الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
النهر العراقي .. عابر للقارات

بواسطة azzaman

النهر العراقي .. عابر للقارات

جمعة الدراجي

 

تمت زيارة الرئيس التركي السيد رجب طيب أردغان الى العراق ، بعد ترقب وتردد دام عاما او ما يربو على العام ، في محاولة لأستخدام الزمن كورقة إضافية لمختلف الأوراق المتشابكة الأخرى لجولة غير مسبوقة من المحادثات المشتركة لمختلف القضايا العالقة ، وهو يحمل الحقيبة التركية المليئة بمقترحات لمشاريع ومصالح مشتركة بين البلدين المرتبطين بعلاقات تاريخية ، وحدود مشتركة ، وتشارك مائي منذ آلاف السنين .

لكن ما يهمنا ان نسجل للتأريخ مناقشة النبرة المتعالية التي جائت بمضامين خطاب السيد رجب طيب أردغان التي تداولتها وسائل الأعلام ، وحتى لا تمر مرور الكرام بعيدا عن  الأعراف الدبلماسية في لغة خطابه التي جائت بوجهين متناقضين ، فعشية سفره الى بغداد سبقته الإشارة المتقدمة نحن ذاهبون الى العراق وهم بحاجة الى المياه لنعمل بهذا الإتجاه ، وفي بغداد كان لخطابه مدخل التضاد ، للتلاعب بالمصطلحات المائية التي يجب ان تحدد مسبقا بمثل هكذا محادثات ، والأبعد من ذلك وردت إشارات لا أريد أن تأخذ مجالها الترويجي لصاحب الخطاب ، وهنا يبرز التوقف بين تحليل الخطاب ذي التوجه السياسي المرن ، وبين التوجه اللغوي بتجنب الألفاظ الصريحة مستعينا بالضمائر متجنبا التحليل النصي ، وهو المدخل التجريدي الذي عرف به ميشيل فوكو، في سياق الحجج التي تؤدي الى تحليلات اجتماعية محددة ، وهذا ما تم تعزيزة بسلوكيات دينية : بزيارة الأضرحة البغدادية ، او إيحاءات مكوناتية بلقاءات لشخصيات قومية ، أو مبادرات لجولات مناطقية ، بزيارته الى اربيل ، ونزالات انفرادية بجماعات الضغط ، لتمرير ما استعصى تمريره مع الحكومة الاتحادية ، وتوقعاتنا ان يتوالى الطرق في المراحل اللاحقة على هذه النوافذ ، فيستوجب الحذر من مكوناتنا الوطنية الأصيلة بأن يضعوا العراق فوق كل الإعتبارات .  وقد فات على السيد أردغان ، ان بغداد أعظم حاضرة بالدنيا مهما جار الزمان عليها ، وحتى لما كانت ترزح تحت الاحتلال العثماني قبل قرن ونيف ، إذ يقول ستيفن همسلي لونكرك : (أن الأتراك يعترفون بالبعد الذي تقع عليه أراضي نهري دجلة والفرات فولايات العراق ستصبح في يوم ما المملكة العراقية التي تقع على الحدود القصية للمتلكات التركية في الوقت الذي لم يسكنها الأتراك ) ، وقديما كانت العاصمة العباسية التي وصلت حدودها منابع المياه ، ولم تعد من الولاية التي يحكمها الباشا ذو الأذناب الثلاثة.

بث مباشر

جاء الرد العراقي بلغة العصر وبنفس النسق المرئي بالتراشق الإعلامي لأطلاق التصريحات المضادة من على منصات البث المباشر بتشبيه طريق التنمية (بالنهر العراقي المعاكس) وهو نهر ليس عابرا للحدود فحسب ، بل عابرا للقارت لما يقرب 68 دولة . إذ كان الخطاب العراقي الدبلماسي انتجه الفرد على مستوى السيادي للبلد ، المتمثل بشخص السيد محمد شياع السوداني ، معبرا على مستوى فئات المجتمع العراقي مصدر السلطات ، ومن القوى التي انتجت الحكومة المتصدية لهذه المهمة ، من أحزاب او جماعات او على مستوى الثقافة التي تمثل المجتمع ككل ، ومع ذلك لم يقف الضيف الكريم عند هذا الحد من التحدي ، الذي اشعره الرد العراقي بالاحراج راح يلعب بمناورة طائفية أخرى ، وهي اخر الأوراق التي لا تعادل القشة التي تمنع الجريان البيئي لنهري دجلة والفرات.  فطريق التنمية ، والملف الأمني ، والميزان التجاري ، وانبوب جيهان ، وتراجع الليرة التركية ، والحاجة لتحسين صورة تركيا بقضايا حقوق الإنسان امام العالم عامة ، والاتحاد الأوربي خاصة ، لطموحها الإنضمام الى هذا الاتحاد بحكم التقارب الجيوسياسي ، والأموال العراقية التي بذمة الحكومة التركية التي حكمت بها محكمة باريس ، كل هذه الملفات وغيرها تفتح عاصيات الأمور .

أن إنتاج 26 اتفاق لمختلف الأختصاصات خطوة متقدمة بين البلدين ويفترض ان تكون معززة بمادىء حسن الجوار ومفردات الأعراف الدبلماسية العامة بين الدول المتجاورة بسلام ، وبحكم الجغرافيا يشترك البلدين بالمورد المائية ، التي نظمها المجتمع الدولي بقوانين المياه بعدد من المعاهدات والبروتكولات الدولية لتقاسم المياه بصورة عادلة ومنصفة ، والتي امتنعت تركيا عن أي التزام إزاء تلك المعاهدات ، وانتظرت الوقت الذي تزداد به حاجة العراق الى المياه لعدة عقود للسعي بتأسيس لأتفاق مائي مرتبط بمواثيق والتزامات عراقية - تركية ، يسعى العراق أن تكون متكافئة الفرص مع الموارد الطبيعية الأخرى ( كالنفط والغاز ) ، أو المصالح المشتركة ، والتي تخضع لبورصات التداول بالمقايضة التي تختلف قوانينها من حيث الجوهر مع المبادئ العامة للأعراف الدولية والمغايرة لقوانين المياه ، تلك القوانين التي انتجها العقل الإنساني المستوحاة من الشرائع والديانات السماوية في اغلب الإحيان ، في الوقت الذي تعامل العراق مع الموضوع لحاجته الملحة للمياه لمختلف الإستخدامات ( الزراعة والأهوار والصناعة والاستخدامات المنزلية) ، إذ عمدت تركيا لتقليل الإطلاقات المائية عن العراق في العقدين الاخيرين وغلق أبواب الحوارات وتوقف عمل اللجان المشتركة لأدارة المياه التشاركية بين البلدين التي حجبت ما يقرب من 60 بالمئة من حجم الإطلاقات المائية المتجهة الى العراق ، ولم تكترث تركيا لا للقوانين الدولية ولا لمطالب العراق ، بل تغاضت حتى عن مخاطر الكوارث الطبيعية من زلازل وبراكين وقلق الطبقات الأرضية لخزانات المياه التي يحذر منها علماء الجيولوجيا خاصة لسد اتاتورك . وإن كانت هناك وسائل مساعدة تمكن العراق بالأرجحية لنيل حصته باللجوء الى المحاكم الدولية للمياه فتغاضى عنها العراق عمدا ، وهي بالتأكيد من الأسلم لبناء ستراتيجيات متقدمة بين الشعوب في تبادل المصالح لو تمت الأتفاقات برعاية دولية او من خلال وسيط كطرف ثالث .

ان بوادر النهر الأقتصادي الجاف أزاح الغبارعن الملفات المؤجلة بالموافقات التركية على توقيعها لعدة تفاهمات لرجاحة نقاط القوة التي يتمتع بها العراق وقوة الجذب للميزان التجاري والتطلع الواعد للأقتصاد التركي كمعادل وإرتباط حيوي ، لوضع ملفات المياه منذ عقود موضع الاهتمام ،  تلك الملفات التي تضم بين طياتها قوانين المياه التي شرعتها المجموعات الدولية المختصة بتقاسم المياه بين الدول المتشاطئة وفق الأعراف الدولية بتقاسم المياه وتقاسم الضرر ، لا سيما وان العراق وصلته التحذيرات الأممية من نتائج التداعيات المناخية لأكثر البلدان تأثرا

 


مشاهدات 124
الكاتب جمعة الدراجي
أضيف 2024/05/07 - 5:07 PM
آخر تحديث 2024/05/19 - 7:44 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 356 الشهر 7592 الكلي 9345630
الوقت الآن
الأحد 2024/5/19 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير