كان في قلبي فجر ونجوم
معراج أحمد معراج الندوي
في الطفولة لذة تختلف عن جميع اللذات في مراحل الحياة، في الطفولة لذة لا يمكن التعبير عنها، فلا هي لذة الطعام الشهي في الجوع، ولا هي لذة اللباس الجديد في يوم العيد، ولا لذة اللعب في حين الشوق إليها، ولا هي لذة العطلة والفراغ بعد الدراسة المضينة والاشتغال المرهق، ولا هي لذة الإنتصار والظفر في المباراة، إنها لا تشبه لذة من هذه اللذات، إنها لذة يعرف الأطفال طعمها ولا يستطيعون وصفها، إن غاية ما يستطيعون أن يقولون إنها لذة الروح، لذة الروح في حضن أمهاتهم.. وهل الأطفال لا يحملون الأرواح..؟ ولا يشعرون باللذة الروحية..؟ إن الأطفال أشف روحا وأصح شعورا، وإن عجزوا عن التعبير.يحكي الأطفال في غزة عن أنفسهم ويقولون: «إننا لم نبع أنفسنا وضميرنا لأحد، ولم نستعن بأحد في حل مشاكلنا، ذلك لأننا اتكلنا على غير الله مرة واحدة، فسقطنا عن مقامنا مأتي مرة». كان في قلوبهم فجر ونجوم، فمن قتل أحلامهم..؟ ومن سرق نجومهم..؟ الحرية والوطن الذي لا لذة في الحياة بغيره، ولا قيمة للحياة بغيره، هذه الحرية التي امتاز بها من امتاز من الأبطال ونوابغ الرجال والعبقريين بين أقرانهم وأمثالهم، وعاش بها من عاش من الضعفاء وأوساط الناس، وخلف آثارا عجزا عن انتاجها أقوى الرجال وأغناهم، وملكه الرجال فقهروا الأمم، وملكته الأمة فقهرت العالم. هذه الحرية التي أفلست فيها الشعب الفلسطيني، أفلس الشعب الفلسطيني في اكسير الحياة وأصبحوا جسدا ميتا تحمله الحياة على أكتافها، فكانت أجوفها روحا، وأضعفها مقاومة، وأدرها حياة وأضلها عملا، شكرا لهذه المقاومة الجديدة التي أثارت في نفس الشعب الفلسطيني كامن الحب للحرية والاستقلال، وشكرا على أنها وجهت هذا الحب المنبعث المتحرك إلى من يستحقه بما فطر عليه من معاني الحسن والاحسان.