاضوا إلى شارع الرشيد ، وامتنع المرور في الشارع لشدة الزحام.

خشيت السلطة من مغبة التظاهر ، فأرسلت عدداً من الجنود لحراسة دوائرها ودور قياداتها وكبار موظفيها القريبة. كما وجهت أربع سيارات مصفحة لإرهاب الجمهور ، فأوقفت احداها أمام جامع الحيدرخانة ، وأرسلت الأخريات لحراسة الجسرين.

وحين جاءت السيارة إلي مقربة من جامع الحيدرخانة أخذ الجمهور يصفر لها استهزاءاً بها ، ويقذفها بالأحجار.  وظهر من بين الجمهور رجل أخرس بيده مطرقة كان يحملها لأنه كان نجاراً متجولاً، فتقدم نحو السيارة بغية الهجوم عليها بمطرقته، فحّرك السائق السيارة حركة مفاجئة جعلت الرجل يسقط على الأرض ، فمرت عجلات السيارة على ساقيه، فحمله الجمهور إلى المستشفى وهو ينزف دماً غزيراً. وقد مات في المستشفى في ساعة متأخرة من الليل.

ظل الجمهور محتشداً في جامع الحيدرخانة وفي الشارع المحاذي له (شارع الرشيد) ، وارتقى علي البازركان منبر الجامع ، وطلب من الحاضرين اختيار خمسة عشر مندوباً للسعي لإطلاق سراح الريزلي، وأخرج قائمة بأسماء المرشحين ، وأخذ يتلوها على الحاضرين اسماً اسماً، فصاروا يهتفون لكل اسم دلالة على مواقفتهم عليه وهم: السيد محمد الصدر ، يوسف السويدي ، أبو القاسم الكاشاني ، عبد الوهاب النائب ، سعيد النقشبندي ، عبد الكريم الحيدري ، محمد مصطفى الخليل ، عبد الرحمن الحيدري ، فؤاد الدفتري ، رفعت الجادرجي ، أحمد الشيخ داود ، ياسين الخضيري ، أحمد اظاهر ، جعفر أبو التمن ، علي البازركان.

لما بدأ الجمهور بالتفرق ظهرت أمامه في الشارع سيارة تحمل حاكم بغداد العسكري الكولونيل بلفور ، فأخذ الجمهور يقذفها بالحجارة ، فأصيب بلفور بحجارة في وجهه وسال منه الدم، فأمر مرافقه أن يطلق الرشاش في الهواء لتخويف الجمهور. لم تكد أصوات الطلقات تلعلع في الفضاء حتى صار الناس يتراكضون هاربين وقد سادهم الرعب، فلم يبق أحد منه في الشارع.

قرربعض الحاضرين في الجامع عدم مغادرته مخافة أن تقبض عليهم الشرطة ، وظلوا حتى الصباح. أما البعض الآخر فقد جازفوا وخرجوا من الجامع في ساعة متأخرة من الليل، وساروا متسللين في الأزقة حتى وصلوا إلى بيوتهم مرهقين. (24)

شهيد الوطن

قرر حزب الحرس أن يجعل من تشييع جنازة النجار الأخرس مظاهرة وطنية كبرى يتحدى بها السلطة. فخرج طه لطفي البدري محاسب مدرسة التفيض الأهلية وهو لابس سواداً ويحمل بيده عماً أسود، وأخذ يطوف في الأسواق والشوارع يدعو الناس إلى التجمع في جامع الحيدرخانة لتشييع جنازة الأخرس الذي أطلق عليه لقب (شهيد الوطن).

بدأ التشييع بعد صلاة الظهر ، وشارك فيه جمهور كبير قُدّر عدده بما يزيد على الثلاثة آلاف. وسارت الجنازة تحف بها الأعلام السود ، ويتقدمها موكب على شاكلة المواكب الحسينية وهم يلطمون صدورهم ويرددون (ماج عرش الله وتزلزل ، علي الشهيد الما تغسّل). سار المشيعون نحو جامع الشيخ عبد القادر الكيلاني ، ثم توجهوا بعدذذٍ نحو القنصلية الأمريكية الواقعة على النهر قريباً من الجامع، ثم عبروا جسر مود الخشبي (جسر الصالحية أو الأحرار حالياً) ، ومروا بعلاوي الحلة وسوق الجديد ومقاهي عقيل ومحلة الجعيفر. ومن هناك اتجهوا نحو مقبرة الشيخ جنيد حيث تم دفن الشهيد فيها. (25)

 مقابلة بلفور

 في صباح يوم التشييع كان الحاكم العسكري لبغداد المقدم فرانسيس بلفور (1884- 1965) وكان عمره 36 عاماً ، قد كتب إلى جعفر أبو التمن وعلى البازركان وأحمد الشيخ داود ومهدي البصير يطلب منهم الحضور لمقابلته في الساعة الرابعة عصراً. ذهب هؤلاء الأربعة في الوقت المحدد إلى مكتب بلفور الذي كان يقع في الجناح الجنوبي من القشلة. كان بلفور يجلس خلف منضدة طويلة ، وجلس وراءه عبد المجيد الشاوي رئيس بلدية بغداد واثنان من الضباط البريطانيين. طلب بلفور منهم الجلوس على كراسي أمامه وصار يخاطبهم بلهجة حادة: (الآن أحضرتكم لأبلغكم عن أعمالنا). ثم التفت نحو أحمد الشيخ داود وقال له: (أنت يا شيخ أحمد ، الآن أصبحت وطنياً بعد أن كنت موظفاً عندنا في الأوقاف فسرقت أثمان الشموع فطردناك على اثرها. والآن لسانك أصبح طويلاً علينا. إن لسانك بحاجة إلى قطع). أجابه الداود: (أنا لم أعمل أي شيء حتى تقطعوا لساني). ثم خاطب الشيخ مهدي البصير وعلي البازركان بكلام وقح. خرج الرجال الأربعة فلقوا الجمهور ينتظرهم في القشلة والشوارع المحيطة بها لتحيتهم ، فهتف بحياتهم وحياة الاستقلال ، ثم حملهم على الأعناق من القشلة (عبر شارع المتنبي) حتى شارع الرشيد. (26)

رسالة المرجع الشيرازي

بعد خروجه من مقابلة بلفور كتب الشيخ جعفر أبو التمن رسالة إلى المرجع الأعلى الشيخ محمد تقي الشيرازي في كربلاء يستنجد به. تضمنت رسالة أبو التمن عرضاً للأحداث التي جرت في بغداد والتظاهرات ، ومقابلة بلفور الذي هدد الرجال الأربعة. ثم طلب من المرجع التدخل للمحافظة على الأمة.

في ( 10 رمضان 1338 هـ / 28 مايس 1920م) أجابه الشيخ الشيرازي برسالتين حملهما الشيخ محمد باقر الشبيبي: واحدة موجهة لآبي التمن شكره فيها على بيان الحركة الإسلامية في بغداد والدفاع عن الأمة البغدادية وأهمية المطالبة بحقوق الأمة المشروعة. وأوصاه بالظهور دائماً بمظهر الأمة المتينة الجديرة بالاستقلال التام المنزه عن الوصاية البريطانية الذميمة. وأوصاه بالمحافظة على حقوق المواطنين الكتابيين الداخلين في ذمة الإسلام. وأن يصونوا نفوسهم وأموالهم وأعراضهم واحترام شعائرهم الدينية.

وكتب الشيرازي رسالة موجهة إلى العراقيين تناول فيها المظاهرات السلمية التي قامت في بغداد والكاظمية المطالبة بالحقوق المشروعة المنتجة لاستقلال العراق. وطلب أن تقوم كل مدينة من أنحاء بإرسال من يمثلها للمشاركة في وفد يذهب إلى بغداد للمطالبة بحقهم. كما أوصاهم بالمحافظة على جميع الملل والنحل في البلاد ، والمحافظة على نفوسهم وأموالهم وأعراضهم.

 

عاد الشبيبي إلى بغداد ، وقام حزب الحرس بطباعة الرسالة العامة ووزعها في بغداد والكاظمية ومختلف أنحاء العراق. وتقرر قراءة الرسالة علانية في الصحن الكاظمي بعد فترة الإفطار. صعد أحد سدنة المرقد الكاظمي السيد باقر سركشيك إلى سطح الكشوانية التي تقع بين صحن القبلة وصحن قريش ، فقرأ الرسالة بصوته الجهوري. وأخذ يتنقل من جهة إلى أخرى على سطح الكشوانية لكي يسمع الرسالة أكبر عدد من الناس المتجمهرين في الصحن الكاظمي.

وفي اليوم التالي جاء إلى الكاظمية وفد يمثل اليهود والمسيحيين في بغداد. والتقوا بعلماء الكاظمية راجين إبلاغ الشكر إلى المرجع الأعلى الشيخ محمد تقي الشيرازي على وصاياه النبيلة بأهل الكتاب. وفي اليوم الثالث أرسل علماء الكاظمية السيد محمد الصدر ليرد الزيارة إلى البطاركة والحاخامين. (27)

 


مشاهدات 432
الكاتب صلاح عبد الرزاق
أضيف 2024/04/19 - 3:50 PM
آخر تحديث 2024/05/05 - 7:19 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 276 الشهر 1850 الكلي 9139888
الوقت الآن
الأحد 2024/5/5 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير