الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الإسلام والصابئة .. كتاب جديد

بواسطة azzaman

الإسلام والصابئة .. كتاب جديد

قيس مغشغش السعدي

 

أثار ذكر الصابئين في القرآن معضلة في التعرف على هذا الدين الذي أورد الله تعالى ذكره مع الأديان السماوية الثلاثة الأخرى في القرآن الكريم في ثلاث سور. وزاد الأمر لبسًا وصف قريش للنبي محمد بأنه الصابئ، وأتباعه الصابئون أو الصباة، وأن الذي جاء به إنما هو دين الصابئين. وما ذاك إلاّ تأسيسا على ما نادى به النبي من توحيد لرب العالمين، ومن ذكر لليوم الآخر والحساب فيه. فقد أثار هذا في قريش ما سمعته وعهدته في ديانة الصابئين. ولم يكن قصد قريش أن النبي خرج عن دينهم إلى دين آخر، فليس في معنى الصابئين الخروج من ديانة إلى أخرى. والسند أن فعل (صبا) لم يعتمد في العربية قبل الدعوة المحمدية بهذا المعنى. ولم يحتج الصحابة الأوائل التعريف بالصابئين لأنهم يعرفون من هم، ولذلك لم يتوقفوا عند المصطلح ولم يُسأل النبي عنه. إلا أن الحاجة برزت لمعرفة هذه التسمية والمقصود بها يوم أقدم الشارحون والمفسرون على تفسير القرآن، فوقفوا واحتاروا ولجأوا إلى الفعل في إشتقاق الإسم، في حين أن الكلمة أسم مدلول. وذهب الشارحون مذاهب شتى واعتمد اللاحقون النقل دون الأصل. وإذ أختلف في معرفة الإسم، لنا أن نتصور الإختلاف بمعرفة أصول هذه الديانة وشعائرها؟ حتى أن من أراد التكفير استسهل إتهامهم أنهم عبدة كواكب ونجوم! غير عارف بأبرز نص لديهم (لا تعبدوا الشمس والقمر المنيران في هذا العالم فإنه هو من وهبهما الضياء والنور). ورغم كثرة الظانين، هناك من أنصف بعد أن تقصى.

وعد خير

وظل أتباع هذه الديانة يأنون من غرضية التفسيرات وإجحافها، وهم لا كثرة فيحسب حسابها، ولا سلطان فيدافع عنها، ولا حضور مقارع فيعلن ويجادل بإيمانها، خاصة وأن القرآن الكريم لم يزد على الذكر الكريم للصابئين والوعد خيرا في أن «لا خوف عليهم ولا هم يحزنون» شأن من ذكروا إن طبقوا مبادئ الإيمان. والمتابع يجد أن ما من ديانة روع أتباعها أكثر منهم، وهم لا يدفعون إلا بأضعف الإيمان لمسالمتهم الدينية المعهودة.

واليوم، ومع هذا الإنفتاح الإعلامي، وجد الكثيرون في الصابئين مادة غنية في طقسياتها ولباسها الديني وممارساتها الشعائرية فأخذ يخب في ذلك ما بين صحيح ومشوه ومبالغ فيه بما يثير الكثير من التعارض. وصار المتابع محتارا في أي المعلومات صحيحة وأيها خاطئة. خاصة وأن الإطلاع أظهر أن هنالك جوانب متقاربة جدا في بعض الشعائر ومنها شعيرة الوضوء والصلاة والصوم مثلا، وجوانب إيمانية أخرى مع الديانة الإسلامية، وبرز السؤال في من أخذ ممن رغم قدم ديانة الصابئة المندائيين، وكأن الإيمان الصحيح حكرعلى فئة دون أخرى، متناسين أن الإيمان الحق إذا إرتقى إلتقى في إله واحد منزّه نتقرب إليه ونتواصل معه بالصلاة.

وقد وجدنا نحن أبناء هذه الملة وأتباع هذه الديانة أن علينا واجبا في توضيح ديانتنا وطقوسها فسعينا في الشروحات وفي ترجمة كتابنا المبارك كنزا ربا إلى اللغة العربية والإنكليزية ليُطلع عليه فتزداد المعرفة الصحيحة. واليوم أقدمنا على موضوع أكثر عمقا في مادة الدين المقارن فوضعنا كتابنا (الإسلام والصابئة) ليكون أول كتاب شامل في عنوانه وموضوعه.

جاء الكتاب بطلب من وزارة الثقافة بشخص وزيرها السابق الدكتور حسن ناظم فعكفت على وضعه تأسيسا على معرفتنا الواسعة في الديانتين المندائية والإسلامية ليكون من أكمل المصادر في موضوعة الدين المقارن بين الإسلام والصابئة عامة والمندائيين منهم تحديدا.  يقع الكتاب ب 512 صفحة وهو شامل لمواضيع جمة تم توزيعها على سبعة أبواب: تناول الباب الأول معنى مصطلحي الإسلام والصابئة بشكل أوضح، مع نظرة جديدة في بعض التفسيرات وتصحيح للتفسيرات الخاطئة أو القاصرة أو المغرضة حتى لبعض الآيات القرآنية ومنها مثلا آية (إن الدين عند الله الإسلام) وآية (ومن يبتغي غير الإسلام دينا فلن يقبل منه...) وتضمّن نظريتنا الجديدة في تفسير كلمة الصابئين بما يغاير ما درج عليه إسلاميا في الخروج من ديانة إلى ديانة وبالأدلة.

والباب الثاني، وتضمن المشتركات بين الإسلام والصابئة في المعتقد والتوحيد والإيمان بالخالق واليوم الآخر وكل ما يدخل ضمن هذا من مواضيع عديدة وبأمثلتها وبالآيات والنصوص في الديانتين.

والباب الثالث، وتضمن المشتركات بين الديانتين في العبادة والطقوس والشعائر مع ذكر النصوص المتقابلة والملتقية في الديانتين.

مشتركات الاحكام

والباب الرابع، وتضمن المشتركات في الأحكام والأخلاقيات والتوصيات حسبما جاءت نصا وتوصية شريعة في الديانتين.والباب الخامس، وهو مستحدث وغير مسبوق حيث قمت بملاقاة بين آيات القرآن الكريم ونصوص الصابئة المندائيين من كتبها الأساس، وشمل هذا الباب ملاقاة (243) آية قرآنية ملتقية نصا أو معنى، وقد قمت بتثبّيت النصوص كما وردت في الديانتين. لقد تطلب هذا الباب قراءة القرآن الكريم مرات عديدة ومعرفة واسعة بنصوصنا الدينية.

والباب السادس، وتناول النبي يحيى بن زكريا، يهيا يوهانا (ع) في نظرة الإسلام حسبما جاء في القرآن الكريم والحديث، وما عند الصابئة المندائيين بخصوص هذا النبي المحبوب.

وأما الباب السابع، فتضمن الحياة العامة والمعايشة والعادات بين المسلمين والصابئين تأريخيا حتى يومنا الراهن فيما لها وما عليها.

كان الجهد المبذول في الكتاب كبيرا والمتابعة حثيثة وطويلة لغاية صدوره، والتحسب في حساسية موضوعه شديدة لما يتطلبه من درجة إلمام نحمد الحي أنها قدرت عاليا من قبل لجان المراجعة. وآمل أن كل هذا سيأتي ثماره في أنني قدمت أول وأشمل كتاب في ميدانه، خاصة وأن الصابئة المندائيين قد عاشوا في البيئة الإسلامية وألزموا بتطبيق الشرع والفقه الإسلامي. وهذا الكتاب يوضح بالأدلة والآيات القرآنية النظرة الصحيحة لديانة الصابئة المندائية اذا ما أريد أن يكون الحكم فيها موضوعيا، وستكون فائدته كبيرة في التعريف الصحيح حسب النصوص لعامة القراء والدارسين والباحثين. ونأمل أن يطلع عليه كل من يريد أن يتحدث أو يدرس الصابئة المندائيين ليكون على بينة فعلية موثقة.


مشاهدات 241
الكاتب قيس مغشغش السعدي
أضيف 2024/04/30 - 7:10 PM
آخر تحديث 2024/05/20 - 4:52 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 142 الشهر 7819 الكلي 9345857
الوقت الآن
الإثنين 2024/5/20 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير