انها دموع كثيرة ومختلفة الألوان تنساب على خد مدينة أم الربيعين، كما تكنى الحدباء.
دموع تحكي ما حل بأهلها في سنوات عجاف عاشت فيها القتل والحزن والألم. ودموع تبكي الآلاف الذين هجروها ليركبوا البحر ويلجأوا الى الغربة بعيداً عن الأهل والوطن.
في قاعة انتظار لشرطة الأجانب في احدى المدن الألمانية يجلس شابان قد تعارفا على التو على بعضهما. هذا ينتظر تمديد الاقامة وذاك، يخشى الرفض والترحيل! كان هناك شاب ثالث يستمع اليهما، يلفه القلق وقد تقدم بطلب لم شمل زوجته التي طال زمن انتظار مجيئها الى المانيا.
أحدهم: هل سمعتم أنهم بدأوا يعيدون الاحتفال بمهرجان الربيع في الموصل؟ كم كانت مواكب ذلك المهرجان جميلة، وحفلاته وسهراته وتزيين المدينة، حتى ان ثيرانها المجنحة كانت نزهو بالآلاف المؤلفة من ابناء مدينتها وهم يرفعون الأعلام والرايات ويدفعون ببالونات الهواء الى السماء، وينيرون الليل بالألعاب النارية الجميلة.
ذهبنا الى عرافي المدينة، نسألهم: متى تغطي هذه الدموع بسمات الفرح التي ننتظرها على شفاه الناس من صغار وكبار؟!
سنفرح عندما تختفي صور آلاف الأطفال الذين يجولون الشوارع والمزابل فيعودون لينتظموا في صفوف مدارسهم، وسنفرح عندما يجد كل عاطل عن العمل وظيفة يعتاش منها ويكون له أسرة سعيدة. وسيغمرنا السرور عندما ننتصر على الضغائن السياسية والعرقية والدينية والطائفية. كم سيكون حلماً جميلاً ونحن نعيش الاخلاص والأمانة والنزاهة في معلم وقاض وطبيب وشرطي ورجل دين. سنعيش في سعادة عندما نشعر بكرامتنا الوطنية وسيادتنا على أرضنا وثرواتنا.
عندها وعندها فقط سيرضى عنا الله وملائكته وأنبياؤه، وسيكتب التاريخ أن لنا الحق حينها أن نرقص ونغني وتزهو مواكبنا في شوارع مدينة الموصل، وتمر مياه دجلة بأمان واطمئنان من تحت جسور المدينة العتيقة.
برلين، 17.04.2024