الأمن السيبراني
سعد غالب ياسين
يحتل العراق المستوى الرابع(55-20) في المؤشر العالمي للامن السيبراني الصادر عن الاتحاد الدولي للاتصالات . ويتكون المؤشر من خمسة مستويات( صفر للأضعف ومئة للأفضل) ويمثل القيمة الكلية للمؤشر. ويشير المستوى الرابع الى الدول التي لاتزال في مرحلة التطور. وقد مضى العراق بخطوات ايجابية جادة في مجال ألأمن السيبراني وبخاصة في تأسيسه للمركز الوطني للأمن السيبراني وصياغة الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني وأن جائت كما نعتقد مقتضبة وبدون خطة تنفيذية أو خارطة طريق شاملة ومفصلة.
مانقترحه في هذا السياق ونرى أنه الخيار الانسب هو تأسيس هيئة حكومية مستقلة أداريا وماليا وبامكانيات وموارد كبيرة مرتبطة برئاسة الوزراء وقادرة على ضمان الامن السيبراني الشامل والمستدام للعراق من خلال حوكمة مركزية لاتستثني أحد وبنية تنظيمية لامركزية تمتد الى الوزارات والمؤسسات العامة والحيوية من أجل بناء القدرات التنظيمية والتقنية لكل قطاع ومؤسسسة وفي ظل منظومة متكاملة من القوانين والتشريعات.
أن من أكثر ألأخطاء الشائعة في تطبيقات الأمن السيبراني الاعتقاد بأن هذا الأمن هو جزء من منظومة وزارة سيادية محددة لكن في واقع الامر مهما كانت هذه الوزارة مهمة ومؤثرة لاتستطيع بمفردها تغطية أحتياجات المؤسسات الحكومية والخاصة وقطاع الاعمال والمنظمات والجهات الدولية العاملة في العراق. بمعنى اخر لاتستطيع أن تضمن التغطية الشاملة والمستدامة للأمن السيبراتي. الهيئة الوطنية للأمن السيبراني الشامل والمستدام يجب أن تعمل ضمن بنية تنظيمية لحماية المصالح الحيوية للدولة وأمن الدولة الوطني وبنيتها التحتية وقطاعاتها الاقتصادية والمالية والمصرفية والاجتماعية والتكنلوجية. وبالتالي يجب أن تتصدر الهيئة مهام وضع أطر عمل وأدلة تنظيمية واجراءات حوكمة الامن السيبراني للنظم الحرجة مثل الطاقة والموارد والاصول الاستراتيجية وأمن بنية شبكات ومنظومات تكنلوجيا المعلومات والاتصالات والامن السيبراني لمقدمي الحوسبة السحابية وحماية الاصول الرقمية. كما يجب أن تضع الهيئة بروتوكولات المشاركة بالمعلومات الحساسة على مستوى مؤسسات الدولة بمستوياته الخمسة من أحمر شخصي وسري للمستلم فقط الى أبيض غير محدد. شمولية واستدامة هيئة الامن السيبراني يعني ضمان هذا الامن للوطن واقتصاده ومجتمعه وأفراده ولدعم التحول الرقمي وتنمية البنية الرقمية. أي أن تصبح الهيئة المقترحة المرجع الوطني للعراق في شؤون الأمن السيبراني تتولى وضع ضوابط أساسية ملزمة لجميع الهيئات والمؤسسات العامة والخاصة لحماية شبكاتها ونظمها وبياناتها. وعلى الهيئة وبالشراكة مع الجهات ذات العلاقة وضع سياسات لضمان سرية وسلامة المعلومات وتوافرها في ضوء استراتيجيات مفصلة واضحة الغايات والاجراءات. بمنظور اخر ستضمن الحوكمة الرشيدة للأمن السيبراني صمود هذا الامن في ظروف المخاطر أو الكوارث والتهديدات لأن عملها سيكون متكاملا وتأسيسيا للأمن السيبراني الموجه لتحقيق غايات الدفاع والتحكم وادارة امن الشبكات والتشفير وادارة مخاطر الامن السيبراني وقبل كل هذا نشر الوعي والثقافة السيبرانية بسبب طبيعة المجتمع المفتوح والمتصل بالانترنت. وأخيرا لابد لنا من تكرار مقول القول وهو أننا نعيش في عصر المراقبة الرقمية وعصر الرأسمالية الرقمية. عصر يسرق الذكاء الاصطناعي بياناتنا في كل لحظة اتصال بالانترت أو سواها. وعالمنا اليوم هو الانترنت ونحن في داخل هذا العالم عبارة عن معطيات وكينونات لاتمتلك مفاتيح اللعبة الجديدة ولاقواعدها لاننا لم نكن طرفا في تطورها ولانعرف خباياها.
كل مانريده أن نحمي مانستطيع وطننا وأجيالنا من الارهاب والتلاعب والابتزاز ومن جشع الخوارزميات وطوفان المعلومات والصور والفديوات وكل اشكال المحتوى الرقمي المفيد والمزيف والتافه . هذه ومضات لسالك الطريق وشيء من خافت النور في مصباح العراق الرقمي الذي نحلم ونأمل.