الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
تهان وعتب.. تلفزيون العراق في ذكرى تأسيسه

بواسطة azzaman

تهان وعتب.. تلفزيون العراق في ذكرى تأسيسه

قاسم حسين صالح

 

دخلت مبنى الأذاعة والتلفزيون لأول مرة في حياتي عام 1972، وكانت المناسبة ..الأعلان عن حاجتها الى مذيعين ومذيعات. كانت هناك لجنة للمتقدمين تألفت من سعد لبيب،مدير برامج اذاعة صوت العرب ،وكبير المذيعين سعاد الهرمزي،و دكتور عبد المرسل الزيدي عميد كلية الفنون الجميلة..وبرئاسة محمد سعيد الصحاف مدير عام المؤسسة.

جاء دوري فدخلت ..جلست..

كان الصحاف يتوسطهم فقال لي :

- اقلب الورقة التي أمامك وأقرأ رأسا.

قرأت واضفت كلمتين من عندي على الخبر..فامتدح نباهتي..وكنت من ضمن عشرة تم قبولهم ،ودخلنا دورة اذاعية لثلاثة اشهر حاضر علينا فيها بدري حسون فريد في النطق والألقاء،وكرم شلبي من مصر في الصحافة، ومالك المطلبي في اللغة.. وآخرين.

دخلت استديو اذاعة بغداد في الساعة السادسة عصرا برفقة المذيعة (أمل المدرس).ولأنني ما زلت،في حينها، احمل قيما عشائرية فقد صعب عليّ ان تقرأ (امرأة)نشرة الأخبار بمثل تلك الطلاقة والرهاوة وأنا ابن (العشيرة) اشعر برهبة من الميكرفون!.

بقيت سنة،ولما وجدت ان المذيع ليس سوى امتدادا لآلة الميكرفون، غادرت استديو المذيعين الى القسم الثقافي..وفيه كانت الثقافة في أوج تألقها وتنوعها.فرئيسه كان الشاعر حسب الشيخ جعفر..وفيه الشاعر (المتمرد،البوهيمي،الصعلوك)حسين مردان الذي اخذت منه القصيدة التي نظمها لعفيفة اسكندر حين عملت لها تحقيقا صحفيا..فضلا عن رموز ثقافية اخرى تعلمت منهم حب الثقافة.

برامج الاطفال

كان عقد السبعينيات هو افضل عقد في تاريخ التلفزيون العراقي،لاسيما في تنوع برامج الأطفال وجودتها. وصدر امر بتشكيل لجنة مشرفة عليها تألفت من الروائية لطفية الدليمي والكاتب باسم حمودي وأنا كخبير سيكولوجي ،ولأن رسالتي في الماجستير كانت عن برامج الأطفال في التلفزيون.كنا نقرا نص البرنامج ونوافق عليه ان كان صالحا، ونسجل ملاحظاتنا التي نلزم مقدم البرنامج الأخذ بها، او نرفضه. واذكر انني رفضت حلقة برنامج كانت تقدمه (...) . ولأنها كانت متنفذة فأنها حصلت على موافقة مدير التلفزيون(...) وبثت الحلقة.

 كان تلك الحلقة تتحدث عن فلاسفة اجانب وكان اعتراضي على ذلك ،ان الأفضل ان تأخذ فلاسفة عرب ومسلمين كان لهم تاثير في زمانهم على الثقافة الأوربية. وحدث ان جاء اتصال من جهة عليا يلوم التلفزيون على ذلك ويؤيد موقفنا.

حذار من اليأس..في التلفزيون ايضا,

في العام 1991 كلفني الفنان الاذاعي الكبير المرحوم مهند الأنصاري باعداد وتقديم البرنامج الاذاعي ( حذار من اليأس) من اذاعة بغداد.وتقوم فكرة البرنامج على تحويل أحداث رسالة تحمل مشكلة نفسية، اسرية،اجتماعية،عاطفية ،او دراسية الى عمل درامي وتقديم المشورة العلمية لصاحبها.

ولأن العمل كان يتمتع بالمصداقية( طرح مشكلة واقعية )ولأن البرنامج يستقطب خيرة الممثلين والممثلات وبأخراج مميز(فخري حكمت،زهير حسام،محمد صكر) فقد حظي بشهرة واسعة لدرجة أن معظم العوائل العراقية كانت تضع مؤشر الراديو في الساعة العاشرة من صباح كل يوم جمعة على اذاعة بغداد للاستماع الى حلقة جديدة من برنامج ( الأسرة العراقية ) كما كانوا يسمونه.فقد كنت استلم في الأسبوع الواحد بحدود عشرين رسالة..انتقي واحدة لأحولها الى دراما متبوعة بتقديم حل او مشورة بصوتي..وما يفرحني ويواسيني ان كثيرات وكثيرين يعرفونني من صوتي حين اتحدث معهم الآن رغم تقادم الزمن.

تحويل مسار

ولأن البرنامج حقق صدى واسعا فقد طلبت وزارة الثقافة والاعلام تقديمه في التلفزيون ايضا.(في الواقع كانت زوجة الوزير معجبة بالبرنامج فطلبت منه ان يقدّم في التلفزيون!)..فكتبت ست حلقات ( سيناريو وحوار ) قدمت من تلفزيون العراق أواسط التسعينيات.غير أنني توقفت حين وجدت المخرج قد حوّل مساره من دراما ذات هدف علمي تثقيفي الى عمل وظّفه لشهرة شخصية له ولزوجته(المذيعة) التي أقحمها في تقديم البرنامج.وبقيت أواصل كتابته في الاذاعة الى نهاية عام 2006 حيث اضطرتني الظروف لمغادرة حبيبتي بغداد ،بعد (18)عاما كان فيها البرنامج الدرامي الأطول على صعيد الاذاعة العراقية..وربما العربية ايضا..ليواصل مسيرته  في جريدة الصباح بصفحة كاملة ويدخل الآن (2024) سنته العاشرة في سابقة اعلامية ما حدثت عراقيا ولا عربيا ايضا!

محمد سعيد الصحاف .. افضل من طور التلفزيون.

قل عنه ما شئت، لكنني هنا اعتبر الصحاف هو افضل مدير عام حقق تطورا كبيرا في تلفزيون العراق،  كان  محبا ومطورا نوعيا لها..مثقف وصاحب ذوق ،واليه يعود تقليد اذاعة اغاني فيــــــــــــروز كل صباح من اذاعة بغداد.. فضلا عن انه عمل سفيرا في الــــــــــــــهند والسويد وايطاليا ومندوب العراق في الامم المتحدة. وما يمتاز به انه كان يتابع ما ينجز تلفزيونيا ميدانيا.اذكر انه اصطحبني معه الى استديو التلفزيون لكتابة ريبورتاج صحــــــــــــفي لمجلة الأذاعة والتلفزيون (كنت اعمل محررا فيها ) عن عمل درامي تلــــــــــــفزيوني يخرجه المخرج المصري المعروف ابراهيم الصحن.و بعد ثلاثة او اربعة مشاهد ابدى الصحاف ملاحظــــــــــات فنية واقترح على الصحن حذف واضافة.. فشـــــــــــــــكره مقتنعا..وطلب مني ان لا اذكرذلك في الريبورتاج.

الذكر الطيب لكل من ترك بصمة في تلفزيون العراق، وتهنـــــــــــــئة للعاملين فيه وهم يحيون ذكرى اول محطة تلـــــــــــــــفزيونية في الشرق الاوسط تاسست في (2 أيار 1956) ..وعتب محب  انهم غفلوا في التكريم من كانوا يستحقونه.

 


مشاهدات 112
الكاتب قاسم حسين صالح
أضيف 2024/05/04 - 5:02 PM
آخر تحديث 2024/05/18 - 4:38 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 349 الشهر 7152 الكلي 9345190
الوقت الآن
السبت 2024/5/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير