الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
مرقد النبي يوشع من بني إسرائيل أم من المسلمين الصالحين؟

بواسطة azzaman

مرقد النبي يوشع من بني إسرائيل أم من المسلمين الصالحين؟

صلاح عبد الرزاق

 

يقع مرقد النبي يوشع في مقبرة الشونيزية أو مقبرة الشيخ الجنيد البغدادي في الكوخ. وينسب المرقد إلى النبي يوشع أحد أنبياء بني إسرائيل.  وليس المقصود به يوشع بن نون فتى النبي موسى (ع) ، فهذا مرقده ليس في العراق بل توجد عدة أضرحة في مناطق أخرى تنسب ليوشع بن نون.

من هو يوشع بن نون

تشير المصادر التاريخية أن يوشع كان من بني إسرائيل وخرج معهم من مصر وعبر البحر مع موسى وهارون عليهما السلام واستقروا في سيناء بعد نجاتهم من فروع وجيشه الذين أهلكهم الله تعالى بالغرق في البحر كما أخبرنا القرآن الكريم في قصص موسى (ع) حيث ورد ذكره (١٨٤) مرة في القرآن الكريم. وهو أكثر الأنبياء الذين ورد ذكرهم في القرآن الكريم.وتذكر بعض المصادر نسب يوشع فتذكر أنه (يوشع بن نون بن أفرايم بن يوسف بن يعقوب بن إسحق بن إبراهيم). وهذا يجعل الفارق الزمني بين يوشع والنبي يوسف (ع) جيلين فقط هما نون وأفرايم. في حين الروايات التاريخية تذكر الفرق بحدود  ٤٠٠ عاماً. إذ دخل يوسف (ع) مصراً ومعه (٢٠٠) فرد من بني إسرائيل. وعندما خرجوا مع موسى (ع) كانوا قد بلغوا (٧٠ ألف) نسمة. لم يرد اسم يوشع صراحة في القرآن بل ورد بصفة الفتى الذي رافق النبي موسى (ع) في رحلته بعيداً عن قومه عندما التقى العبد الصالح الخضر (ع). إذ يرى بعض المفسرين كالشيخ الفضل بن الحسن الطوسي أن الفتى هو يوشع بن نون ، وسماه فتاه لأنه صحبه ولازمه سفراً وحضراً للتعلم منه. وقيل لأنه كان يخدمه ولهذا قال له (آتنا غداءنا) (١) ويتفق ذلك مع ما ورد في صحيح البخاري عن ابن عباس (إن قول فتاه يقصد به يوشع بن نون.

واعتبره مفسرون آخرون أنه النبي اليسع مثل مكارم الشيرازي. (٢) وقال آخرون بأنه ذو الكفل ابن أخت موسى وتلميذه .(٣)

يقول تعالى بصدد الفتى: ((وإذ قال ماوسى لفتاها لا أبرحا حتى أبلاغ مجمع البحرين أو أمضي حاقابًا ( ٦٠) فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حاوتهاما فاتخذ سبيلها في البحر سربًا ( ٦١ ) فلما جاوزا قال لفتاها آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبًا ( ٦٢ ) قال أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيتا الحاوت وما أنسانيها إلا الشيطانا أن أذكارها واتخذ سبيلها في البحر عجبًا ( ٦٣ ) قال ذلك ما كانا نبغ فارتدا على آثارهما قصصًا ( ٦٤) فوجدا عبدًا من عبادنا آتيناها رحمةً من عندنا وعلمناها من لدانا علمًا ( ٦٥ ) قال لها ماوسى هل أتبعاك على أن تاعلمن مما عالمت راشدًا (٦٦﴾) [الكهف:60–66]

ثم يقص علينا القرآن قصة النبي موسي (ع) والعبد الصالح. فقد طلب موسى (ع) أن يتعلم منه ، فاشترط  الخضر (ع) عليه أن لا يسأله عن سبب مواقفه وسلوكه تجاه الأحداث التي سيلاقيانها. يقول القرآن الكريم في سورة الكهف:

((قال لها ماوسى هل أتبعاك على أن تاعلمن مما عالمت راشدا (٦٦) قال إنك لن تستطيع معي صبرا (٦٧) وكيف تصبرا على ما لم تاحط به خابرا (٦٨)  قال ستجداني إن شاء اللها صابرا ولا أعصي لك أمرا (٦٩) قال فإن اتبعتني فلا تسـٔلني عن شيءٍ حتى أاحدث لك منها ذكرا (٧٠)  فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقها قال أخرقتها لتاغرق أهلها لقد جئت شيـًٔا إمرا (٧١) قال ألم أقال إنك لن تستطيع معي صبرا (٧٢) قال لا تاؤاخذني بما نسيتا ولا تارهقني من أمري عاسرا (٧٣) فانطلقا حتى إذا لقيا غالاما فقتلها قال أقتلت نفسا زكية بغير نفسٖ لقد جئت شيـٔا نكرا (٧٤) قال ألم أقال لك إنك لن تستطيع معي صبرا (٧٥) قال إن سألتاك عن شيءۭ بعدها فلا تاصحبني قد بلغت من لداني عاذرا (٧٦) فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قريةٍ استطعما أهلها فأبوا أن ياضيفاوهاما فوجدا فيها جدارا ياريدا أن ينقض فأقامها قال لو شئت لتخذت عليه أجرا (٧٧) قال هذا فراقا بيني وبينكا سأانبئاك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرًا (٧٨) أما السفينةا فكانت لمسكين يعملاون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهام ملكٞ يأخاذا كال سفينةٍ غصبا (٧٩)  وأما الغالما فكان أبواها ماؤمنين فخشينا أن يارهقهاما طاغينا وكافرا (٨٠) فأردنا أن يابدلهاما ربهاما خيرا منها زكوة وأقرب راحما (٨١) وأما الجدارا فكان لغالمين يتيمين في المدينة وكان تحتها كنز لهاما وكان أباوهاما صلحا فأراد ربك أن يبلاغا أشادهاما ويستخرجا كنزهاما رحمة من ربكا وما فعلتاها عن أمريا ذلك تأويلا ما لم تسطع عليه صبرا )(٨٢) 

وهذه قصة غريبة في طبيعتها ، إذ تشتمل على حوادث غير مألوفة ، كرجوع الحوت (السمك) إلى الحياة ، واتباع موسى النبي المرسل لعبد صالح يعلم أكثر منه حتى أنه يعلم بواطن الأشياء التي لم يعلمها الله تعالى لموسي (ع) ، وصرامة هذا العالم الصالح في حالة الانضباط الذي فرضه على موسي (ع) ، وأن يتحلى بالصبر ويمسك فضوله الطبيعي، وأن لا يسأل أي سؤال طوال الرحلة.

ويبدو أن صحبة يوشع مع النبي موسى (ع) قد توقفت بعد لقاء العبد الصالح حيث رافقه موسى (ع) لوحده. فالقرآن الكريم يتحدث عن شخصين بقوله (فانطلقا ، ركبا ، لقيا ، أتيا ، استطعما ،  يضيفوهما ، فوجدا ) وهي صيغة تفيد المثنى وليس الجمع. والحوار يبقى بين شخصين لا ثالث لهما. 

بعد قصص عصيان بني إسرائيل لأوامر الله تعالى وتوجيهات النبي موسى (ع) بأن يقاتلوا معه ويدخلوا المدينة وفتحها ، رفض قوم موسى القتال وطلبوا منه أن يقاتل لوحده. فكتب الله عليهم التيه لمدة أربعين عاماً. يقول تعالى:

{وإذ قال ماوسى لقومه يقوم اذكاراوا نعمة الله عليكام إذ جعل فيكام أنبيآء وجعلكام مالاوكا وءاتاكام ما لم ياؤت أحدا من العلمين ( 20 ) يقوم ادخالاوا الأرض الماقدسة التي كتب اللها لكام ولا ترتداوا على أدباركام فتنقلباوا خسرين ( 21 ) قالاوا يماوسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخالها حتى يخراجاوا منها فإن يخراجاوا منها فإنا دخلاون ( 22 ) قال رجالان من الذين يخافاون أنعم اللها عليهما ادخالاوا عليهما الباب فإذا دخلتاماوها فإنكام غلباونا وعلى الله فتوكلاوا إن كانتام ماؤمنين ( 23 ) قالاوا يماوسى إنا لن ندخالهآ أبدا ما داماوا فيها فاذهب أنت ورباك فقتلآ إنا ههانا قعداون ( 24 ) قال رب إني لآ أملكا إلا نفسي وأخي فافراق بيننا وبين القوم الفسقين ( 25 ) قال فإنها ماحرمةٌ عليهم أربعين سنةۛ يتيهاون في الأرضا فلا تأس على القوم الفسقين (26}.

البقاء مشردون

وقيل أن الرجلين (من الذين أنعم الله عليهما) هما يوشع بن نون وآخر اسمه كلاب بن يوفنه. لقد عاقبهم الله وكتب عليهم التيه أي الضياع في الأرض لمدة أربعين سنة ، لا تكون لهم دولة ولا استقرار بل يبقون مشردين خائفين حتى هلك جيل كامل وفيهم موسى وأخوه هارون عليهما السلام. وروي أن موسى (ع) قبل وفاته أعطى يوشع بن نون درع النبوة مع الألواح المقدسة التي كتبت عليها أحكام الله ، وكان عمر موسى ٩٠ عاماً.

لقد نشأ جيل جديد لم يشهد خطايا ومعاصي آبائهم وأجدادهم الذين رافقوا موسى (ع) منذ خروجه من مصر. وآمنوا بأن عليهم القتال كي تستمر حياتهم وحياة أسرهم وأولادهم ، فقاتلوا مع قائد شاب على بصيرة من أمره ، ويحظى بثقتهم.

ويورد بعض المفسرين معجزة حدثت ليوشع قبل فتح المدينة وهي أنه لم يكمل عمله في الفتح حتى أن الشمس صارت على وشك المغيب ولم يصلي العصر. فأمر الشمس بالتوقف فتوقفت . (٤)

يوشع في الكتاب المقدس

يحمل العهد القديم في الكتاب المقدس سفراً باسم يوشع ويسمه جوشوا Joshua . يقع هذا الفصل بين سفر التثنية وسفر القضاة. يبدأ الاصحاح الأول بقوله (وكان بعد موت موسى عبد الرب كلم يشوع بن نون خادم موسى قائلا: موسى عبدي قد مات. فالآن قم اعبر هذا الأردن أنت وكل هذا الشعب إلى الأرض التي أنا معطيها لهم أي لبني إسرائيل) سفر يشوع ١: ١-٢ . ويمضي السفر فيقول الله ليوشع ( كما كنتا مع موسى أكون معك ، لا أهملك ولا أتركك ، تشدد وتشجع ، لأنك أنت تقسم لهذا الشعب الأرض التي حلفتا لآبائهم أن أعطيهم) سفر يشوع ١: ٦  . ويقول أيضاً (فآمر يشوع عارفاء الشعب قائلاً: جوزوا في وسط النخلة وأمروا الشعب قائلين) يشوع ١ : ١٤.

كما يرد اسم يوشع بن نون في أسفار أخرى مثل سفر التثنية عندما يخاطب الله موسى (ع) (وأنت أيضاً لا تدخل إلى هناك . يشوع بن نون الواقف أمامك هو يدخل إلى هناك) التثنية ١: ٢٧

 

ورد في سفر العدد الإصحاح 27: "فكلم ماوسى الرب قائلاً: "لياوكل الربا إلها أرواح جميع البشر رجالاً على الجماعة، يخراجا أمامهام ويدخالا أمامهام وياخرجاهام ويادخلاهام، لكيلا تكاون جماعةا الرب كالغنم التى لا راعى لها".. فقال الربا لماوسى: "خاذ يشاوع بن ناون، رجالاً فيه راوحٌ، وضع يدك عليه، وأوقفها قادام ألعازار الكاهن وقادام كال الجماعة، وأوصه أمام أعيانهم. واجعل من هيبتك عليه ليسمع لها كالا جماعة بنى إسرائيل".

ويمضي العهد القديم في ذكر يشوع ويسرد قصة فتوحات يوشع وانتصاراته على أعدائه.

 

أين دافن يوشع بن نون

دخل بنو إسرائيل أرض فلسطين بقيادة يوشع لأول مرة ، وسكنوا بيت المقدس. وقيل أنه توفي عن عمر يتراوح بين ١١٠ إلى ١٢٦ عاماً ، ودافن في جبل أفرايم بفلسطين. (٥) وقيل في الأردن ، وقيل في طرابلس بلبنان. وذكر بعض المؤرخين أن مدفنه في قرية كفل حارس جنوب غرب نابلس بفلسطين. (٦)

ويرى الباحث عماد عبد السلام رؤوف أن ( يوشع بن نون لا صلة له بأرض العراق فضلاً عن دفنه في هذه المقبرة الإسلامية. (٧)

وذكر الهروي المتوفى سنة (٦١١ هـ / ) قبراً في المعرة ينسب إلى يوشع بن نون فتى موسى وقال (والصحيح أن يوشع بأرض نابلس)، ثم فصل القول فقال ( عورتا قرية في طريق القدس من نابلس بها مغارة فيها قبر يوشع بن نون) (٨)

ويضيف رؤوف (وأول إشارة إلى هذا القبر وردت في رحلة سيدي علي التركي سنة (٩٦١ هـ / ١٥٥٣ م) (مرآة الممالك ، ص ١٥) وفي قائمة بأسماء أولياء العراق كتبت في القرن الحادي عشر للهجرة (السابع عشر الميلادي). ونوه به الرحالة الدمشقي مصطفى بن كمال الدين الصديقي عند إقامته ببغداد سنة (١١٣٩ هـ / ١٧٢٦ م) (كشف الصدى وغسل الران في زيارة العراق وما والاها من البلدان). (ومن المؤكد أنه لم يكن للقبر وجود حتى العهد العثماني . فقد خلت من كتابات السياح اليهود أنفسهم مثل فتاحيا وبنيامين التطيلي من أية إشارة إليه. والظاهر أنه قبر أحد الصالحين من المسلمين ، لأنه مدفون باتجاه القبلة ، ونسب بعد مرور الزمن إلى النبي نفسه. (٩)

ويؤيد الرحالة محمد حرز الدين القول بأن هذا المرقد ليس للنبي يوشع فيقول (ويظن قوياً أن قبره بالقرب من نابلس في موضع اسمه (عورتا) ، قاله ياقوت (الحموي في معجم البلدان). ويوشع غير النبي قبره في قرية (القسونات) وهي قرية الكفل التي فيها مسجد النخيلة ، وهي تابعة إلى الحلة المزيدية في أواخر العهد العثماني) (١٠)

 

ويذكر السيد محمد سعيد الراوي أنه بجانب قبر النبي يوشع يوجد (قبر عبد الله بن أحمد بن حنبل ، صاحب المذهب الحنبلي، وقد أوصى أن يادفن هناك. وموضع هذا القبر هو قطيعة أم جعفر الواقعة بنهر القلائين ، وهي غير القطيعة الواقعة بالقرب من مقابر قريش) (١١) لكنني عندما زرت المرقد لم أشاهد قبراً آخر.

 

مرقد النبي يوشع في بغداد

يقع هذا المرقد في مقبرة الجنيد البغدادي بجانب الكرخ قرب السكك الحديد في الشالجية. وتضم المقبرة عدداً من الأضرحة منها الشيخ الجنيد البغدادي والشيخ السري السقطي وبهلول الكوفي والنبي يوشع.

 

وقد حظي المرقد باحترام المسلمين واليهود على حد سواء. وكان اليهود يقصدونه في مواسم معينة بالزيارة ، ويقومون على خدمته. وقد تغير الأمر عام (١٣٠٧ هـ / ١٨٨٩ م) عندما قام اليهود بدفن رئيس أحبارهم واسمه حاخام باشي عبد الله ابراهام سوميخ ، وكان قد مات بسبب الهيضة ، وأوصى أن يادفن في مقبرة النبي يوشع لقدسيتها عنده. ويضيف المؤرخ عباس العزاوي ( وذلك خلاف أمر الوالي مصطفى عاصم باشا. وفي تلك الليلة وقعت منازعات بين اليهود ومأموري البلدية ، وضربوا رئيس البلدية عبد الله الزيبق وشتموه ، وذلك بمساعدة سعيد أغا أمير اللواء (الآي بگي) وكسروا باب تربة النبي يوشع ودفنوا الحاخام. ثم أن الوالي لم يرض بهذه الحالات وأدب اليهود ، وسجن من تجاسر على هذه الأفعال ، واستحصل أمراً من السلطان عبد الحميد الثاني بإخراج جثة اليهودي ، فأخرجت الجثة ليلاً ، ودفنت في  مقابر اليهود الواقعة في الجانب الشرقي من بغداد ، في ساحة النهضة آنذاك. وبسبب التوسعة العمرانية تم في السبعينيات نقل القبور إلى مقبرة كبيرة ما زالت قائمة في منطقة الحبيبية. وهي تضم آلاف القبور المبنية بطراز واحد ، وكاتبت شواهدها باللغة العبرية. (١٢)

 

والبناء الحالي أقيم على آثار مسجد شايد في سنة (٣٧٩ هـ / ٩٨٩ م) قام بتعميره وتوسيعه الشريف أبو أحمد الحسين بن موسى الموسوي (٣٥٩- ٤٠٦ هـ / ٩٦٩ – ١٠١٥ م) والد الشريف الرضي. وكان الشريف الحسين ذا منزلة في الدولتين العباسية والبويهية ، وقد لقبه بهاء الدولة بالطاهر الأوحد. وقد وولي نقابة الطالبيين خمس مرات. ومات وهو النقيب وذهب بصره لكن ذلك لم يمنع عضد الدولة من اعتقاله وحمله إلي قلعة بفارس. وبقي سجيناً حتى مات عضد الدولة ، وجاء شرف الدولة فأطلق سراحه واستصحبه عند قدومه لبغداد.

وكان الشريف الحسن الموسوي قد استأذن الخليفة الطائع لدين الله على أن يكون جامعاً تصلى فيه الجمعة . وذلك على أثر رؤية لامرأة من أهل الجانب الشرقي رأت في منامها النبي (ص) وهو يضع كفه في حائط قبلة هذا المسجد ، وأنه صلى في هذا الموضع. (١٣)

 

تشير الرواية أعلاه أن المرقد كان في الأصل مسجداً جدده الشريف الحسن الموسوي ووسعه فأصبح جامعاً، ولا علاقة له بقبر يوشع بن نون النبي الوارد ذكره في العهد القديم ، والمدفون في فلسطين قبل إنشاء بغداد بقرون عديدة. وربما كان لأحد الصالحين من المسلمين لاسيما وأنه مدفون باتجاه القبلة. ويرى الشيخ محمد صالح السهروردي أنه قبر تاج الدين بن بهاء الدين بن بران بن يوشع المدفون سنة (٧٨٦ هـ / ) بمقبرة الكاناس الواقعة مما يلي براثا. (١٤)

 

إن أول إشارة إلى هذا القبر وردت في رحلة المؤرخ والرحالة نصوح السلاحي المطراقي الذي رافق السلطان سليمان القانوني في حملته على العراق عام (٩٤١ هـ / ١٥٣٤ م). وقد ذكر أن السلطان بعد أن فرغ من قتال الصفويين ، واستتب له الأمر باشر بنية التبرك والاستهداء بزيارة الأضرحة والمراقد التي دافن فيها الشيوخ العظام والعلماء الكرام المنتشرة في أنحاء بغداد. وقد ذكر الرحالة المطراقي بعضهم مثل (صدر صفوة النبوة ومقنن قوانين الفتوة الهادي والراشد يوشع بن نون).

كما أشار إليه الرحالة البرتغالي بيترا تكسيرا (١٦٠٤ م) وقد أطلق عليه تسمية Yehshuah Koengadoh وتعني (يوشع الراهب الأعظم). وقد وصف المرقد بأنه مشيد بأبهة عظيمة ، عليه صندوق مبني بالحجر والكلس ، وفي أعلاه لوحة نحاسية مكتوبة بحروف بارزة باللغة العربية. (١٥) وأشار إليه الرحالة كارستن نيبور (١٧٦٥) وعينه في مخططه الذي رسمه لمدينة بغداد ، ووصفه بأنه (بناية صغيرة متداعية تازار كثيراً من اليهود). (١٦)

 

يذكر أحد الباحثين أنه كان هناك شريط كتابي في عام ١٩٧٥ يعلو مدخل الضريح نصه (هذا مرقد النبي يوشع) ، وكتابات أخرى بالعبرية تزين الواجهات الخارجية. كما توجد آيات قرآنية). (١٧)

 

ويذكر صاحب (العقد اللامع) أن المرقد (كان مسجداً قويم البناء ، قد عقدت على قبره قبة بالجص والحجارة . مطلي باطنها بالمرآة والأصباغ الملونة . وقدام مرقده رواق معقود أيضاً وفناء داره واسع جداً. وعلى باب مسجده غرفة فوق اسطوانتين مبنيتين بالطابوق، تزوره اليهود في أيام مخصوصة. (١٨)

وتظهر الصور الملتقطة في عشرينيات القرن العشرين لمرقد النبي يوشع ، أن البناء الحالي يختلف عن البناء القديم في التصميم. فالبناء المشيد في العصر العثماني يتمثل بالقسم القبلي الذي يعلو الضريح. وقوام البناء القديم رواقان كل منهما مسقف بثلاث قباب . وهناك قبة مركزية تقوم فوق القبر، وعلى جانبيها إيوان مسقف بقبة معها بفتحات واسعة تعلوها عقود. وهذا التصميم لا يعدو أن يكون مسجداً يؤدي وظيفتين: الأولى للزيارة والتبرك ، والثانية للصلوات الخمس ، لذلك ناصف جدار القبلة بمحراب.

 

وهناك بناء ثانٍ من جهة المدخل الرئيس الذي يواجه الزائر ، وقوامه على وفق الصور القديمة رواق سقفه يرتفع بارتفاع طابقين. وقد تكون حجرات موزعة على يمين ويسار الداخل من الباب الرئيس تعلوها غرف تنفتح على الخارج بنوافذ عدة متوجة بعقود. وتحمي المدخل كنة (جمعها أكنة) على الطراز العثماني مفتوحة من ثلاث جهات بعقود . وقد سقد سقف الكنة الذي يكون في العادة على شكل قبة صغيرة. ويبدو هذا الجزء الذي يتصدر البناء قد تضرر كثيراً فسقطت سقوفه وتداعت أجزاء من حيطانه. (١٩)

 

لقد حافظ ضريح يوشع على حدوده القديمة المرسومة في العصر العثماني. وقوام البناء الحالي رواقان، قوام الرواق الأول قبة نصف كروية تجلس على قاعدة مربعة طول ضلعها (٦ أمتار). وقد حول المعمار الجزء العلوي من القاعدة المربعة إلى شكل دائري بواسطة أربع حنايا ركنية تنفتح على الداخل بعقود مدببة، ليسهل جلوس القبة. وتبدو من الخارج ذات دبب خفيف. أما من الداخل فتبدو نصف كروية ، يبلغ ارتفاعها من الداخل حوالي (٨،٥٠ أمتار). أما الرقبة التي يربو ارتفاعها على مترين ، فقد زودت بأربع نوافذ تتجه نحو الاتجاهات الأربعة، وظيفتها إدخال الضوء والهواء إلى حجرة الضريح. (٢٠)

 

كانت القبة مجصصة من الخارج في الماضي ، ثم في عام ٢٠١٣ ، بمناسبة اتخاذ بغداد عاصمة للثقافة العربية ، كاسيت ببلاطات مزججة باللون الفيروزي. كما كسيت الرقبة بالبلاطات نفسها ، وزينت بشريط كتابي قوامه آيات قرآنية من سورة الكهف ، كاتبت باللون الأبيض على بلاطات زرقاء. أما من الداخل فباطن القبة في الأصل مزين بقطع المرايا ، وقد حاول القائمون على الترميم أعادتها كما كانت قديماً  لكنهم فشلوا في ذلك.

يقع المحراب في منتصف جدار القبلة، قوامه حنية بسيطة قليلة العمق ارتفاعها يربو على المترين ، وعرضها (٧٥ سم). وهو مكسو بالإسمنت وخال من الزخرفة شأنها شأن باقي جدران الضريح. إذ طمست جميع الكتابات التي كانت في الضريح ومنها الكتابات العبرية التي كانت تزين الواجهة المطلة على الصحن. (٢١)

يتصل بمربع القبة المركزية من الجهتين الشرقية والغربية إيوانان متقابلان ومتناظران ، ينفتح كل منهما على حجرة القبر بعقد واسع مدبب. وهذان الإيوانان مسقفان بقبتين منخفضتين تقومان على مثلثات ركنية. وقد زود الإيوانان بأجنحة على شكل دخلات كبيرة وجدت لتوفر فضاء للمصلين. (٢٢)

 

أما الرواق الثاني الذي يضم المدخل فتصميمه لا يختلف عن الرواق الأول . ويتكون من المدخل الذي قوامه فتحة واسعة عرضها (٣،٥٠ أمتار) متوجة بعقد مدبب . وفتحة المدخل تقود إلى مربع وسطي طول ضلعه (٣،٢٠ أمتار) مسقف بقبة. ويتصل بهذا المربع من الجهتين الشرقية والغربية إيوانان أيضاً كما في الرواق الأول تغطي كل منهما قبة صغيرة تقوم على مثلثات ركنية ارتفاعها (٤ أمتار). والإيوان ذو جناح واحد على شكل دخلة كبيرة تصلح للاعتكاف والصلاة والإقامة. وحتى عام ١٩٧٥ كانت هناك بئران في داخل الأواوين ، لسقاية الزوار والمصلين، ثم طمرتا لانتفاء الحاجة إليهما بعد وصول ماء الإسالة. (٢٣)

 

لقد غالفت جميع الجدران من الداخل والخارج بالطابوق الحديث بعد أن نزعت قشرتها الجصية. والتغليف بالطابوق طال الواجهات الأربع للبناء. وقد أعيد ترتيبها على النمط القديم. إذ ترك المعمار التغليف تحت الجديد. على خلاف ما فعل بالداخل حيث غلف بعد أن قشر الجدران.

 

لقد اهتم المعمار بالواجهة الداخلية التي تضم مدخل المرقد والأخرى التي تطل على الشارع المجاور. فقد زاينت الواجهة بحنايا داخلية صماء كبيرة ، قليلة العمق ، متوجة بعقود مدببة ، وزاينت كوشات تلك العقود بزخارف آجرية تحمل نقوشاً هندسية جلها أطباق نجمية مطعمة باللون الأزرق. وقد حاددت تلك الزخارف بإطار مزجج أيضاً.

 

تنفتح الواجهة التي يبلغ طولها (١٧،٢٠ متراً) على صحن واسع استغل معظمه لإنشاء حديقة مزروعة بالأشجار والنباتات والزهور. وحول الصحن تم بناء سياج يتضمن بوابة كبيرة تطل على الشارع.

 

زيارتي لمرقد النبي يوشع

من أجل الاطلاع والمشاهدة فقد زرت مرقد النبي يوشع مرتين: الأول في ٩ شباط ٢٠٢٣ والثاني في ١٥ آذار ٢٠٢٤. في الزيارة الأولى كان المرقد مغلقاً كلياً بسبب أعمال الصيانة فلم أتمكن من اجتياز البوابة المطلة على الشارع. وفي الزيارة الثانية أي بعد مرور عام دخلت فقط إلى حديقة المرقد لأن باب المرقد الداخلي كان مغلقاً بمشبك حديدي. فما كان منا إلا أن كلفت المصور المرافق الصعود فوق المشبك وتصوير المرقد من الداخل.

 

المدخل عبارة عن إيوان واسع يعلوه عقد مدبب. وفوق العقد المدبب تم تزيين الجدار بنقوش أرابيسك ذات نجمات كبيرة وصغيرة ذات أجزاء مزججة بلون فيروزي. وتحيط بالقوس وأعلاه وجوانبه بشريط من القاشاني المزجج بنفس اللون. كما توجد دخلتان مصمتان على جانبي الإيوان يعلو كل منهما قوس مدبب ، تعلوه نقوش هندسية آجرية تختلف عن نقوش الإيوان.

ويعاني الجزء الغربي من أضرار بالغة في الفتحة المصمتة الخارجية. إذ تعرض الطابوق الذي تم تغليف الجدار القديم إلى الانهدام والسقوط . الأمر الذي يوضح أن أعمال الترميم تمت بشكل غير مهني ولا فني هندسي.

من جانب آخر شاهدتا طبقات الجدار القديمة حيث يبدو الجدار الخارجي من الطابوق المتحجر لقدمه. وتأتي بعده طبقة ركامية من الحجارة وكسر الطابوق والطين رصت بشكل عشوائي أدت إلى تسليط الضغط على الجدار فأديت إلى تهديمه. وهذا النوع من البناء غير متعارف في الأبنية التاريخية والتراثية. فهناك مبالغة في سمك الجدار حتى بلغ المترين !! ربما لفشل المعمار في تقدير حجم الثقل القادم من القباب باتجاه الجدار، فقام بزيادة سمك الجدار لتفادي الوزن الزائد.

 

بعد اجتياز الإيوان الكبير يأتي باب المرقد الذي تعلوه لوحة بيضاء مكتوب عليها (مرقد نبي الله يوشع عليه السلام). وعلى جانبي الإيوان يوجد إيوان في الجهة اليمنى وآخر في الجهة اليسار ، وكلاهما تم تغليفه بالطابوق الحديث. أما سقف الإيوان تم قشره وظهرت طبقة الجص ، بانتظار ترميمه وتغليفه.

 

أما قبة المرقد فهي واسعة وتوفر فضاءً واسعاً ، وتستند على مجموعة من العقود بهدف توزيع ثقل القبة على الجدران. القبة كانت مزينة بأعمال قطع المرآة الصغيرة (آينه كاري) وهو عمل معروف في المراقد والعتبات الشيعية. وهذا العمل باق منه بارتفاع أقل من مترين في الجزء السفلي من القبة. أما الجزء العلوي من القبة فقد تساقط التغليف الزجاجي أو ربما تم قلعه بهدف أعادته بعد معالجة الأضرار التي أصابت القبة من الداخل. وما بقي منه سوى طبقة من الجص غير مهذبة. أما المحراب فقد تمت تغطيته بغطاء بلاستك أسود لحمايته من الأجزاء المتساقطة من السقف والجدار.

 

الكتابات في المرقد

يقع القبر في وسط المرقد وتحت القبة مباشرة ، تغطيه ستارة سوداء مهداة من جنوب أفريقيا ومكتوب عليها بتطريز أبيض فضي كالتالي:

من الجهة الكبيرة المواجهة للمدخل جاء فيها:

( يا الله ... يا محمد

لا إله إلا الله ... محمد رسول الله

تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض

منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات)

مع صور لقبة ومنارتين والكعبة المشرفة بالتطريز الفضي أيضاً.

 

وتكررت الكتابة أعلاه في جانبين آخرين لكن بحجم أصغر.

 

وفي الجهة الرابعة مكتوب فيها رسم الجهة التي أهدت الستارة :

( هذه من مريدين في لطريقة القادرية إلى الحضرة

السيد هاشم الدين الگيلاني القادري البغدادي

خادم حاجي فهيم الزمان القادري

شهزاد القادري)

 

على الجدران عالقت لوحات أحدها سجادة مكتوب عليها آية الكرسي من سورة البقرة. وفي لوحة أخرى مكتوب بخط عربي آيات من سورة الكهف :

( بسم الله الرحمن الرحيم

وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حاقابا. فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سربا. فلما جاوزا قال لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا. قال أرآيت إذ آوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت ، وما أنسانيه إلا الشيطان أذكره واتخذ سبيله في البحر عجباً. قال ذلك ما كنا نبغ فارتدا على آثارهما قصصا. فوجدا عبداً من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علماً. صدق الله العلي العظيم.)

 

وعلى الجانب الآخر وضعت لوحة بنفس الحجم تضمنت إصحاحات من (سفر يوشع ١: ٦-٨) من التوراة عندما يخاطب الرب يوشع جاء فيها:

(كما كنتا مع موسى أكون معك ، لا أهملك ولا أتركك ، تشدد وتشجع لا يبرح سفر هذه

الشريعة من فمك ، بل تلهج فيه نهاراً وليلاً لكي تتحفظ للعمل حسب

كل ما هو مكتوب فيه لأنك حينئذٍ تصلح طريقك وحينئذٍ تفلح. أما

أمرتك تشدد وتشجع ، لا ترهب ولا ترتعب لأن الرب إلهك معك حيثما تذهب)

 

وفي الواجهة الأمامية وضعت لوحة سوداء عليها كتابة بيضاء جاء فيها:

(زيارة نبي الله يوشع عليه السلام

السلام على آدم صفوة الله

السلام على نوح نبي الله

السلام على إبراهيم خليل الله

السلام موسى كليم الله

السلام على يوشع نبي الله ووصي موسى كليم الله

السلام على من حابست له الشمس حتى نصره الله على الجبابرة الظالمين

السلام على من جعل له باب حطة وفتح الله على يديه البلاد المقدسة

السلام على السيد الجليل والعبد الصالح والتقي

 الناصح يوشع بن نون ورحمة الله وبركاته

السلام على عيسى روح الله

السلام على محمد حبيب الله

اللهم صل على محمد وآل محمد وعلى جميع الأنبياء

والمرسلين وعلى ملائكتك المقربين وعلى أهل طاعتك أجمعين

اللهم آمنا بما أنزلت إلينا وما أنزلت من قبلنا وآمنا

برسلك أجمعين ، لا نفرق بين أحداً من رسلك

وسمعنا وأطعنا غفرانك. ربنا وإليك المصير

وصل اللهم على سيدنا محمد وآله الطاهرين)  

 

وهذه الزيارة تشابه كثيراً (زيارة وارث) الخاصة بالإمام الحسين عليه السلام. كما أن الصلاة على محمد وآل محمد من الأدبيات الإسلامية المتداولة عند الشيعة قولاً وكتابة.

 

وعلى جانبي باب المرقد عالقت لوحات تتضمن كتابات بالعربية.

واحدة مكتوب عليها آية الكرسي بخط كوفي ، وفيها زخرفة ملونة . وتحط بها سورة الفاتحة بالخط الكوفي أيضاً.

والثانية عبارة عن لوحة مجسمة سوداء مكتوب عليها أسماء الله الحسني باللون الأبيض. وعليها كتابة كبيرة في الوسط (محمد رسول الله).

والثالثة عبارة عن درع معدني مستدير من المعدن. مكتوب عليه أسماء الله الحسنى بشكل دائري وعلى ثلاث مستويات. في الوسط كتب سورة الفاتحة بسطرين. وفي المركز كتبت عبارة (محمد رسول الله) وفي المركز توجد نسخة من القرآن الكريم ولون الجلد أحمر.

 

وفي الطارمة الخارجية عثرت على لوحين حجريين مهملين وناقصين. كتب على أحدهما :

(.... الله الرحمن الرحيم

... الله السلام على نوح ....

... وعلى آله وصحبه الغر الميامين السلام

...ورحمة الله وبركاته . الفاتحة )

 

ومكتوب على الأخرى:

 (وصي موسى يوشع بن نون

  خاتم الأنبياء والمرسلين )

 

أما السياج الخارجي فقد تم تغليفه الطابوق الجديد مح وجود طاقات مصمتة مزينة بطابوق مزجج باللون الفيروزي. ويعلو المدخل قوسان ، الأسفل من الخرساني المسلحة ، والعلوي من الطابوق العقادة. وما زالا ينتظران إكمال التعمير.

الجدير بالذكر أن تأخر أعمال الاعمار والترميم ، كما يذكر حارس المرقد ، يعود للخلاف بين وزارة الثقافة وبين ديوان الوقف السني الذي يشرف على المرقد. نأمل أن يتوصل الطرفان إلى حل خلافاتهما وتتم المباشرة بإعادة الأعمار ليعود المرقد بأبهى حلة ويستقبل الزائرين.

 

 

الهوامش

١-الطوسي (البيان في تفسير القرآن ) ، ج ٣ ، ص ٥٩١-٥٩٢ ، مؤسسة إحياء الكتب الإسلامية ، ٤-

٢- مكارم الشيرازي (القصص القرآنية) ، ص ٣٥٣

٣- المقدسي (الخلق والتاريخ) ، ج ١ ، ص ٤٦٨

٤- محم


مشاهدات 343
أضيف 2024/04/05 - 10:59 PM
آخر تحديث 2024/05/05 - 2:33 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 326 الشهر 1900 الكلي 9139938
الوقت الآن
الأحد 2024/5/5 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير