الحرب العالمية الثالثة في أوربا

راميار جمال

استمرت الحرب الروسية الأوكرانية لفترة أطول من المتوقع، مع مرور عامين في 24 فبراير/شباط، عندما أمر الرئيس فلاديمير بوتين بإرسال آلاف القوات لغزو أوكرانيا. في الواقع، استعدت روسيا لمثل هذه الحرب قبل أشهر من الهجوم، وكان الرئيس جو بايدن قد حذر من التهديد بغزو أوكرانيا. في صيف عام 2022، عندما توقع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون انتهاء الحرب في أوكرانيا بحلول نهاية عام 2023، فاجأ هذا التصريح العديد من المراقبين السياسيين، لكن للأسف استغرق الأمر وقتًا أطول مما توقعه رئيس الوزراء. المشكلة الأكبر في هذه الحرب هي أنها اتخذت بعدا دوليا حيث كان لها تأثير اقتصادي سلبي على العالم كله، من ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية، ومن ذلك إلى التضخم العالمي.

اكثر دكوية

  ويعيش الأوروبيون الآن في حالة من القلق الذي عاشوه منذ بداية الحرب. قلق تفوح منه رائحة الحرب العالمية الثانية. ولا ينبغي لنا أن ننسى أن القرن العشرين كان القرن الأكثر دموية بالنسبة للأوروبيين، وهو القرن الذي قُتل فيه ثمانين مليون إنسان في حربين عالميتين بدأهما الأوروبيون أنفسهم. وبعد 70 عاما من السلام والتنمية والأمن، ذكّرت الحرب الروسية الأوروبيين بالماضي المرير لهاتين الحربين. بمعنى آخر، إنهم خائفون من الدمار والمجاعة وسفك الدماء الذي سببته الحربان العالميتان: الحرب العالمية الأولى: 1914-1918، الحرب العالمية الثانية: 1939-1945 وما يجدر ذكره في هذا المقال هو خوف أوروبي جديد، وهو الخوف من حرب عالمية ثالثة، وهو مصدر الحرب الروسية الأوكرانية الحالية.

أجرى رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك مقابلة مع صحيفة الشرق الأوسط قبل يومين و قال رئيس الوزراء شيئا جديدا بشأن الحرب الروسية الأوكرانية. قال إن أوروبا دخلت مرحلة ما قبل الحرب للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية. ويعتقد أنه على الرغم من أنها حقيقة مرة، إلا أن مرحلة جديدة من الحرب قد بدأت وأنهم يقتربون من الحرب. ويرى دونالد تاسك، الرئيس السابق لمجلس أوروبا والمؤيد القوي لأوكرانيا المجاورة، أن الهزيمة بمثابة افتقار إلى الأمن لأي شخص في أوروبا. بالإضافة إلى ذلك، أعرب عن مخاوفه بشأن عودة دونالد ترامب. وفي الواقع، ليس هو فقط، بل العديد من الدول والمحللين السياسيين، يرون في انتخاب ترامب رئيسًا للولايات المتحدة تهديدًا كبيرًا لمستقبل أوروبا وإضعاف الحرب وتفاقمها. ومن مخاطر عودة ترامب وعده بالانسحاب من الناتو، الأمر الذي سيضعف الحلف وستكون أوروبا اتحاداً ضعيفاً أمام روسيا وتوسعها وتهديداتها. وفي مقابلة مع صحيفة واشنطن بوست، قال فولوديمير زيلينسكي إن فشل الولايات المتحدة في مساعدة أوكرانيا. ويرجع إحجام الرئيس الأوكراني عن التعاون مع الجيش الأمريكي إلى الجدل الدائر حاليا في الكونجرس الامریكی بشأن التعاون مع البلاد.

إن التهديد بحرب عالمية أخرى ليس بعيدًا عن الواقع بالنسبة للكثيرين. ولم يخف الرئيس الأوكراني ذلك و اضاف «إذا لم يتوقف العدوان الروسي، فإن ذلك سيعني حربا عالمية ثالثة».وحذر وزير الخارجية الهنغاری من نشوب حرب عالمية إذا دخلت قوات حلف شمال الأطلسي أوكرانيا. في العديد من استطلاعات الرأي، توقع الناس في الغرب حرباً عالمية أخرى. وفي هذه الاستطلاعات، يعتقد 61بالمئة من الأميركيين، و68بالمئة من الفرنسيين، و63بالمئة من الألمان، و53بالمئة من البريطانيين أن الحرب العالمية الثالثة سوف تقع في غضون السنوات الخمس إلى العشر المقبلة. ولذلك، فإن الحرب العالمية الثالثة هي احتمال حقيقي لكثير من الناس ويجب منعها.

  أستاذ جامعي