الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الخياطة في ميسان.. مهن تلاشت والقادم مجهول لأصحاب الخبرة

بواسطة azzaman

الخياطة في ميسان.. مهن تلاشت والقادم مجهول لأصحاب الخبرة

 

ميسان - كواكب علي السراي

مع مرور الزمن وتطور العادات وتبدّل مقتضيات الحياة الاجتماعية والأنشطة المهنية، تغيّرت أمور كثيرة في هذه المهنة ، لكنها بقيت متأصلة عند الرجال ومقتصرة على أقليّة ممن يمارسون هذه المهنة منذ سنوات سابقة ولغاية وقتنا الحاضر ، لكنها تبقى ليست كافية للاستمرار والحفاظ عليها من الانقراض في الظروف الحالية , كون المسؤولين في الحكومة على مستوى المحافظة او في العراق ككل لا يدعمون ممارسي هذه المهن او ايجاد الحلول المساعدة لهم , ويقفون موقف المتفرج الا مبالي لما يحدث على مستوى البلد  .

مواد طبيعية

من بين محلات الخياطة الرجالية في السوق الكبير في ميسان ، التي لا تتعدّى العشرات ، اخترنا ثلاث منها ما زالت تزاول العمل الحر في الخياطة وأجود المواد الطبيعية ، خارج متوجّبات الوقت والكلفة ، للحيلولة دون اندثار هذه المهنة أمام زحف صرعات الأزياء والملابس الجاهزة والمستوردة .

فكانت لنا جوله بين فروع السوق الذي يحتوي محلات الخياطين القديمة وقد اصبحنا ضيوفنا في احد المحلات والذي يملكه الخياط مشتاق ابو مجتبى البالغ من العمر 45 سنة متزوج : وقد تحدث عن مهنته قائلا» : توارث المهنة عن ابي انا واخوتي نعمل فيها , حيث بدأت العمل في الخياطة في العام 1997 , وقد كنت متخصص في خياطة الزي العربي , بالإضافة لخياطة القميص والبنطرون , حيث كانت المهنة هي من مصادر الدخل الاساسية وكانت الايرادات جيدة مما دفعني لتأسيس بيت وعائلة , فكانت تكاليف الزواج وتأثيث البيت على نفقتي الخاصة فكنت المعين لوالدي في مصاريف البيت بالإضافة لمصاريفي الخاصة بعائلتي , فكانت المهنة مزدهرة.

واضاف ابو مجتبى : كانت الخياطة في الاعياد والمناسبات تصل الطلبات فيها بوفرة كبيرة , بحيث يكون علي ان احدد واستقبل عدد معين من الطلبات بالأخص زبائني الدائمين , مثلا» في رمضان يوم «15» رمضان نتوقف في الطلبات من الزبائن كون الايام المتبقية لغاية العيد ننجز فيها الطلبات , كون الموطن كان يعتمد بالأساس على الملابس الجديد والتي تأتي من الخياطة , كون الاستيراد كان محدود في العراق ويعتمد على الصناعة الوطنية .

أما اليوم وفي وقتنا الحاضر : فقط اصبح دخل الخياطين يعتمد على المواطنين الذين يجلبون الملابس التي تحتاج تعديل وترتيب ولا يتعدى الايراد من ( 15 الى 20 ) الف دينار , من الصباح الباكر الى الساعة «8» مساء وفي بعض الاحيان نغلق الحال الساعة «7» مساءا لقلة العمل في السوق .

اما «الحاج ابو حسن» خياط  في الــ «55» من عمره : فيقول لدينا فرع لنقابة المهنيين , وتوجد لدينا هويات انتماء لكن العمل فيها متوقف , ولا يوجد من يتابع الامور التي تهم اصحاب المهن من الخياطين , والبحث عن السبل والحلول التي توفر العمل لهم , بعد اكتساح الملابس الجاهزة الاسواق ..

اما «ابو نبيل» رجل جاوز عمرة الـ 65 عام : لكنه مستمر في مهنته حيث يقول انها مصدر رزقي الوحيد , والتي تعيلني وتعيل زوجتي , بعد زواج الابناء وانشغالهم بحياتهم , حيث اعتمد حاليا» ع تعديل الملابس فقط , علما» اني جربت العمل مع المعامل وشركات الملابس , فلا اخفيكم العمل يستمر بدوام والتزام كامل من ساعات النهار الاولى وينتهي مساءا» , وهذا العمل لا يناسبني كوني كبير في السن ولا استطيع العمل لساعات طويلة .

واضاف (نطالب الجهات المسؤول لكي تجد حلول , لأصحاب المهن ومنحهم رواتب رعاية على اقل تقدير كون هذه المهنة وغيرها من المهن التقليدية بدأت بالزوال), مشيرا الى (زيادة البطالة في المجتمع مع زيادة العمالة الاجنبية في العراق , وهذه أسباب تضاف الى اسباب كثيرة تؤدي الى تردي الواقع الاجتماعي والاقتصادي للبلد).

من جانب اخرى» ننظر الى العراق بعد معاناة من عدة أحداث أثرت على الوضع الاقتصادي , اتجه العديد من الناس إلى ( المهن الحرفية المتنوعة ) لتحسين أوضاعهم , حيث تعيش الكثير من المهن التقليدية في العراق أيامها الأخيرة ، بعدما داستها عجلات التطور وتقدمت وقد غزا المنتج المستورد الأسواق , من البضائع الصينية التي امتلأت بها الاسواق وبأسعار رخيصة عكس الصناعة المحلية التي تباع .

وعلى نفس السياق يتحدث , الشاب «احمد خليل» خريج جديد اختصاص بكالوريوس ادارة اعمال : عن مهنة الخياطة ويقول لا توجد تعيينات , وقد قدمت اوراقي طلبا» للتعين في جميع المؤسسات الحكومية والاهلية , ولغاية الان لم احصل على أي وظيفة , وقد انتهت بي السبل الى انه علي تعلم أي مهنة حرة وتقليدية للعمل فيها ولتكون لي مصدر دخل ثابت كـــ (دخل يومي او اسبوعي او شهري) كوني المعيل الوحيد لعائلتــــــــــــــي بعــــــــد وفاه والدي ,علما» ان الــــــظروف الاقــــــتصادية صعبة والبطالة اصبـــــــــــــحت  85 بالمئــــــــــــة من الشـــباب العراقي يعاني منها .

فيما أكد» , مواطنون أن ( المرأة العاطلة عن العمل ) باتت هي الاخرى تبحث عن مهن غير تقليدية لمواصلة الحياة في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها اغلب النساء العراقيات , بسبب قلة الفرص المتاحة , ويعود سبب ارتفاع معدلات البطالة في المجتمع العراقي لعدة أسباب من بينها ( قلة فرص العمل ومحدودية المجالات ، إضافة إلى تفضل تشغيل الذكور على النساء في معظم مؤسسات القطاع الخاص , وذلك يرجع إلى ذلك رغبة بعض الأسر بتوظيف الذكور من أفراد العائلة على حساب توظيف الإناث , وترك النساء للمساعدة في الأعمال المنزلية ) .

علما» ان العراق منذ العام 2003 فرض عليه أنماطا جديدة من العادات والتقاليد كان المحفز لأزاحه مهن» أخرى لها ارتباط بتراث البلد ، ناهيك ببلاد تخلت عن نمط كان يميزها عن سواها من البلدان وكانــــــــــت سبب بانضمام الآلاف من الصناع المهرة والعاملين في الحرف التي عبرت عن ألوان الحياة في البلاد , والتي انقرضت إلى قائمة العاطلين عن العمل وانتظار المستقبل المجهول بالنسبة لهم .

 


مشاهدات 482
أضيف 2024/02/04 - 10:06 PM
آخر تحديث 2024/05/19 - 6:59 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 4 الشهر 7681 الكلي 9345719
الوقت الآن
الإثنين 2024/5/20 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير