الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
مهازل

بواسطة azzaman

مهازل

حسين الصدر

 

-1-

حين يكون الرجل طويل الباع وواسع الاطلاع وصاحب خزين معرفيّ متميز وخبرة ودراية بشؤون العلم والأدب والثقافة فانّ الضوء يبحث عنه ولا يبحث هو عن الضوء لأنه رجل قائم بنفسه .

وأما حين يكون من عشّاق ذاتِهِ ومصالحها ، ولا يملك من العلم والمعرفة والأدب شيئا ذا بال فانه يبحث – وبكل والسائل – عن الضوء لكي يبرز اسمه ويلفت انظار الناس اليه .

-2-

ومن النوع الثاني قاضي جبُّل ( عبد الرحمن بن مسهر ) الذي عَيَّنَه (أبو يوسف) - قاضي قضاة الرشيد - قاضيا في ( جَبّل ) ، وحين بلغه أنَّ الرشيد عازم على التوجه الى البصرة سأل اهل جبّل أنَّ يثنوا عليه فوعدوه ولم يفعلوا وحين أيس منهم سرّح لحيته وخرج فوافى الرشيد وأبو يوسف معه

فقال قاضي جبّل :

 يا امير المؤمنين نِعْمَ القاضي قاضي جبّل، قد عدل فينا وفعل وصنع واستمر في الثناء على نفسه فطأطأ أبو يوسف رأسه وضحك

فقال له الرشيد :

مم ضَحكتَ ؟

فقال :

المُثني على القاضي هو القاضي .

فضحك هارون حتى فحص برجليه وقال :

هذا شيخ سخيف سفلة فاعزِلْهُ

فعزله أبو يوسف .

وبقي القاضي المعزول يراجع أبا يوسف طالباً منه أنْ يُعينه لتولي القضاء في ناحية أخرى فلم يفعل .

فعزم على الانتقام من أبي يوسف فحّدث الناس بحديث معنعن عن الشعبي أنّ كنية الدجّال أبو يوسف

وبَلَغَ الخبرُ أبا يوسف فقال :

هذه بتلك

ولكي يقطع لسانه قال له :

صرْ اليّ حتى أوليكَ ناحية أخرى ففعل ،

وكف عبد الرحمن بن مسهر عن ذكر الحديث السابق الذي اغتاظ منه أبو يوسف .

-3 –

واذا كنتُ قد استغربتَ ما صنعه قاضي جبّل فماذا تقول اذن في كثير من السلطويين في العراق الجديد الذين كلما ازداد سخط المواطنين العراقيين عليهم ازدادوا مدحاً لأنفسهم وثناءً عليها في فصول مضحكة من المهازل.

وكما أرجع ( أبو يوسف ) القاضي المعزول الى القضاء وولاّه قضاء ناحية أخرى ليتخلص مما رواه من حديث الدجّال ، فانَّ التهديد بكشف الأرقام والمخازي عن هذا المتسلط على الرقاب أو ذاك يؤدي الى الكف عن معاقبة الفاسدين المختلسين .

وهنا تكمن الكارثة .

 

 

 

 


مشاهدات 85
الكاتب حسين الصدر
أضيف 2024/05/04 - 5:00 PM
آخر تحديث 2024/05/18 - 1:19 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 314 الشهر 7117 الكلي 9345155
الوقت الآن
السبت 2024/5/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير