الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الاهالي يأكلون الكلاب والقطط بعد حصار بغداد

بواسطة azzaman

الاهالي يأكلون الكلاب والقطط بعد حصار بغداد

جواد الرميثي

 

بعد ان اوقع القائد العثماني (احمد باشا ) الهزيمة المنكرة بجيش القائد الايراني (طهماسب)حيث قتل نصف جيشه وجميع مدافعيه ، وبعد مفاوضلات طويلة بين الطرفين ، تم عقد صلح بينهما تنازل (طهماسب) للدولة العثمانية عن جورجيا وارمينيا ، ولما سمع (نادر قلي ) بهذا الصلح استشاط غضبا وقرر فسخه وعاد مسرعا الى اصفهان ليعزل (طهماسب) وينصب مكانه ابنه البالغ من العمر ستة اشهر ويجعل من نفسه وصيا على هذا الملك الصغير وارسل كتابا الى احمد باشا يتوعده وينذره بانه زاحف نحو بغداد لفتحها ، جاء فيه ليكن معلوما لديكم يا باشا بغداد اننا نطالب بحق لا نزاع فيه في زيارة قبور الائمة علي والحسين والمهدي وموسى ، ونطالب بجميع الايرانيين الذين اسروا في الحرب الاخيرة ونحن سائرون حالا على رأس جيشنا المظفر لتنسم هواء سهول بغداد العليل ونستريح في ظل اسوارها ) ، عبر (نادر قلي) نهر ديالى من جهة بهرز وذلك في الايام الاولى من عام 1733 وتقدم نحو بغداد ليفرض الحصار على رصافتها ، وقد حاول مرات عدة عبور دجلة لكنه لم يفلح ، فنصب جسرا عليها بمعونة مهندس اوربي على بعد اميال عدة من شمال بغداد حيث استطاع تطويقها من جميع جهاتها مما ادى الى انقطاع التموين عنها وارتفاع اسعار الاطعمة .

اضافة عبء

امر احمد باشا سكان جانب الكرخ بترك دورهم والانتقال الى جانب الرصافة ليكونوا في حماية السور المنيع المحيط به ، وقد اخطأ احمد باشا بذلك لانه اضاف عبئا جديدا على كاهل السكان المحاصرين وكان يامل من ذلك قرب وصول الامدادات التي ارسلها السلطان العثماني لانقاذ بغداد ، وكان انتقال السكان وباعداد كبيرة من الكرخ الى الرصافة عبر دجلة امرا صعبا حيث لم يكن على النهر انذاك سوى جسر بدائي منصوب على العوامات واستخدم العابرون وسائل اخرى لتوصلهم ، كالزوارق والقفف ، واستمر الحال ثلاثة ايام عانوا فيها اشد العناء حيث انتهكت حرمات النساء وهلك الكثير من الاطفال والشيوخ والعجائز ، وبعد ان ادرك (نادر قلي )ان الهجوم المباشر لا يمكنه من فتح بغداد لضعف مدافعه مقارنة الى المدافع العثمانية من جهة ، ولمناعة سور بغداد وصمود المدافعين عنه من جهة اخرى ، لذا لجأ الى طريقة الحصار الطويل والتجويع ، وقد نجح بذلك نجاحا غير قليل ، فقد استفحلت المجاعة باهل بغداد مما دفع العديد منهم الى اكل الكلاب والقطط وامتصاص دمائها ومضغ جلودها ، وبعضهم هجموا على طعام الوالي اثناء نقله ونهبوه مما جعل الوالي يبكي لحالهم ، كما ان اغلبهم صار يأكل الشريس وحب القطن مما ادى الى انتشار الامراض وحدوث الوفيات ، حيث الجثث في الشوارع والتي قام الناس برميها في النهر ، وبقيت جثث اخرى تملأ الهواء بعدواها ، وبينما كان اهالي بغداد يعيشون في مجاعة فظيعة ، كان افراد الجيش الايراني ينعمون بالعيش الرغيد من جراء انفتاح طرق التموين لهم من انحاء العراق كافة ، وامتلأت اسواق معسكراتهم بالسلع الرخيصة من كل نوع ، وقد امر (نادر قلي ) بهدم دور الكرخ لغرض الافادة من اخشابها وابوابها ببناء مقصورات لضباطه ، حيث جاء هؤلاء بنسائهم ليسكنوا تلك المقصورات ، ولما حل يوم 21 آذار عام 1733 وهة عيد النوروز سعند الايرانيين ، احتفل به الجيش الايراني احتفالا بهيجا .

تدعم المعنويات

لولا صمود احمد باشا العجيب بوجه الحصار الذي استمر سبعة اشهر لاستسلمت بغداد مبكرا ، لكنه اتخذ وسائل شتى في تدعيم معنويات مقاتليه ، وكان يجول بينهم بنفسه ويثبت فيهم الهمة والتشجيع ، وقد يكلف سرا بعضا ممن يعتمد عليه لياتي الى بغداد من الخارج متسلقا السور يزف بشرى وصول الامدادات لهم .

ارسل ( نادر قلي ) وفدا من العلماء الى داخل بغداد بحجة المجادلة مع علمائها ، ولكنه يريد من ذلكمعرفة ما وصلت اليه المجاعة في المدينة وتأثير الحصار في سكانها ، وقد ادرك احمد باشا غرض تلك الزيارة واراد ان يستغلها لغرضه ، فوضع في طريقهم اكداسا من ارغفة الخبز وامر الباعة ان ينادوا بان سعر الرغيف اربعة فلوس، ثم اقام للوفد الزائر مادبة طعام كبيرة مما جعلهم يعتقدون ان ما بلغهم من امر المجاعة في بغداد غير صحيح ، بعد مسيرة ستة اشهر تقريبا من اسطنبول الى بغداد وصل جيش الانقاذ بقيادة (عثمان باشا الاعرج) الذي كان قائدا بطلا مشهودا له وذا شخصية خلابة ، وبعد ان التقى بجيش (نادر قلي ) في موضع قرب (بلد) دارت بينهما معركة حامية الوطيس صباح يوم 19 تموز استمرت تسع ساعات ، كان فيها القتال مريرا ، وكانت معركة بين عملاقين من عمالقة الحرب ، فعثمان باشا على الرغم من عرجه يقود جيشه بنفسه راكبا صهوة جواده ، ومثله فعل (نادر قلي ) حتى فقد اثناء القتال حامل لوائه وقتل فرسانه من تحته لتنتهي المعركة بانتصار (الاعرج) وهزيمة (قلي) .خسر الجيش الايراني في تلك المعركة قرابة الثلاثين الف قتيل وثلاثة الاف اسير كما خسر جميع مدفعه وكل ما كان معه من خيام وامتعه واطعمة وحيوانات واسرع هاربا بما تبقى من فلول جيشه المهزوم عابرا الحدود عائدا الى ايران ، اما عثمان باشا الاعرج فقد ذهب الى الاعظمية حيث توافد عليه اهل بغداد من جميع الطبقات يهنئونه بالانتصار ويقبلون اقدامه ويمسحون الغبار عنها .


مشاهدات 181
الكاتب جواد الرميثي
أضيف 2024/05/04 - 12:27 AM
آخر تحديث 2024/05/18 - 1:26 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 123 الشهر 6926 الكلي 9344964
الوقت الآن
السبت 2024/5/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير