الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الأكتراثُ بلغة الضاد واجب

بواسطة azzaman

الأكتراثُ بلغة الضاد واجب

وليد حسن حميد الزيّادي

 

ليس بخافٍ على أحد أنَّ اللغة العربية تُمثل لسان الشعب العربي من المُحيط إلى الخليج، وأنَّها وسيلة تفاهم مشترك وأداة اتصال فكري، وليس ذلك فحسب، بل هي الزاد الثقافي لأخواننا ومن بعدهم أبناؤنا كي لا يدينوا بولائهم الفكري والوجداني للأجانب الغرباء.

وحين تُمتحن أُمة بسرقة لسانها تضيع وتُمسخ شخصيتها وتُبتر من ماضيها وتراثها وتأريخها ولا تُبقى لها باقية تُذكر، لا على صعيد الثقافة فحسب بل على الأصعدة كافة.

واللغة العربية ليست مجرد وسيلة للتخاطب، بل هي هويةٌ، وتراثٌ، وروح أمةٍ عريقة. إنها لغة القرآن، ولسان الشعراء، وعنوان الحضارة العربية الإسلامية، ورغم هذا الإرث العظيم، تواجه اللغة العربية اليوم تحدياتٍ جمّةً، أبرزها: الإهمال، وتغوّل اللغات الأجنبية في مؤسساتنا، حتَّى في مناهجنا التعليمية.

وحقيقٌ بالذكر أنَّ سبب تسميتها بـ «لغة الضاد»، أنَّه يمكن القول: إنَّ بعض اللغوين وسواهم أخذوا يطلقون على اللغة العربية تلك التسمية، نظرًا لكونها اللغة الوحيدة التي تحتوي على حرف «الضاد»، بالإضافة إلى أنّ العرب هم أفصح من نطقوا بهذا الحرف؛ إذ إنَّ المعروف أنَّ حرف الضاد يُعد من أصعب الحروف نطقًا عند غير العرب، وأنَّ بعض المتكلمين بغير العربية يعجزون عن إيجاد صوت بديل له في لغاتهم.

وأهمية الاكتراث بلغة الضاد، تكمن بالآتي:

1. حماية الهوية الوطنية؛ فاللغة مرآةُ الهوية، وإذا اندثرت، ضاعت معها ملامح الأمة.

2. ترسيخ الانتماء؛ لأنَّ الحفاظ على اللغة يُعزز شعور الفرد بجذوره وتاريخه.

3. دعم الاستقلال الثقافي، فاللغة القوية المستعملة رسميًا وشعبيًا، تُجنب الأمة التبعية الفكرية للآخر.

4. تعزيز التعليم والمعرفة، إنَّ التمكين للغة العربية في التعليم العالي والبحث العلمي يفتح أبواب التطور أمام الأجيال.

والاكتراث بـ (لغة الضاد) لا يقتصر على الأدباء والمعلمين، بل هو واجب وطني ومسؤولية الدولة، والمؤسسات، والمجتمع، بدءًا من الإعلام، ومرورًا بالتعليم، ووصولًا إلى الاستخدام اليومي لها في مختلف المجالات.

ويُشيدني قول الشاعرة العراقية (صباح الحكيم) وهي تتغنى باللغة العربية، قائلةً:

لُغَةُ ألضَّـادِّ وَمَا أَجْمَلَهَا

سَأُغَنِّيهَا إِلى أَنْ أَنْدَثِرْ

سَوفَ أَسْرِي فِي رُبَاهَا عَاشِقًا

أَنْحَتُ ألصَّخْرَ وَحَرْفِي يَزْدَهِرْ

وكذلك قول الشاعر الإماراتي (حمد أبو شهاب) في قصيدته عند مدحه اللغة العربية:

لُغَةَ ألقُرْآنِ يَا شَمْـــــــسَ ألهُدَى

صَانَكِ ألرَّحْمَـــــــنُ مِنْ كَيدِ ألعِدَى

هَلْ عَلَى وَجهِ ألثَّرَى مِنْ لُغَةٍ

أَحْدَثَتْ فِي مَسْمَعِ ألَّدْهرِ صَدًى؟

وفي نهاية المطاف أقول: إنَّ النهوض باللغة العربية هو نهوض بالأمة، وإهمالها تفريط بموروثنا الحضاري؛ فلنعدَّ للغة الضاد مكانتها، ولنجعل من الاكتراث بها سلوكًا وطنيًا أصيلًا، لا مجرد شعار.

 


مشاهدات 37
الكاتب وليد حسن حميد الزيّادي
أضيف 2025/12/27 - 12:42 AM
آخر تحديث 2025/12/27 - 2:28 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 122 الشهر 19780 الكلي 13003685
الوقت الآن
السبت 2025/12/27 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير