الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
البطاقة الوطنية وإذلال الشخصية

بواسطة azzaman

البطاقة الوطنية وإذلال الشخصية

جمال المظفر

 

شرعت وزارة الداخلية في اصدار البطاقة الوطنية الموحدة للمواطنين والغاء العمل بالمستمسكات الرسمية الاخرى وحددت فترة الاول من نيسان كموعد لانتهاء العمل بالمستمسكات القديمة وهو ماشكل زخما كبيراعلى دوائر اصدار البطاقات الموحدة بمعدلات تفوق طاقتها الاستيعابية ..

وكان قرار وزير الداخلية عبدالامير الشمري مستعجلا وغير مدروس كونه شكل زخما غير طبيعي على مراكز اصدار البطاقات وكذلك الضغط على الضباط والمنتسبين مما تسبب في ارباك العمل وبالتالي انعكس ذلك في تعاملهم مع المراجعين ..

وللاسف الشديد ان وزارة الداخلية وغيرها من الوزارات الاخرى مازالت تتعامل بروتين قديم يرهق المواطن ويجعله يدفع ثمن تلك الاجراءات التي لاداعي لها .. كأعادة المواطن الى دائرة قد تبعد مسافة الف كيلومتر لاجل جلب كتاب تأييد رغم ان اكثر الكتب صادرة من مؤسسات رسمية وتتحمل الجهة التي اصدرتها مسؤولية أي خطأ فيها ..بل ويجب معاقبة المسؤول والموظف الذي يتسبب بتعب واذية المواطن لان ذلك يدل على اللامبالاة وعدم الدراية بالعمل الوظيفي .. فلايمكن ان يدفع المواطن ثمن اخطاء كارثية لموظفين تسببت المحاصصة في تعيينهم بأماكن لايستحقون ان يكونوا فيها ....ناهيك عن الطوابير الطويلة التي يقف فيها المراجع من اجل توقيع او هامش ليرجع الى شباك اخر بطابور طويل ايضا من اجل ختم او توقيع وهلم جرا ليتم استهلاك الوقت في هذه الطوابير التي لاداعي لها..

ان الوزارة مطالبة بتسهيل اجراءات منح البطاقات وفي طلب المستمسكات الرسمية كون هوية الاحوال المدنية الصادرة من دوائرها تعد فاعلة ويمكن الاعتماد عليها الى حين اكمال الاعداد المهولة التي لم تحصل على هذه البطاقة وبأمكان الدولة توحيد قاعدة البيانات الحكومية لتسهيل المخاطبات بين الدوائر لتسهيل العمل برمته  ..

المشاهد التي صادفتني في دوائر اصدار البطاقات لايمكن تخيلها .. زحام لامثيل له وتعامل سئ مع المراجعين واطفال ينامون في احضان امهاتهم من شدة التعب وبعضهم قدموا من محافظات بعيدة من الجنوب الى الشمال او العكس وعجائز يحملهن اولادهن وشيوخ يسيرون على عكازات او كراسي متحركة والكثير من المشاهد المؤلمة التي جعلتني اتألم بشدة لهول مارأيت والتي تعد اهانة للمواطن العراقي صاحب التضحيات والموقف الوطنية ..!!واستذكرت هنا حديث رئيس الوزراء محمد شياع السوداني قبل فترة  واستغرابه من الروتين القاتل في انجاز المعاملات وكأنه يعيش في بلد اخر غير العراق الذي مازال يتعامل بأسلوب القرن الثامن عشر وفق منطق روح وتعال باجر اوتعال  بعد شهر وهذه المقولات باتت تسمع وتردد على الالسن ..

ليومين متتاليين رافقت ابني مع زوجته واطفاله الذي قدم من البصرة الى كركوك التي تبعد مسافة 900 كيلومتر لاصدار البطاقة الموحده وانتظرنا من ساعات الصباح الاولى لغاية الساعه السادسة مساء وفي شهر رمضان دون ان تنجز المعاملة رغم ان الاوامر تشدد على الاحقية في تمشية معاملات المحافظات البعيدة بالاول .. واضطررنا للمبيت في كركوك عند زميل عزيز رفض ان نسكن في فندق .. وهذا حدث مع عوائل اخرى قادمة من  محافظات اخرى والمؤلم في هذا ان بعض العوائل  لاتملك اجرة المبيت في فندق او مصروف يوم اخر ..

 في اليوم الثاني بكرنا في الحضور الى ان وصل الامر الى التدقيق ليكتشف المدقق ان هناك خللا في بيانات ولادة الاطفال كون الموظف في دائرة صحة البصرة نسي ان يعطي لكل بيان رقم ولادة وهذا الخطأ يتحمله الموظف لا المواطن .. وماعلى ابني الا الرجوع الى البصرة وكأن المسافة بين المحافظتين ( شمرة عصا ) ..!!!

 فأي استهانة تلك بالمواطن وبوقته وجهده ..؟!!

العالم كله يعتمد على الانترنيت في اصدار المستمسكات للمواطنين كونها الاضمن في سرعة الانجاز ولاتحتاج الى صحة صدور لانها غير قابلة للتزوير ... كما انها تخفف من كاهل المراجع في مخاطبة الدوائر لبعضها عبر دائرة مغلقة ..!!هذه الحالة التي ذكرتها هي نموذج واحد لمئات وربما الاف الحالات التي تتكرر يوميا وتكشف عن الاستهانة بجهد المواطن وتحميله مالاطاقة عليه ..والاهم ذكره هنا هو خدمة مكاتب الاستنساخ التي باتت تستنزف المواطن في الحجز الالكتروني واستنساخ المستمسكات وطلبات مالها حدود في اعادة استنساخ او جلب كتب اخرى من المكتبات وهذا يمكن ان توفره الدائرة نفسها وهو امر غير صعب عليها وعلى الدولة ايضا ..!!

رحمة بالمراجعين يااصحاب المعالي..  وليتكم بذات موقف هذه العوائل التي تعاني الامرين لتعرفوا حجم المشقة في المراجعات واستهلاك الوقت والجهد ناهيك عن نزيف الاموال في السفر ونفقات المعاملات ...!!

واتمنى من وزير الداخلية ورئيس الوزراء الذهاب بأنفسهم الى تلك الدوائر ليطلعوا عن قرب على تلك الاجراءات دون اخبار تلك الجهات بالحضور كي لايتخذوا اجراءات استباقية في ترتيب الوضع عكس ماهو عليه كل يوم .. وتوجيه الدوائر كافة بتسهيل الاجراءات وترك الروتين القاتل الذي بات العقبة الاهم امام انجاز معاملات عباد الله بحيث اصبحت المراجعات الى دوائر الدولة بمثابة عقوبة مقصودة للمواطن وليست اجراءات ادارية ..!!


مشاهدات 146
الكاتب جمال المظفر
أضيف 2024/03/26 - 2:16 PM
آخر تحديث 2024/05/10 - 7:22 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 11 الشهر 3943 الكلي 9241981
الوقت الآن
السبت 2024/5/11 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير