الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
نموذج لمؤتمر علمي

بواسطة azzaman

نموذج لمؤتمر علمي

لينا ياقو يوخنا

 

حضرت في احدى المرات مؤتمراً علمياً برعاية جهات حكومية وقد عقد في احدى المؤسسات التابعة لها في العاصمة بغداد و كنت قد اعددت ورقة بحثية عن الجانب التربوي-التعليمي مع الالتزام بشعار المؤتمر واهدافه, وتفاجأت عند دخولي القاعة باعداد الحاضرين من الباحثين المشاركين, وشعرت بفرحة كبيرة في تلك اللحظة لوجود اناس كثر يطمحون فعلاً الى احداث تغيير ايجابي في البلد من خلال دورهم في تسليط الضوء على مشكلة او ظاهرة معينة موجودة في العراق وتحتاج الى البحث عن اسبابها وكيفية حلها للحد منها او القضاء عليها من خلال المقترحات او التوصيات التي يقدمها الباحثين والتي من المفترض ان تترجم على ارض الواقع من خلال تقديم الدعم الحكومي لها من المؤسسات المعنية والتي تمثلها بعض الشخصيات الرسمية الحاضرة في المؤتمر. ولكن بعد مرور اقل من الساعة بدأت نظرتي الايجابية تجاه المؤتمر تتحول الى سلبية بسبب الحاضرين فيه من باحثين وشخصيات حكومية.

كلمة ترحيب

فبعد انطلاق المؤتمر بترديد النشيد الوطني وتقديم كلمة ترحيب متضمنة عبارات المدح والثناء مع تقديم شهادات تقدير للشخصيات الرسمية والتقاط الصور لهم, خرجوا هؤلاء من القاعة قبل شروع الباحثين بتقديم اوراقهم البحثية غير مكترثين لأهداف المؤتمر وكأنهم حضروا لإستلام دروع الابداع وشهادات الشكر والتقدير والتي لم اعرف سبب تكريمهم بها. وما زاد الامر سلباً هو خروج الباحثين باكراً واحداً تلو الاخر بمجرد انتهائهم من تقديم اوراقهم البحثية والتي تستغرق ما بين (5-15) دقيقة لكل باحث دون انتظارهم لنهاية المؤتمر للإستفادة العلمية من البحوث الاخرى التي ستقدم تباعاً, وكان كل اهتمامهم هو الحصول على شهادات مشاركة مختومة من الجهات الرسمية الراعية للمؤتمر. اما بقية الحاضرين فبعضهم كانوا مشغولين بهواتفهم المحمولة والبعض الآخر يجري احاديث جانبية وكأن الباحث يشرح لنفسه ولخمسة او ستة آخرون ممن يستمعون اليه وانا من ضمنهم, اما الاغلبية فهم يشغلون حيزاً في القاعة لا اكثر. وبمرور الوقت وفي الدقائق الاخيرة من المؤتمر لم يتبقى في القاعة سوى قلة قليلة من الباحثين المستمعين لآخر باحث والذي تزامن دوره في تقديم بحثه مع انطفاء التيار الكهربائي ايذاناً بنهاية الدوام الرسمي للمؤسسة محل انعقاد المؤتمر. ومما لا شك فيه وجود رغبة لدى الاغلبية من اصحاب الشهادات العليا سواء ممن يعملون في السلك التعليمي اوالتربوي و حتى ممن ينتسبون الى وزارات ودوائر حكومية اخرى, في المشاركة بمؤتمرات علمية سواء المنعقدة حضورياً في احدى الدوائر الرسمية او حتى افتراضياً عبر احدى التطبيقات التكنولوجية, هذه المشاركات وان كانت مؤشر ايجابي من حيث الكم اذا ما اخذنا اعداد المشاركين في عدة مؤتمرات التي كنت شاهدة عليها كمتابعة عن كثب او مشاركة حضورياً او افتراضياً فعددهم ليس بالقليل لكن من حيث قدرة هذه المؤتمرات في احداث التغيير على مستوى المؤسسات التي يعمل فيها هؤلاء الباحثين المشاركين ومدى رغبتهم في تقديم الفائدة للبلد فأن طموح اغلبيتهم في الحصول على شهادة المشاركة هي الدافع الاول لمشاركتهم في هكذا مؤتمرات ليصبحوا مثلهم مثل الشخصيات الرسمية التي حضرت لدقائق معدودة من اجل التقاط الصور واستلام دروع الابداع وشهادات التقدير دون تحقيق الاهداف المرجوة من المؤتمر, والواقع الذي نعيشه خير دليل على ذلك اذ لم التمس اي تغيير نحو الافضل بعد انعقاد هذه المؤتمرات. فالجهات الرسمية غير داعمة لهذه المؤتمرات سوى ظاهرياً اما الباحثين فغالبيتهم لا يكترثون بصنع اي تغيير والذي من المفترض ان يظهر في ابسط قدراتهم وامكانياتهم من خلال اخذ هذه المؤتمرات على محمل الجد والتفكير في المصلحة العامة اوعلى الاقل الاستماع لبعضهم البعض احتراماً للعلم والشهادات العُليا التي يحملونها.


مشاهدات 367
الكاتب لينا ياقو يوخنا
أضيف 2024/05/07 - 5:04 PM
آخر تحديث 2024/05/19 - 11:39 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 314 الشهر 7550 الكلي 9345588
الوقت الآن
الأحد 2024/5/19 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير