لماذا يقلقون على سوريا ؟
فاتح عبدالسلام
لا يوجد أي تقدير موقف في العراق سوى ضرورة دعم الحكم في سوريا ومنع سقوطه أمام المعارضة المسلحة بأي ثمن، بالرغم من انّ اللهجة العراقية تختلف من مرحلة الى أخرى، وهي لهجة تراعي الخطاب الأمريكي المنسجم معها في التعامل الحذر مع تطورات أوضاع سوريا.
وجميع دول جوار سوريا قلقة من التطورات على الميدان، وكل له حساباته وأسبابه الخاصة في قلقه. لكن يبدو انّ ايران هي الأكثر قلقاً وتأثراً مما يجري في سوريا، بالرغم من عدم وجود حدود مشتركة في الجغرافيا ، لكن حدوداً أخرى تجمعها مع سوريا وهي “وحدة الساحات” التي تصطدم اليوم باتفاق وقف اطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، وتخشى ايران ان تتعرض على يد المعارضة السورية لضربة أخرى اشد قوة.
عملياً، سيكون أي ارتداد سلبي للوضع في سوريا منعكساً على العراق وليس إيران، فالعراق حدوده كبيرة، كما انّ فصائل المعارضة السورية في حال سيطرتها على “حكم جزئي” في سوريا فإنها ستنظر الى العراق بوصفه جبهة عدوة ومهددة لها بسبب تاريخ طويل من المساندة العراقية الرسمية وغير الرسمية لدمشق. أي في كلا الحالين سيكون العراق في موضع غير مريح، فضلا عن المخاوف التي أبداها الجانب العراقي لتركيا في انّ احتمالات انتعاش “التنظيمات الإرهابية” وعودتها الى العراق كما حدث في العام 2014 لاتزال ماثلة للعيان لدى السلطات العراقية.
برغم ذلك، فإنّ التاريخ لا يعيد نفسه، وهناك ظروف مختلفة تتطلب انتباهة جديدة وآليات فهم مختلفة عمّا كان عليه الحال سابقا، وانّ القراءة الأولية لتطور الوضع على هذا النحو في السرعة والأداء والاهداف، تستدعي أن يكون العراق في موقع الحذر والاستقلالية العالية في القرار وضبط المواقف، وعدم ركوب اية موجة بدفع خارجي لأنّ النتائج العكسية الارتدادية ستعود على العراق وحده، وليس على اية جهة أخرى.
يمكن تفهم القلق العراقي كون حكّام العراق كانوا ذات يوم في مواضع في ايران تشبه ما هو عليه وضع المعارضة السورية اليوم في العلاقة مع تركيا، وانّ الرياح التي دفعت بالمعارضة العراقية الى حكم بغداد، طبعا مع عامل الاحتلال الأمريكي المباشر، قد تهب من جهة تركيا نحو حكم معارضة اخرى في دمشق.
في النهاية، سوريا للسوريين، والعراق للعراقيين. وهذا أمر يحتاج الى وعي سيادي متكامل.