فاتح عبد السلام
قال مُحدثي انّ امتلاك الأحزاب أجنحة اقتصادية تحمل أسماء مكاتب وشركات أفضل وأنفع للبلد من امتلاكها أجنحة عسكرية من الممكن أن تقود الى عواقب دموية في حال حدثت أوضاع غير مستقرة او تحت ظروف اجتماعية معينة.
في ظاهر القول، هي رؤية صحيحة من حيث انّ أي فعالية خارج استخدام السلاح هي أجدى للبلد، وهي صيغة مهما احتوت على سلبيات، تنتمي للسلم الاجتماعي.
غير انّ ذلك كله هو وضع غير سليم من حيث المعايير الواجب توافرها في العمل السياسي، ذلك انّ الأحزاب المتداولة في طبيعتها ،لاسيما إذا كانت من ذوي السلطة المركزية او الثانوية ستجعل البلاد ميدانا للاستحواذ على المنافع الاقتصادية لرفد قوى وشخصيات على حساب الفعاليات الاقتصادية الأساسية ذات النفع العام الواجب ان تلتزم الدولة دعمها بشكل مباشر او من خلال القطاع الخاص الذي لن يستطيع الصمود أمام الهيمنة السياسية على الاقتصاد، أو أن يقوم القطاع الخاص اضطراراً الى توسيع أبواب الفساد من اجل المحافظة على مصالحه وتسيير اموره. بل انّ هذا التزاحم على المكاسب الاقتصادية ليس بابا للأمان الاجتماعي كما يبرر أحدهم، اذ قد يقود الى استخدام السلاح في يوم ما وعند موقف معين.
ما يجري هو في الغالب استغلال القوة السياسية المغلفة بالسلاح الظاهر او المخفي وبالمراكز والمناصب الظاهرة او الباطنة لاستحواذ الاقتصادي، وهو دور لو قامت به الدولة في مؤسساتها الشرعية لربما تعرضت لبعض الانتقادات من اجل فسح المجال وعدم تضييقه على الفعاليات الاقتصادية الصغيرة للمواطنين.
البلد يحتاج الى حقيبة وزارية تسمى الاقتصاد على سبيل المثال، والاستغناء عن حقائب تمارس بعض المهام الاقتصادية من دون روية وخارج فعالية دعم الدخل القومي للبلد. والحقيقة انه ليس مهما استحداث موقع وزاري جديد بقدر تأهيل الوضع السياسي الرسمي ليكون حاميا للفعاليات الاقتصادية ذات الدعم المستمر لموارد البلد، بحسب خطة عابرة للتقسيمات الضيقة، وعابرة حتى للمحافظات بما يوفر أفقاً محمياً للموارد العامة.
أعرف انَّ القضية فيها تفاصيل عميقة، وهي لن تكون في معرض المعالجة في العراق في الأفق القريب، ولا نخوض الحديث فيها هنا إلا من باب الأمل.