الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
التبر .. عندما تتّحد مصائر الإنسان والحيوان

بواسطة azzaman

التبر .. عندما تتّحد مصائر الإنسان والحيوان

رامي فارس الهركي

 

مرة أخرى يحلق بنا الكاتب إبراهيم الكوني في عوالم الصحراء اللامتناهية ليرسم لوحة في غاية الإتقان والجمال، لوحة تحمل في معانيها الكثير عن عالم الصحراء الكبير كبر الكون كله ذلك العالم الذي يجمع في تفاصيله كل ما هو غريبا وغير مألوف، عالم يمتزج بالأساطير والحكايات القديمة التي يتوارثها الأبناء عن الأسلاف والتي أصبحت عرفا بين أهل الصحراء.التبر أحدى أعمال إبراهيم الكوني الروائية التي تخوض في علاقة الإنسان بالحيوان وسط الصحراء، البطل واسمه (اوخيد) وجمله ألابلق الذي لا مثيل له في الصحراء كلها وذلك لجمال لونه وندرت سلالته، هذه المزايا  وغيرها جعلت اوخيد لا يرى في هذا العالم غير الأبلق صديقا ورفيقا له لدرجة أنه واجه الصعاب من أجل شفاء الأبلق بعد إصابته بالجرب وسفره حسب وصية أحد حكماء الصحراء إلى مكان بعيد في عمق الصحراء يتوفر فيه نبات ممكن أن يشفي الأبلق من هذا الداء الملعون.ان محبه اوخيد لهذا الحيوان كلفه هجر والده وقبيلته بل وحتى زوجته التي اقترن بها دون موافقة الوالد الذي لم يبارك هذا الزواج بسبب نسب المرأة الوضيع. كثيرة هي الاعمال الادبية التي تتناول علاقة الانسان بالحيوان ولدى قراءتي لرواية التبر تذكرت في الحال رواية وداعا ياغولساري  للكاتب القيرغيزي الكبير جنكيز ايتماتوف الذي نسج من علاقة الانسان والحصان حكاية تعد بحق من اجمل الاعمال الادبية العالمية رغم الفروق الشاسعة بين حكاية الكوني وحكاية ايتماتوف. أما عنوان الرواية (التبر) يجب أن نعلم أن التبر هو الذهب أو بالأحرى تراب الذهب وما يحويه هذا التراب من معادن أخرى، والذهب في عرف أهل الصحراء هو شر الشرور ومصدرا للفتنة وعبودیة لأهل الواحات والمدن والممالك والرواية.بعد أن شعر اوخيد أنه خدع بقبوله حفنة التبر من قريب زوجته مقابل إطلاق سراح الأبلق بعد قام برهنه مقابل حفنة من القمح لمواجهة سنوات الجفاف العجاف التي عصفت بالصحراء وطلاق زوجته لأن ذلك القريب يرغب بها وبما أن ابن الصحراء يأبى أن يعيش ذليلا مكللا بالعار مدى الحياة قرر أن يقتل ذلك القريب في أقرب فرصة تسنح له رغم أنه سيدفع حياته ثمنا من أجل ذلك القرار وبعد أن أصبح مطارادا من قبل أقارب القتيل الذين تمكنوا منه بعد أن عثروا على الأبلق بالقرب من احدى الكهوف التي اختبأ فيها اوخيد.حيث قرروا تعذيب الأبلق ليدفعوا اوخيد على الخروج ومواجهتهم وكان اوخيد يعلم ان خروجه لهم يعني موته المحتم لكنه فضل انقاذ الأبلق من نيران سياطهم حتى وإن كان المقابل رأسه وقد كان ذلك.

اساطير مخفية

لقد تعلم اوخيد منذ الصغر أن الصحراء رغم قساوتها وشرورها واساطيرتها المخيفة هي الصديق، الصديق الذي يراه البعض صديق في ثياب العدو صديق يحمل في جعبته أثمن شيء في الوجود ألا وهو الحرية، لقد عشق الحرية وتشرب بها برفقة الأبلق وهذا يبين لنا مدى ارتباط أهل الصحراء بدوابهم خصوصا الجمل الذي يعد رفيق الرفقاء وهنا نجح الكوني في ربط نسيج هذه الحكاية الملحمية بين الإنسان والحيوان، فالصعاب التي واجهت اوخيد ممكن ان لا يخرج منها لو كان وحيدا دون رفيق أو كان برفقة إنسان ولكن القدر اختار أن يكون برفقة هذا الأبلق حتى النهاية.

  صحفي عراقي 

 


مشاهدات 133
أضيف 2024/05/04 - 12:12 AM
آخر تحديث 2024/05/19 - 3:48 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 304 الشهر 7540 الكلي 9345578
الوقت الآن
الأحد 2024/5/19 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير