الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
متى تكتمل الصورة المفزعة ؟

بواسطة azzaman

متى تكتمل الصورة المفزعة ؟

فاتح عبدالسلام

 

الشعراء قد يقولون قصيدة ويعبرون، والاعلاميون يقدمون تقريرا ويمضون الى خبر أحدث، والكتّاب كمَن لديه عدد محدود من الطلقات في مسدس يطلقونها بسرعة وينتحون جانبا يتفرجون، هذه الصور تمر أمام العالم العربي النازف تحت الحرب أو النازف تحت العجز، في حين ان هناك احباطاً يحفر في الوجدان معر يأس ينخر القلوب وحزن يفترش جلسات كل اثنين او ثلاثة من المواطنين العرب في مقهى. كما تلاحق الملايين مشاهد حرب لا يعرف أحد لها نهاية في قطاع غزة، تفيض بنيرانها على المنطقة الواسعة للدول العربية، كل بحسب ترتيبه واستحقاقه ودوره.

 هناك وجدان عربي جديد يتشكل باضطراب، ليس شاملا كل المشهد العربي مطلقا، اذ ليست هناك سطوة لتيار او توجه على حساب الاخرين، يقابله فيض نابع من نظرات خاصة ومصالح داخلية محدودة، ترى ان النيران التي تندلع بعيدا عنك ليست متجهة نحوك حتماً اذا أغلقت أبوابك عنها جيدالا روابط في القومية والأديان والعقائد الا في تاريخ معاصر شفاهي غالباً معظمه كتبه متسلطون، وقتلَة، وخونة، ولصوص.

غزة التي يقف مواطن بريطاني تحت المطر حاملا مظلته وعلم فلسطين في ميدان فيكتوريا طوال النهار، كشاهد انساني من عالم اخر، لا تصله النيران المشتعلة من قلب الشرق الأوسط، هذا الرجل يقف على اعتاب وعي جديد يتشكل في لغة أخرى ودين آخر وثقافة مغايرة.

 العالم يتغير كقدر لا يمكن صده، كوجدان انساني لا تقننه الأحزاب والشعارات السياسية ومواقف الزعامات ولا حتى القوانين النافذة احياناً.

المسألة ليست إسرائيل التي تسوّق لنظرية وجودها عبر الغاء الآخر بالنار والتهجير، وانما المسألة هي وجودنا الخاص الذي وهن الى درجة محبطة لجيل أو جيلين. المسألة ليست في ان يكون هناك جيش من دولة من الدول العربية او الإسلامية يشترك في معركة اشعلها غيره بحسب توقيتات خاصة به من دون مشاورة احد، وانما المسألة ان يكون لتلك الدول إمكانية البقاء والاستمرار مع شعوبها يداً بيد من اجل بناء مستقبل الأجيال، وليس على حساب وعي الجيل ومعيشته وخياراته في التعليم وحفظ حقوق الطفولة والنساء، مع افاضة في شعور عدم الاطمئنان بشأن الأمن الغذائي أو المائي أو الصناعي.

لا نزرع جيدا، وصناعتنا تجميع مضطرب ورديء للاستهلاكيات ليس أكثر، ومستقبل قطرة الماء الواحدة مجهول في معظم بلداننا التي تخترقها انهار.

حين نكون على هذا الحال، يقف بنيامين نتانياهو امام الشاشات لتسمعه ملايين الملايين وهو يقول : تلمسوا الهواتف النقالة في جيوبكم انها قطعة من إسرائيل.

 وبعد ذلك ماذا يمكن ان يحدث لتكمل الصورة المفزعة؟

 


مشاهدات 17
الكاتب فاتح عبدالسلام
أضيف 2025/09/17 - 2:09 PM
آخر تحديث 2025/09/18 - 1:51 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 57 الشهر 12369 الكلي 12030242
الوقت الآن
الخميس 2025/9/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير