الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
بغداد وأهلها الفقراء

بواسطة azzaman

بغداد وأهلها الفقراء

عبد المنعم حمندي

 

أهل بغداد غرباء في مدينتهم ، وأصبح السكن على أبنائها  صعباً بسبب تنوع سكانها النازحين من المحافظات وغزو الأجانب لها من دول اسيا وبعض الدول العربية ، فقلّت فرص العمل وضاقت الدنيا بالخريجين من شبابها، ولعل ارتفاع أسعار العقارات جعل الكسبة والموظفين من البغداديين يقطنون في بيوت تتراوح مساحاتها بين 50 متراً و60 متراً ، اذا ما فكر أحدهم بالانفصال عن بيت أمه وأبيه» العائلة «  في الوقت الذي كانت بيوت بغداد فارهة وجميلة في طراز معمارها، وفي سعة حدائقها وأعني في أحيائها مثل المنصور والقادسية والحارثية واليرموك  والكرادة وحي العدل وزيونة وشارع فلسطين والمأمون وغيرها ،

كانت شريحة الموظفين تعد من الطبقة الوسطى وفي عهدي الرئيسين عارف وأحمد حسن البكر تم توزيع قطع الأراضي على شرائح الموظفين بمختلف عناوينهم ، وتيسيير القروض المناسبة لهم  بفوائد رمزية ،فاستطاعوا بناء بيوت عامرة وجميلة ،لأن رواتب الموظفين مجزية توفر حياة كريمة ،وكانت اقساط القروض لا ترهق الموظف، وأليوم لا يستطيع الموظف أن يشتري شقة سكنية يدفع أقساطها من راتب لا يسد نفقات العيش أوتكاليف الدراسة لابنائه ، فكيف اذن حال الكسبة والشباب الخريجين الباحثين عن التعيين والعمل سواء في الدولة أو القطاع الخاص ؟

 ان معدل دخل الموظف السنوي  لا يقارن مع معدل الدخل السنوي الموظف قبل 40 سنة اذا ما حسبنا نسبة الغلاء  والتضخم وارتفاع الأسعار في كل مفردات الحياة اليومية ،  ولايكاد الراتب مهما زادت نسبته اليوم يكفي لعائلة تتكون من 5 الى 6 افراد , وهو معدل حجم الاسرة العراقية في الوقت الحالي ، ولكن حتى لو افترضنا ان الموظف يستطيع ادخار مليون دينار في كل سنة, فكم سنة يحتاج لشراء شقة بسعر 300 مليون دينار في حي العدل, أو 150 مليون دينار في حي الجهاد؟

اما صغار الموظفين فنصفهم يقترضون بعد عشرين يوماً ورواتبهم لا تشبع بطونهم .

اذن كم سنة يحتاج الموظف من أهل بغداد  لشراء بيت  في مدينته ؟ 100 سنة أو أكثر ، ربما هي قضية عامة تخص كل موظفي العراق في الزمن الراهن ولا حل لها الا بمعالجات شجاعة من الدولة ،  هناك شريحة من المتقاعدين ما تزال تسكن في الايجار .ولم تستطع أن توفر سكناً لها خلال خدمتها الوظيفية ، أنا لا أتحدث عن فئة قليلة وانما عن الطبقة الأكبر في العراق هي طبقة الفقراء من الموظفين والكسبة من أهل بغداد وأيضاً من موظفي مدن العراق. أما الشباب فحالهم حال المحبطين اليائسين خصوصا الخريجون الحالمون ببناء مستقبل لهم ولوطنهم . وقد بلغ بعضهم الأربعين عاماً وهو  بلا زواج ولا عمل ولا سكن.. ويعيش عالة على أمه وابيه !وبذلك , فان الذي يطمح او يحلم بشراء  بيت أوشقة سكنية في احد احياء بغداد عليه  الانتظار مئات السنين أي يموت ولا يتحقق حلمه ! ربما شريحة الأطباء والتجار يمكنهم شراء هذه الشقق الفاخرة التي شيدها المستثمرون على مساحات من أرض الدولة بغير وجه حق ،وكان على الدولة أن تضع شروطاً تحدد فيها المستثمرين وتحسب التكاليف وتفرض عليهم توزيعها  باسعار مدعومة من قبلها للموظفين أو الشباب الراغبين في  الزواج .  ان قضية توفير السكن للمواطنين في العراق أصبحت مهمة عاجلة لأي حكومة ,  في وسط ارتفاع أسعارها

لقد منحت الدولة مساحات من الأراضي للاستثمار لبعض أتباع الاحزاب الفاسدة ،فتم بناء الأف الشقق ولكن المستثمرين يبيعونها بأسعار عالية لا يقدر على شرائها الموظفين ولا الكسبة ، ولا الشباب العاملين من الخريجين الباحثين عن العمل والزواج ، قد يشترونها الذين يغسلون اموالهم من المرتشين واللصوص والفاسدين .  فهل فكرت الدولة بهذه الظاهرة التي سادت في أحياء بغداد ؟

تبقى مشكلة السكن عويصة لأهل بغداد وأبنائها ولا تحل الا بقرارات منصفة للشباب ، وتوفير فرص العامل لهم   لكي نعيد لبغداد جمالها وهي تحتفي بأهلها الأصليين.


مشاهدات 116
الكاتب عبد المنعم حمندي
أضيف 2024/04/27 - 3:12 PM
آخر تحديث 2024/05/15 - 5:43 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 339 الشهر 6342 الكلي 9244380
الوقت الآن
الخميس 2024/5/16 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير