فاتح عبد السلام
العراق يعوم على بحيرتين عظيمتين من النفط والفساد. هذه الصورة الحقيقية للبلد لو وضعناه تحت جهاز دقيق في التشخيص. هل تستقيم معادلة النفط والفساد، والى متى من الممكن أن يستمر هذا الحال؟
لا يمكن الإجابة العشوائية، او الانفعالية العاطفية أو السياسية المنحازة. لابد من الاتفاق على قوانين جديدة تحفظ الثروة النفطية من الهدر والتبدد، وأن تودع نسبة من عائداتها في صناديق استثمارية سيادية سمعنا عن التفكير بتأسيسها من دون معرفة الضمانات في عدم تسرب نزيز الفساد اليها.
النفط وما يتصل به من طاقة، ملف غير محسوم في العراق، اذ ثمة مشاكل مع إقليم كردستان حول الإنتاج والتسويق والعائدات، وهناك ضبابية حول الاستكشافات الجديدة لاسيما في مناطق غير مطروقة من قبل كما في غرب العراق. فضلا عن عدم الارتقاء بالصناعات المرتبطة بالنفط والغاز ومنها الكهرباء والبتروكيمياويات ذات الأهمية الاستراتيجية في القواعد الصناعية والتجارية والتحويلية للاقتصاد الوطني.
أمّا الحاجة الى قوانين تقطع الطريق على الفاسدين، فذلك أمر حيوي ومصيري مرتبط بعملية شاملة من إعادة البناء التثقيفي والتربوي والقيمي للمجتمع، باشتراك الجهود كافة من رياض الأطفال الى القطاعات الأكثر خطورة.
العائق امام حصول ذلك هو الطبقة السياسية المدعومة من اجتهادات دينية حقيقةً أو كذباً في «شرعنة” صيغ تشجع على الفساد وترسخ جذوره.
في كل الأحوال، ما يجري اليوم، لا يسير بالبلد نحو الاستقرار الحقيقي، لان الشعب مسروق عبر إشاعة ثقافة النهب واحقية الاستيلاء ومبادلة المناصب بالثروات وسوى ذلك الكثير. كل الحصيلة الظاهرة في الاستقرار من الممكن ان تنهار في يوم تبلغ في حمولة الفساد أكبر من قوة تحمل البنيان الذي تقوم على اكتافه.
لو زالت ونضبت بحيرة النفط ، وهذا من الناحية العلمية أمر محسوب تحت سقف تقريبي واضح ، فعند ذلك ستبقى بحيرة الفساد، وساعتها سيكون البلد فقيراً،غير ان ذلك لا ينفي ان يبقى الفساد منتعشا ورائجا حتى حالة الفقر، لأنه كان قد ترسخ واصبح منظومة قيم وعقائد.