إبداع بغير حروف
مؤيد الصالحي
جميل حقا ما شاهدته في متحف الأدباء ، الذي يضم بعض صور و مقتنيات و مخطوطات و أعمال باقلام ادباءنا الرواد ، معروضة على نحو رائع و أنيق ، يشير بوضوح إلى حرص اتحادنا العريق على تفعيل الاهتمام و توصيف الرعاية التي يحصل عليه الأديب ، رغم الامكانات المادية المتواضعة . فقد ملء المتحف دواخلنا نحن ادباء الوطن فراغا لا يملوه احد ، نستشف منه خفايا أنفسنا كلمة .. كلمة اودعناها بين دفتي قصيدة او قصة او رواية ، هي كل عالم الكلمات ذات البعد الإنساني الذي لا يشيخ و لا ينطفىء موضعها ، فهي تتحرك بايقاع و انسجام منظم ، تحلق في ظلمات الامسيات بحثا عن اطياف فجر ما لتغيير حياتنا ، تماما مثل الحشرات الليلية تخرج قرب النوافذ المضيئة للتنفس .
المتحف عبارة عن رسالة وصلت مفادها : اكتشاف ماهيتنا التي تدور في خلدنا ، فعند رحيل زملائنا عن عالمنا هذا ، وهو حتما انتقال طبيعي بين البشر ، و هذا لا يعني فقدانهم إلى الأبد ، لأن التجوال في المتحف جعلنا نستذكرهم الواحد تلو الآخر ، فهم أحياء فاعلين في سماء وجودنا بإيجابية ، و لسان حال معظمنا يقول : إننا سعداء رغم إننا لا نملك كل شيء ، لكننا مقتنعين بكل شيء .