فاتح عبد السلام
مصر دولة كبيرة في كل شيء، سكاناً ومساحةً وموقعاً جغرافياً وتاريخاً سياسياً حديثاً مرتبطاً بالقضية الفلسطينية. من هذه الزاوية، كانت الأنظار تتطلع الى مصر وليس الى طرف عربي آخر في اجبار إسرائيل على فتح المعابر التي احتلتها من الجانب الفلسطيني، من سوى مصر يمتلك إمكانات الضغط على إسرائيل؟ هذا الدور المصري في الوساطة من أجل وقف الحرب منذ أكثر من سنة وتسعة شهور، يراه الفلسطينيون الذين يموتون جوعاً وقتلاً في القطاع انه ليس كافياً، وانّ مصر بإمكانها أن تفعل وليس تطلب العون من الرئيس الامريكي ترامب فقط.
لكن الحملات السياسية للنيل من مصر غير مبررة وتخالف الحقائق على الواقع المتفجر الذي صنعه قسم من الفلسطينيين أنفسهم وليس من افعال المصريين.
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، يشخص ما يحدث فعلا قائلا إن الوضع الإنساني والطبي في قطاع غزة «كارثي»، معقبا بالقول انّ على المجتمع الدولي أن يخجل من الوضع على الأرض.
وتابع عبد العاطي: «المساعدات الإنسانية التي تدخل قطاع غزة بريا محدود للغاية حتى الآن»، مضيفاً «إسقاط المساعدات جواً لا يُغني عن المسار البري وخاصة المنافذ الخمسة المغلقة من جانب إسرائيل».
وهنا، تشترك مصر مع أهالي غزة أنفسهم بالهواجس في الاسقاط الجوي للمساعدات غير مجدٍ، ولابدّ من فتح المعابر التي تحت القبضة الإسرائيلية، لكن مَن يستطيع ان يفتح هذا الباب مع إسرائيل سوى مصر، التي تربطها معاهدة سلام وعلاقات دبلوماسية طبيعية مع تل ابيب، وانّ هذه العلاقات اذا لم تنفع اليوم، فلا أحد يظن انّ ثمة أزمة كارثية أكبر قد تقع لاحقاً وتكون على صلة جغرافية وإنسانية بين إسرائيل ومصر.
نتانياهو في النهاية يدرك الحقائق المهمة الخاصة بقوة مصر وموقفها، ولا يمكنه ان يلعب معها نفس اللعبة التي يلعبها مع سوريا أو لبنان أو القطاع الفلسطيني المنكوب، لذلك سيبقى العرب يقولون أنّ مصر تستطيع ان تفعل أكثر .