إشكاليات النص السردي في رواية زمن الارجوان

محمود خيون

كثيرة هي الأعمال الروائية التي تحدث كتابها عن حجم المأسي والويلات التي تخلفها الحروب في جميع البلدان، التي لطالما شهدت ثورات وانقلابات وانتفاضات شعبية راح ضحيتها الكثير..كما تحدثت روايات وأعمال عن حجم الاضطهاد والجور الذي تخلفه حالات التمرد على الواقع ورفضه وكتب عنها بكل تفصيل واسهاب، ومن تلك الأعمال التي تميزت بتفاصيلها عن حالة المجتمع وهو يعيش تحت ظلال مخيفة لاشباح قادت إلى دهاليز مظلمة ومنها رواية( شرق المتوسط ) لعبد الرحمن منيف و( الوكر) لعبد الرحمن الربيعي وغيرها من الغرب كان من أبرزها رواية الكاتب الإسباني ميغيل دي تيربانتس( دون تيشوت) والتي تعد من أعظم الأعمال الروائية العالمية التي طرحت( فكرة خدعة الحرب واوهامها من خلال أحداث دارت حول رجل نهم بالقراءة وقع في فخ تصديق ما قرأه عن الفروسية فقرر ان يحمل درعه ويترك منزله باحثا عن مغامرات يلعب فيها دور الفارس الشهم وعلى الرغم من نزوعه للخير وإقامة العدل فأن تصوراته الخادعة عن الفروسية دفعته لان يخوض حروب خاسرة مرة بعد مرة ) يذكرني ذلك وأنا انهي قراءتي لرواية( زمن الارجوان ) للكاتب امجد توفيق والذي يصف فيها شخصية( مسعود الارجوان ) او مسعود غالب عبد الله الارجوان والذي كان يعمل مع والده وجده في مصبغة ولفقره لم يكن أمامه ما يبدل ملابسه الملوثة بالاصباغ فلقب بالارجوان سخرية من وضعه، إذ كان اللون الأحمر ظاهرا أكثر من بقية الألوان، لكنه لم يعر اهتماما للقب بل سمعه الكثيرون انه يقدم نفسه عندما يطلب إسمه بعبد الله الارجوان...وهكذا يستمر الحال وبقدرة قادر تمكن عبد الله الارجوان من الالتحاق بمجموعة عراقية معارضة في لندن مكنته من تسهيل حياته اليومية والانشغال بشاطات دعائية..وبعد أحداث عام 2003 كان الارجوان في طلائع القادمين بحثا عن دور، ولم تمض سوى سنوات قليلة حتى عد الارجوان شخصية مؤثرة تلقي دعما واضحا حصيلته تأسيس قناة فضائية وصحف..وفي سنوات المعارضة في لندن تعرف مسعود على ابنة شخصية عراقية مغتربة قبل سنوات طويلة ونشأت علاقة بينهما علاقة قادت إلى الزواج وبعدها أنجبت زوجته ابنا اسماه عبد ألله...بهذه السردية الشفافة ساق لنا الكاتب امجد توفيق قصة بطل روايته الرئيسي ( الارجوان ) حتى يتبين للقارىء او الدارس ان ( الارجوان ) هو المحور الأساس في بناء الرواية وهو يحاول جاهدا تحسين صورته بأن يطلب بكتابة حياته من الصحفي آدم الفراتي والذي يتمتع بحضور واسع قوامه جدية ما يكتب،والذي اقلقه اللقاء با( الارجوان ) كونه صاحب نفوذ ويمتلك قناة فضائية وصحف تمجده...

ان( زمن الارجوان ) هي حكاية متكاملة عن مرحلة صعبة وحرجة مرت بها البلاد وعصفت بها وكان من نتائجها أن ذهبت ضحايا وتعد هذه الالتفاتة من الكاتب هي المحور الرئيسي للرواية وما رافقها من أحداث ومشاهدات حتى ساعة اعتقال الارجوان مع مجموعة من رجاله وكان من الأخبار العاجلة التي بثت على جميع القنوات ..

يتبين من ذلك بأن رواية( زمن الارجوان ) هي نص سردي أراد الكاتب امجد توفيق من خلاله ان يوضح وبشكل ملموس عن اشكاليات الواقع في السنوات التي تلت عام ٢٠٠٣ والتي قدمها من خلال شخصيات الرواية من ان يستعين بعالم الخيال او الأسطورة فيها وانما جعلها  نسخة مطابقة لواقع مرير عاشته البلاد في تلك المرحلة.