تعهّد غير واقعي
فاتح عبدالسلام
لو وقعت الحرب ثانية ضد إيران من أي طرف، لن تستطيع دول كثيرة ومنها العراق، ان تكون بمنأى عنها.
المخاوف في العراق مزدوجة، هناك قلق من تورط فصائل موالية لإيران بالعمليات بشكل او بآخر وهذا يحول البلاد الى ساحة حرب مباشرة. كما هناك عدم قدرة على منع استخدام الأجواء العراقية في عبور الصواريخ والمسيرات المتجهة الى إيران او الصادرة عنها.
لا يمكن أن تكون إيران غير مدركة لهذه الحقائق الأساسية الواضحة، لكن يبدو انها تسعى الى أمور أخرى في العراق.
في كل الأحوال في الحروب الحديثة لا تبدو جهة العراق مع إيران الوحيدة أو الأكثر أهمية في الإفادة منها في ضرب اهداف إيرانية.
لو أجرينا مقارنة بين ما قالته إسرائيل في خلال عشر سنوات وما نسمعه منها من جمل عابرة، لوجدنا فارقا كبيرا يوحي بأن التوجه العام لحرب جديدة هو احتمال غير شاخص في الواقع بالرغم من انه لا يمكن اغفاله نهائياً. كما ان الرئيس الأمريكي ترامب تحدث أمس امام جنرالات الجيش الأمريكي في قاعدة بولاية فرجينيا عن انجاز كامل لمهمة قصف القاذفات الامريكية للمنشآت النووية الإيرانية بما يوحي بعدم وجود صفحة جديدة لضرب إيران. لكن في المقابل تقول ايران ان المفاوضات النووية وصلت الى طريق مسدود تماما بعد اتصالات مباشرة وغير مباشرة، وهذا تصريح ينفتح على وضع جديد مختلف، في انتظار ما ستقرره الإدارة الامريكية، لكن خيار الحرب لا يبدو البديل الوحيد، إلا في حالتين، الحالة الأولى، اندلاع حرب مباشرة بين إيران وإسرائيل مجدداً لأي سبب كان، وهنا تساق الولايات المتحدة من منطقة حيادية الى موقف القرار المؤيد لإسرائيل.
الحالة الثانية، تكون اذا نضج قرار في واشنطن أو تل ابيب لتغيير النظام في ايران كلياً.
الأكثر وضوحا هو اتجاه واشنطن للانتهاء من حرب غزة، وإعادة روسيا وأوكرانيا الى سكة التفاوض، قبل الشروع في حرب جديدة.
بعد ذلك كله، ماذا يعني انّ الحكومة العراقية تتعهد لإيران عدم استخدام الأراضي والأجواء العراقية ضدها في حال نشوب حرب؟ معادلة لا يمكن ان تستقيم ، وتعهد غير واقعي تماما.