حلاق الرئيس
فراس الحمداني
عندما تقرأ عنوان هذا المقال قد يتجه تفكيرك مباشرة من خلال الذاكرة الذهنية إلى الفيلم المصري السينمائي الشهير ( طباخ الرئيس ) والذي جسد الفنان فيه طلعت زكريا دور الطباخ ( متولي ) و الذي كان يعمل في طبخ وبيع الطعام الشعبي على عربة صغيرة في الشارع حتى جائته الفرصة الذهبية حين اثبت جدارته ليعمل في القصر الرئاسي طباخا” خاصا” للرئيس بشرط السرية التامة بحيث انه حتى زوجته واطفاله لا يعرفون بأنه يعمل طباخا لرئيس جمهورية مصر .. و خلال عمله كان ( متولي ) على فطرته .. ينقل أخبار الشعب إلى الرئيس بين الفينة والاخرى مما يسهم في فهم احتياجاتهم ومشاكلهم وحلها من قبل الرئيس وهو ما يحرج الوزراء والمسؤولين المقصرين والذين يحاولون جهدهم لاخفاء ذلك التقصير الحقيقي .. و عندما يريد الرئيس تفقد احوال الشعب ميدانيا” يعلن الوزراء حظر التجول بشكل سري بحجة حدوث كسوف شمسي تنجم عنه اشعة ضارة وعند خروج الرئيس بجولته دون ان يجد احدا” في الشارع يقول جملته الشهيرة ( وديتو الشعب فين ؟؟؟ ) .و لكن عندنا فإن قصة ( حلاق الرئيس ) التي نحن بصدد الحديث عنها هنا مختلفة تمامًا ! ..حيث ان ( حلاق الرئيس ) لم يصل إلى هذه الوظيفة الحساسة بالكفاءة أو المهنية العالية بل جاء نتيجة دفع مبالغ رشى كبيرة إلى وسطاء في الدولة وفق اتفاقات خاصة و بدلاً من أن يكون صوتًا للشعب وينقل همومهم إلى الرئيس كما كان طباخ الرئيس المصري فقط صار حلاق رئيسنا كابوسا” يكتم انفاس الشعب حين صار في موقع يستغل فيه ثقة الرئيس لتحقيق مصالحه شخصية والفئوية هو ومن أتوا به الى القصر .. وبدلاً من أن يكون حلاقا” بسيطا” يقوم بواجبه البسيط .. أصبح (حلاق الرئيس ) شخصية متنفذة يحمل مسدسا” ويتقلد مناصبا” وهمية وينتحل صفات وتسميات والقاب ويفتح مكتبًا” وشركات للوساطات والمقاولات و يتحكم في التعيينات وتحصيل المستحقات .. لقد حول (حلاق الرئيس) منصبه إلى أداة لتحقيق الثروة والسلطة ومن خلفه حزبه الذي اتى به مستغلا” بذلك ثقة الرئيس وموقعه القريب منه ابشع استغلال حيث لم يكتف ذلك الحلاق بكل ما ذكر بل راح يعمل مخبرا” سريا” ينقل الاخبار والتقارير والاشاعات المغرضة ضد كل من يقف امام فساده هو وحزبه بشكل مباشر الى الرئيس ويعمل على غسل دماغه بأفكار يتبنى فيها وسيلة الاقناع وفق نظرية المؤامرة وهنا اود التذكير بفلم امريكي لميل جيبسون يحمل نفس العنوان ونفس القضية ولكن بشكل مختلف ..الخلاصة من القول فإن النصيحة التي أود أن أختم بها هذا المقال مفادها (( حذاري من حلاق الرئيس )) وحذاري من امثاله ..اما السؤال الذي يدور في ذهني دون ان اجد له اجابة محددة هو (( ترى كم حلاقا” لدينا من هذا النوع ؟ وكم رئيس ؟ )) .