خور عبد اللـه.. عراقي
مشتاق الربيعي
خور عبد الله ليس مجرد ممر مائي، بل هو عنوانٌ لسيادة، وشاهدٌ على تاريخٍ طويل من الجغرافيا السياسية، والصراع على المصالح، والحقوق البحرية بين الدول المتجاورة. ومن هنا، فإن الحديث عن هذا الملف يتجاوز كونه شأنًا فنيًّا أو قانونيًّا بحتًا، ليصبح قضية وطنية تتطلب نقاشًا شفافًا، وموقفًا واضحًا يحترم العقل، ويصون السيادة، ويحمي مصالح الأجيال القادمة.
العراق، بلدٌ عريقٌ بتاريخه، وأرضه ليست قابلة للمساومة أو التنازل تحت أي مبرر. الحفاظ على ترابه، ومياهه، وحدوده، مسؤولية جماعية، تبدأ من المواطن، وتمتد إلى أعلى سلطة تشريعية وتنفيذية. وأي خطوة تمس بهذا الحقّ، بشكل مباشر أو غير مباشر، تضع علامات استفهام خطيرة حول النوايا، وتستدعي وقفة واعية من الجميع.
إننا في هذا السياق لا نرفض الحوار، ولا نُخاصم مبدأ التعاون مع دول الجوار، بل نؤمن بأن العلاقات المتوازنة والمبنية على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل، هي السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار والتنمية في المنطقة. لكن هذا لا يعني أبدًا القبول بإضعاف موقف العراق في قضايا سيادته أو التنازل عن حقوقه التاريخية، سواء في البر أو البحر أو الجو.
نُطالب اليوم، بصوتٍ وطنيّ هادئٍ وحازم، أن تكون المؤسسات الرسمية العراقية، وعلى رأسها مجلس النواب، بمستوى هذه المسؤولية. على النواب أن يدركوا أن توقيع أو تصديق أي اتفاقية تمس السيادة لا يمكن أن يمرّ دون رقابة شعبية صارمة، ومساءلة قانونية شفافة، لأنهم ممثلو الشعب، ومن الشعب وإليه يعود القرار الأخير.
إن مراجعة الاتفاقيات المتعلقة بخور عبد الله، أو غيره من الملفات السيادية، ينبغي أن تتم وفق الأطر الدستورية والقانونية، وبالاستناد إلى رؤية استراتيجية تحمي حقوق العراق، دون أن تفتح أبواب الأزمات أو تُهدد علاقات العراق مع جيرانه.
ختامًا، نقولها بكل وعيٍ ومسؤولية:
خور عبد الله عراقي، ليس شعارًا عاطفيًا، بل حقيقة جغرافية وقانونية، تُقرّها الوثائق والتاريخ.
ومن أراد الحوار، فمرحبًا به على طاولة السيادة لا التنازلات