إيليان أسامة : رسالة الفن عالم بلا عنف
لوحات تستمد الحياة من بغداد وتلوّن الوجوه بالبهجة
بغداد - الزمان
في زاوية هادئة من بغداد، ولدت موهبة تشكيلية حملت على عاتقها شغف الألوان منذ نعومة أظفارها. إيليان أسامة إبراهيم، تروي حكايتها مع الفن ببساطة وعفوية، وكأنها تستعيد تفاصيل مشوار بدأ بالفطرة ولم يتوقف عند أي قيد أو شرط.
تقول إيليان: (لم أتعلم الرسم في أي مؤسسة تعليمية، ولم ألتحق بدروس خاصة، كان الفن يسكنني منذ الطفولة. الشغف وحده هو الذي دفعني لأدخل عالماً لا يعترف بالقوالب الجاهزة أو الحدود الضيقة.)
في لوحاتها، تحضر بغداد بكل زهوها وذاكرتها الموشّاة بالزخارف والخط العربي والألوان المضيئة. تصف ذلك قائلة: “أستوحي الكثير من أعمالي من تراثنا البغدادي العريق، بكل تفاصيله الجميلة من شناشيله وزخارفه وألوانه، وأحياناً أستلهم الفكرة من قصة عابرة أو موقف أثّر في قلبي، سواء كان مشهداً محزناً أو لحظة فرح.”
وإيليان لم تتوقف عند حدود الهواية، بل خطّت خطواتها بثبات نحو الساحة الفنية. شاركت في معارض متعددة داخل كلية الرافدين الجامعة بإشراف أستاذها أيڤان رمزي وعميد الكلية محمود جواد أبو الشعير، كما كانت لها مشاركة مميزة في مهرجان الأمل .تضيف بابتسامة: “كنت سعيدة جداً حين عرضت لوحاتي في معرض بغداد الدولي للكتاب، حيث قدّمت لوحتين: الأولى شناشيل بغدادية، والثانية لطفلة تمسك باقة ورد. هذه التجربة دفعتني لتكرار المشاركة في المعرض هذا العام بلوحات جديدة.”
دعم وتشجيع
وعلى عكس ما يواجهه كثير من الفنانين من صعوبات أو إحباطات، لم تعرف إيليان طريق التحديات. بل وجدت نفسها محاطة بالدعم والتشجيع، سواء من العائلة أو الأصدقاء أو حتى من غرباء تعرفوا على فنها. تقول: “هذا الدعم يمنحني طاقة إضافية للاستمرار، ويجعلني أشعر أن فني يترك أثراً في نفوس الناس.”
*إيليان لا ترى في الفن مجرد خطوط وألوان، بل رسالة إنسانية تحملها لوحاتها إلى كل من يقف أمامها. توضح: (أطمح أن يفرح قلب كل من يشاهد أعمالي، وأن يعيش لحظة هروب قصيرة إلى عالم آخر.. عالم سحري، مليء باللطف والجمال والهدوء، عالم بعيد عن الحروب والعنف والوجع).
وطموح إيليان لا يقف عند المعارض المشتركة، بل تحلم أن تمتلك يوماً معرضها الخاص إلى جانب والدتها التي تعدّها أقرب الناس إلى قلبها وشريكتها في الحلم. تقول: “أريد أن أستمر في إظهار فني يوماً بعد يوم، حتى أصل إلى لحظة أفتح فيها معرضاً خاصاً بي يحمل بصمتي ورسالتي.”
ولم تقتصر بصمة إيليان على المعارض فقط، بل امتدت إلى مبادرات إنسانية تطوعية. فقد شاركت بشكل تشريفي في استقبال أطفال البيت العراقي للإبداع، وتطوعت لرسم الألوان والفرح على وجوه الأطفال الأيتام. تجربة تراها غالية على قلبها، لأنها جسّدت رسالتها الفنية في أن يكون الفن دواءً للروح وجرعة أمل صغيرة في حياة الآخرين.
بهذا الهدوء الممزوج بالشغف، ترسم إيليان أسامة طريقها الخاص في عالم الفن التشكيلي. خطواتها الواثقة، ورسالتها المليئة بالحب والسلام، تجعل منها واحدة من الوجوه الواعدة التي تحمل الأمل في أن تظل بغداد تنبض بالجمال مهما اشتدت العواصف.