الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
مواجعٌ‭ ‬صادحةٌ

بواسطة azzaman

مواجعٌ‭ ‬صادحةٌ

حسن‭ ‬النواب

 

هذه‭ ‬المرَّةُ‭ ‬أنا‭ ‬الذي‭ ‬يفصِّلُ‭ ‬ثوبَ‭ ‬القصيدة‭ ‬ويرتِّقُ‭ ‬جُرح‭ ‬الكلام،

أجلْ؛‭ ‬أنا‭ ‬الذي‭ ‬وهبتُ‭ ‬الحروف‭ ‬جمراتٍ‭ ‬من‭ ‬اختبالي‭ ‬حتى‭ ‬تضيء،‭ ‬

ومواجعي‭ ‬مازالتْ‭ ‬صادحةً،

والشظايا‭ ‬ما‭ ‬فتئتْ‭ ‬تطعنُ‭ ‬أشجاني،‭ ‬

فكيف‭ ‬أقتنصُ‭ ‬الرؤى؟

أنا‭ ‬الذي‭ ‬لفظتني‭ ‬رحى‭ ‬الحربِ‭ ‬من‭ ‬حدائق‭ ‬الجحيم،

ثُم‭ ‬َّقالت‭: ‬

هذه‭ ‬بلادٌ‭ ‬تسيَّدها‭ ‬الأسى،‭ ‬لو‭ ‬تعتقها؛

قلتُ‭: ‬فتهرَّب‭ ‬المعنى‭ ‬من‭ ‬الكلام،

ثانيةً‭ ‬قلتُ‭: ‬فتدفَّقَ‭ ‬الرمادُ‭ ‬من‭ ‬فمي؛

ثالثةً‭ ‬قلتُ‭ ‬ومضيتُ‭ ‬أقول‭ ‬حتى‭ ‬تلاشيتُ‭ ‬في‭ ‬العدم‭.‬

انحنيتُ؛‭ ‬نعم‭ ‬أنا‭ ‬انحنيتُ،

على‭ ‬جُثَّةٍ‭ ‬تشظَّى‭ ‬فكرها‭ ‬في‭ ‬الوهاد؛

لكنَّ‭ ‬أصابعي‭ ‬خذلتني؛

وراحتْ‭ ‬تتلمَّسُ‭ ‬دموعَ‭ ‬الأمهات‭ ‬على‭ ‬بابِ‭ ‬المزارات؛

والدمُ‭ ‬المتوهِّج‭ ‬في‭ ‬دياجير‭ ‬الملاجئ‭.‬

ليس‭ ‬هناك‭ ‬سوى‭ ‬حطام‭ ‬يحاصرني،

حفَّزتُ‭ ‬بوصلة‭ ‬الروح‭ ‬للنشور،

فتكسَّرتْ‭ ‬أجنحة‭ ‬الأثير‭.‬

لا‭ ‬لغةً‭ ‬عندي؛‭ ‬لا‭ ‬حيلةَ،‭ ‬لا‭ ‬خديعةَ،‭ ‬

لا‭ ‬دسائسَ،‭ ‬لا‭ ‬نفائسَ،‭ ‬لا‭ ‬مريداً،‭ ‬لا‭ ‬أنيساً،‭ ‬لا‭ ‬مغانمَ،‭ ‬لا‭ ‬أوهامْ،

لكني‭ ‬أمتلكُ‭ ‬نثراً‭ ‬يربكُ‭ ‬أقلامهم،

ويفسدُ‭ ‬زعافهم،

ويفضحُ‭ ‬زيف‭ ‬الدُعاة؛

الأقبية‭ ‬نصيبي‭ ‬والسلالم‭ ‬لغيري،

جسدي‭ ‬الطبيعةُ،‭ ‬والأرض‭ ‬خُفايَّ،‭ ‬

رأسي‭ ‬البريَّةُ‭ ‬وقبعتي‭ ‬السماء؛

هي‭ ‬ذي‭ ‬قراطيسهم‭ ‬الزائفة‭ ‬تغزو‭ ‬البلاد،‭ ‬

وسندس‭ ‬أحلامي‭ ‬نهبته‭ ‬مخالب‭ ‬الزناة؛

هل‭ ‬استعين‭ ‬بإبليس؟‭ ‬ما‭ ‬جدواهُ؛‭ ‬اللعنة‭ ‬مؤونتهُ،

ما‭ ‬جدوايَ‭ ‬الجوع‭ ‬زادي؛

فدلوُّني‭ ‬على‭ ‬أرضٍ‭ ‬عذراء‭ ‬ألوذُ‭ ‬بحجرها؛

لكي‭ ‬أغازل‭ ‬وحشتي‭ ‬وأرضع‭ ‬نور‭ ‬السراب،‭ ‬

دميةٌ‭ ‬صوتي‭ ‬وهم‭ ‬الأصابع‭ ‬والخيوط،

وأشتمُ‭ ‬الطير‭ ‬لو‭ ‬قال‭ ‬إنَّ‭ ‬السماء‭ ‬مُلكَ‭ ‬جناحي؛

وأباركُ‭ ‬هذي‭ ‬البلاد؛

لو‭ ‬قالت‭: ‬إنَّ‭ ‬مدامع‭ ‬المضطهدين‭ ‬قناديلي؛

استغفرُ‭ ‬بالنخلِ‭ ‬وبيوت‭ ‬الطينِ؛

‭ ‬وقصب‭ ‬الأهوار‭ ‬ومسبحة‭ ‬جدي،

ودخان‭ ‬التنانير،

وأعوذُ‭ ‬من‭ ‬غلواء‭ ‬النثرِ‭ ‬وغوايته؛

وأصلّي‭ ‬لبلادٍ‭ ‬بلا‭ ‬فسادٍ؛

وألعنُ‭ ‬شظيةً‭ ‬تصطلي‭ ‬في‭ ‬رأسي؛

لا‭ ‬لغة‭ ‬ًعندي،‭ ‬لا‭ ‬أحقادْ؛

لا‭ ‬قدرة‭ ‬َلي‭ ‬أنْ‭ ‬أشيَّد‭ ‬المنائر،

وأقدامي‭ ‬في‭ ‬الوحلِ‭ ‬تغوصُ؛

تلك‭ ‬الرايات‭ ‬براقع‭ ‬الأمهات،‭ ‬

قمصان‭ ‬الشهداء،‭ ‬ثياب‭ ‬الطفولة،

والأهازيج‭ ‬تباريح‭ ‬في‭ ‬الصدور؛

والقصائد‭ ‬المنبرية؛

لا‭ ‬أقول‭ ‬غير‭ ‬إرثٍ‭ ‬لجوف‭ ‬الطبول،

ولأنَّ‭ ‬الشوارع‭ ‬عبراتي،

والأرصفة‭ ‬مناديلي،

صارت‭ ‬حنجرتي‭ ‬محراب‭ ‬تسابيح‭ ‬وابتهالات؛

ولأنَّ‭ ‬الهباب‭ ‬الذي‭ ‬أشمُّهُ‭ ‬لم‭ ‬يستعمر‭ ‬سوى‭ ‬رئتي؛

أبقى‭ ‬وحدي‭ ‬أختنق‭.‬

لكني‭ ‬مازالتُ‭ ‬هائماً‭ ‬في‭ ‬متاهاتي،‭ ‬والأسماء‭ ‬الحُسنى‭ ‬ترافقني؛

أهتفُ‭: ‬أيها‭ ‬البرقُ‭ ‬لا‭ ‬تتبختر‭ ‬أنَّ‭ ‬وميضكَ‭ ‬مني،

‭ ‬ومواجعي‭ ‬صادحةٌ‭ ‬ونثري‭ ‬يستغيث‭.‬

 


مشاهدات 54
الكاتب حسن‭ ‬النواب
أضيف 2025/04/28 - 4:28 PM
آخر تحديث 2025/04/30 - 3:52 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 1024 الشهر 33106 الكلي 10993753
الوقت الآن
الأربعاء 2025/4/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير