الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الفساد والجهل سبب الكوارث

بواسطة azzaman

الفساد والجهل سبب الكوارث

أمير علي الحسون

 

لا يخفى على أحد أن تكرار حوادث الحريق في العراق، سواء في المؤسسات الحكومية أو في القطاع الخاص أو حتى داخل البيوت، يعود في جوهره إلى سببين رئيسيين، لا يمكن التغافل عنهما أو تجاوزهما بأي حال من الأحوال.

السبب الأول هو الفساد وضعف الرقابة، إذ أن الجهات المسؤولة عن منح التراخيص والموافقات للأنشطة المختلفة – سواء كانت زراعية أو صناعية أو تجارية أو سكنية – كثيرًا ما تتغاضى عن شروط السلامة والأمان، ومنها الشروط البيئية والصحية وتعليمات الدفاع المدني، مقابل الرشى أو المصالح الشخصية، أو بسبب ضغوط من جهات سياسية نافذة أو تحت تأثير المحسوبية. وهكذا يتم غض النظر عن الخروقات، ليُترك المواطن في نهاية المطاف عرضةً لخطر قد يهدد حياته وممتلكاته.

أما السبب الثاني، فهو ضعف الوعي العام وانعدام ثقافة الأمن والسلامة، سواء من قبل المواطنين أو حتى بعض المسؤولين والعاملين في المؤسسات. فالتشريعات والتعليمات موجودة، لكن لا أحد يُحسن قراءتها أو الالتزام بها، بل غالبًا ما يتم تجاوزها في ظل غياب الدعم للحملات التوعوية الفعالة، التي يُفترض أن تشرح هذه اللوائح بشكل مكثف من خلال وسائل إعلام الدولة وغيرها، وتربطها بحياة الناس اليومية.

ركيزة اساسية

ومن المؤسف أن الدولة العراقية لا تضع التوعية في صلب أولوياتها، ولا تتعامل معها باعتبارها ركيزة أساسية للوقاية من الكوارث، كما هو الحال في العديد من الدول المتقدمة.

فمع كل حادث، نسمع شعارات الحزم والمحاسبة، لكننا لا نرى مراجعة حقيقية لجذور الخلل المتعلق بمنظومة الفساد والقصور الرقابي. وللأسف، ولسنين طويلة، لم تعترف الدولة بعد بأنها تتحمل المسؤولية الكبرى في هذا المجال، نتيجة سوء اختيار الشخصيات التي توكل إليها المهام الرقابية أو الخدمية، والتي كثيرًا ما تفتقر إلى الكفاءة أو النزاهة أو الخبرة أو حتى الحرص الوطني. بل العكس، فإن من يمتلك هذه المواصفات غالبًا ما يكون عرضة للتسقيط أو التهميش.

وإذا أردنا التغيير الحقيقي، فلا بد أن تتبنى الدولة مشروعًا وطنيًا متكاملاً للتوعية وبناء ثقافة المواطنة. مشروع لا يكون هامشيًا أو شكليًا، بل مؤسسة فاعلة تُعنى بإرساء مبادئ السلامة والأمان، وتغرس في وعي المجتمع – بمؤسساته العامة والخاصة – روح الالتزام والانضباط.

نحن بحاجة ماسة إلى دائرة عامة تُعنى بالمواطنة والوعي المجتمعي، تُنشأ ضمن الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وتُعهد إليها مهام تطوير المناهج التوعوية، والإشراف على حملات التواصل مع الجمهور، وتفعيل الشراكات مع الوزارات والدوائر المعنية، وكذلك مع منظمات المجتمع المدني.

وبغير ذلك، ستظل الكوارث تتكرر، وسنظل نُشيّع الضحايا، ونكتفي ببيانات العزاء، والتصريحات الساخنة، والإجراءات الموضعية التي لا تمس جوهر الأزمة.

آن الأوان أن يتبنى السيد رئيس الوزراء شخصيًا هذا المشروع، ويقوده ضمن خطة وطنية شاملة، كما نجح في الكثير من الملفات الخدمية والبيئية والتنموية. لتبدأ هذه الخطة من مواجهة حاسمة للفساد، وتنتهي ببناء إنسان واعٍ، يعرف كيف يحمي نفسه، ويحافظ على وطنه.

 

 


مشاهدات 67
الكاتب أمير علي الحسون
أضيف 2025/07/19 - 12:01 AM
آخر تحديث 2025/07/20 - 12:47 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 534 الشهر 12942 الكلي 11166554
الوقت الآن
الأحد 2025/7/20 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير