الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
جحود ونسيان المعروف

بواسطة azzaman

جحود ونسيان المعروف

جبار فريح شريدة

 

احداث العراق على مدى اربعون سنة مرت على العراقيين جعلت من تغير القيم صراع يعيشة الانسان العراقي ,وما رافقه من فساد مالي ومادي وانتشار الجريمة بكل انواعها , وتردي الاوضاع والخدمات مما جعل العراقيين يمارسون جميع وسائل الدفاع عن الشخصية كالكذب والنفاق والغش والرياء وممارسة اخذ الرشوة وغيرها من تلك الوسائل التي يطلق عليها علماء النفس «ميكانزمات الشخصية» و في زمن سيطرة المصالح وضياع القيم , العرفان بالجميل هو نوع من التقدير، والاعتراف بما قدمه لنا الآخرين مع معروف مادي أو معنوي. ونكران الجميل هو جحود ونسيان لذلك المعروف، الذي ما كان ينبغي له أن يُنسى طوال العمر. قيم المعروف مازالت موجودة في حياتنا وباب المعروف مازال مفتوحاً على مصراعيه وأنّ الخيرين يتبارون في ميدان الجميل والمعروف بصوره العديدة. ربما يكون المعروف فعلاً أو عملاً. وربما يكون قولاً كنصيحة أو مشورة والمعروف ربما يكلف صاحبه وقتاً أو جهداً أو مالاً، وأحياناً أخرى لا يكلفه شيئاً من ذلك. ولكن، في جميع الأحوال، يبقى المعروف بمثابة عمل خير أسداه أحد أصحاب القلوب الطيبة إلى آخر من دون انتظار جزاء ولا شكر. هناك مواقف لا يمكن نسيانها لأنها تظل محفورة في أعماقنا، وتجعلنا ندين بالامتنان لأصحابها , على الرغم من التغيرات التي طرأت على سلوكيات الناس وأساليب تفكيرهم، إلا أنّ الدنيا لازالت بخير، والناس ما زالوا يميلون إلى مد يد العون والمعروف , إذا تربى الإنسان على العطاء، فإن فعل الخير يصبح أمراً معتاداً عليه يفعله لوجه الله.

الخير موجود

وغذا تربى في بيئة لا تعرف القيم، فإنّه يفكر دائماً في النفع الذي سيعود عليه ,  لو أن الدنيا خلت من الخير لخربت، فلا زال عمل الخير موجوداً في حياتنا ومجتمعنا، وفي نواينا الطيبة، لكن غالباً ما يتكتم عليه فاعله. وعلى الرغم من ذلك يُعبر عن نفسه بوضوح على ألسنة الأشخاص الذين أفادوا من هذا المعروف، وفي قلوبهم وسلوكهم أيضاً , أصبح من النادر في هذا الزمن فعل الخير، لأنّ الناس باتوا ينكرونه ولا يعترفون بالجميل , إن أكثر العداوات تأتي من صنائع المعروف، فمن يسدي لك نصيحة ينتظر الأخذ بها، فإذا حدث عكس ذلك غضب وندم على ما فعل ,  أن كثيرين من أهل المعروف يجنون العداوة والبغضاء من الآخرين بسبب حقدهم وغيرتهم منهم، وهناك من يتهمهم بأنهم يقدمون ما يقدمونه رياءً وطلباً للسمعة , نحن في زمن ضاعت فيه القيم، ومن النادر أن نلقى بين الناس مَن يقدّر قيمة المعروف، فكل إنسان يفكر في مصلحته أوّلاً، ولا يفكر في الآخرين خشية أن يفعل المعروف ويندم عليه لان البعض ينال مصلحته الشخصية، وبعدها ربما يقطع علاقته بالشخص الذي ساعده حتى لا يتذكر معروفه , لدينا موروث زاخر بالصور المعبرة عن الجميل، يُخبرنا بأنّ المعروف هو عطاء أو ضيافة أو مواساة أو إعانة أو خدمة أو نجدة.  كل ذلك وغيره له طعمه ومذاقه في نفس فاعله ومتلقيه، الذي لا شك في أنّ هذه المبادرة تسعده وربما تنقذه وتخلصه من مأزق , تلك هي الشهامة العربية. وفي ما يتعلق بردود أفعال الآخرين تجاه من يسدي إليهم معروفاً، أنّ الناس صنفان , كريم ولئيم، فالكريم يملكه المعروف واللئيم متمرد حتى على ذاته، حيث يقول الشاعر إذا أنت أكرمت الكريم ملكته وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا، والواجب هو العمل بقول رسولنا الكريم: «من أسدى إليكم معروفاً فكافئوه.

 فإن لم تستطيعوا أن تكافئوه فادعوا له حتى تظنوا أنكم قد كافأتموه، ومن قال لك جزاك الله خيراً فقد بالغ في الثناء, وهذا ما لوحظ في العلاقات بين الاخوة وكذلك الصراعات والخلافات العشائرية وكذلك الصراع نحو الجاه ,وان تغير القيم المفاجئ جعل وساعد بشكل كبير من انتشار الظواهر السلبية الى ان وصلت الى كل فئات المجتمع .

 


مشاهدات 83
الكاتب جبار فريح شريدة
أضيف 2024/05/07 - 5:03 PM
آخر تحديث 2024/05/19 - 11:30 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 304 الشهر 7540 الكلي 9345578
الوقت الآن
الأحد 2024/5/19 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير