مغامرة تأخذك إلى قلب بحر أندامان
رحلة بحرية إلى تل القردة وجزيرة القرش
تايلاند- حمدي العطار
لم تكن هذه الجولة البحرية فقط انتقال بين الجزر، بل كانت رحلة تحمل روح المغامرة، وتجمع بين سحر الطبيعة وغرابة اللحظات التي لا تتكرر. انطلقنا من رصيف بوكيت بقارب كبير وسريع يشق صفحة الماء بلونها الفيروزي العميق، ومع كل موجة كان الشعور بالتحرر يكبر، كأن البحر يفتح لنا طريقا لا يعبره إلا الباحثون عن الدهشة.
بعد تجربة التزلج من أعلى سطح اليخت نحو البحر والانغماس في مياهه الدافئة، وصلنا إلى جزيرة صغيرة يكسو شاطئها رمل أبيض ناعم يشبه سكر البحر. هناك توقفنا لسباحة قصيرة، لكنها كانت كافية لنشعر بأننا جزء من هذه الجنة الاستوائية.
تل القردة
كانت محطتنا التالية تل القردة (Monkey Hill)، ذلك المرتفع الذي تتسلقه الحياة البرية بخفة ومرح. قرود المكاك تظهر من بين الأشجار فجأة كأنها تستقبل الزوار بطريقتها الخاصة. على القمة، بدا المشهد ساحرا… مدينة بوكيت تمتد تحتنا كلوحة مرسومة، والبحر يحيط بها كنصل أزرق لامع.
المكان يمنحك فرصة نادرة للتأمل، وللاقتراب من حياة هذه الكائنات الذكية، شرط أن تحافظ على مسافة الأمان وتحمي أغراضك من فضولها السريع.
شاطئ القرود
في أحد الخلجان الصغيرة بجزر في في (Phi Phi)، توقفنا عند شاطئ القرود (Monkey Beach)، حيث تمتزج الطبيعة البرية مع الاسترخاء الاستوائي. قرود صغيرة تقف على الصخور القريبة من الماء، وأخرى تسبح بخفة مدهشة، بينما يشكل الشاطئ بقعة مثالية للغوص والسنوركلينغ. المياه هنا صافية بشكل يكشف عن عالم تحت الماء نابض بالحياة، شعاب مرجانية وأسماك تلون القاع بحيوية.
جزيرة القرش
ومن هناك، تابعنا المسير نحو الجزيرة التي يطلق عليها مجازًا “جزيرة القرش”، وهي إحدى المحطات البحرية التي تشتهر بوجود أنواع من أسماك القرش غير الخطيرة، خصوصا في رحلات الغوص. هناك استأجرنا قاربا صغيرا لالتقاط الصور وسط مشهد طبيعي مذهل. البحر هنا أكثر هدوا، والسماء قريبة كأنها تميل لتلامس صفحة الماء. في هذه البقعة تحديدا يتجلى معنى المغامرة؛ لحظة ترى فيها أسماك القرش تمر بسلام تحتك، وتحس بأن الطبيعة ليست مخيفة كما نسمع عنها، بل متوازنة وعاقلة أكثر مما نظن.
كانت جولتنا البحرية بين تل القرود وشاطئ القرود وجزيرة أسماك القرش رحلة تختصر روح تايلاند البحرية: مغامرة، دهشة، صفاء، ومشهد طبيعي يصعب نسيانه. إنها تجربة تتجاوز الصورة ؛ تجربة تعيد ترتيب علاقتك مع البحر، وتجعلك تدرك أن الطبيعة حين تهب جمالها تفعل ذلك بسخاء لا حدود له.إنها رحلة تستحق أن تروى… وأن تعاد مرة أخرى.