الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الفن سلاح ذو حدّين

بواسطة azzaman

الفن سلاح ذو حدّين

مشتاق الجليحاويّ الميّاحيّ

 

في كلّ عام وقبيل شهر رمضان يكون هناك تبار قوي جدّا في العراق، وفي الوطن العربيّ وخصوصا في مصر، هذا التباري يكون في حلبة المضمار الفني فيشتد الوطيس بين شركات الإنتاج الفني في مختلف الدول في انتقاء الأعمال ودراسة مدى جودتها وقوة قصتها والحبكة في سرد تفاصيلها والهدف المراد منها، وتوجيه الجهد حول النهايات الختامية ويؤخذ بنظر الاعتبار جملة من الأمور في كل عمل سيتم عرضه بل اي عمل يتم انتاجه من هذه الأمور المناسبة للذائقة العامة وبمختلف طبقاتها وبتنوع الجهات المستهدفة فيه من الفرد والى المجتمع ككل مرورا بالأسرة والتي تكون فيصلا في ذلك من خلال مراعاة المشاهد والأحداث التي تتناسب واعمار الأطفال من أفكار وفعاليات مختلفة، ويؤخذ بنظر الاعتبار الهوية الوطنية والدينية والاجتماعية والثقافية وعدم المساس بأية واحدة منها لا من  قريب ولا من بعيد لأن أي استهداف لأي جانب من هذه الجوانب هو استهداف للوطن واستهداف لمكوناته وذلك من شأنه إحداث الفرقة والتشظي بين ابنائه ويقتل في نفوسهم الروح الوطنية ويقضي على الاعتزاز بالوطن واستشعار الانتماء إليه، ومما يتم التركيز عليه في مثل هذه الأعمال هو السياقات التأريخية ومراعاة الدقة في نقله بصورة تاريخية صحيحة؛ كون النقل بعكس ذلك سيؤدي إلى رفد المتلقي معلومات غير صحيحة تتنافى مع الواقع، كذلك تراعى المنطقية من ناحية القوة الجسدية والقوة العقلية وكذلك مراعاة ما يستسيغه العقل من تراتبية في الأعمال، ومما يحرص عليه أيضا عدم تعميم حالة سلبية معينة حدثت مع شخص معين على مجتمع كامل او على مدينة أو بلد كامل؛ لأن ذلك سيولد ردة فعل عكسية وصنع نظرة غير صحيحة عن ذلك المجتمع.

في الأعمال العراقية يكون التباري على قدم وساق وتشتعل الحروب والاقتتالات الفنية بين الكتاب والقاصين والمنتجين والمخرجين حول تعري المرأة واظهارها كجسد تستخدم للذة وللاغراء ومتجارة المفاتن وتعميم هذه الحالة على كل المجتمعات، إضافة إلى ذلك تنقل حوادث وقصص من مجمتعمات غربية وأحيانا إقليمية وتلصق بالمجتمع العراقي وتسوق على أنها ظواهر سائدة في المجتمع العراقي ونمطيات عيش وتصرف يعيشها الجميع ويعتادها وهذا من شأنه ان يعطي صورة مشوهة عن المجتمع العراقي يشوبها غبار كثير ويجعل الفرد يراجع نفسه آلاف المرات عن هذا المجتمع الذي يعتبر مجتمعا محافظا ملتزما بقيم وأعراف مجتمعية مبنية على الأخلاق الحميدة والتربية الحسنة والتي تتوافق مع كثير من المبادئ الدينية الانسانية السمحة والتي تحاول بناء مجمع قوي متماسك، مثل هكذا افكار وسيناريوهات هدفها خلق بيئة من الانحلال في المجتمع وبدل أن تكون السينما والمسرح وما يطلق عليها فن وسيلة بناء مجتمعية ووسيلة تقييم وتقويم مجتمعي أضحت وسيلة تدمير وتتخريب للمجتمع وأيضا هي وسيلة تقييم وتهديم لما شيد من صروح الأعراف الحسنة والتقاليد الجيدة التي حافظت على المجتمع، للأسف هذه الانتاجات شوهت الواقع ونقلت صورة مغايرة تماما لما يجب أن ينقل والتي من الممكن أن تؤثر على حياة الناس النمطية في مختلف مجتمعاتهم، يجب أن تكون هناك وقفة جادة تجاه كل من تسول له نفسه محاولة المساس بالنسيج الوطني للبلد من خلال اعمال ذات طابع طائفي أو مناطقية أو اعتماد أساليب ذات تمييز قومي أو عرقي وكذلك الوقوف بوجه من يحاول أن يصنع لنا جيلاّ كما يعبرون عنه بأنه جيل متحرر انفتاحي لا يعير أية أهمية لأخلاق المجتمع المحافظة ويحاول الانتقاص مو الهوية الدينية المتنوعة بصورة أو أخرى، الوقفة الجادة يجب أن تكون من كل المستويات من خلال الدور الحكومي المتمثل بوزارة الثقافة وتشيكيلاتها وما يرتبط بها من نقابة فنانين وما شاكل وكذلك دور الوزارة في القنوات الفضائية والإذاعية قنوات التواصل الاجتماعي المختلفة وكذلك كلمة الفصل والمتمثلة بالشعب والذي هو يرفع قيمة أي عمل أو يعلن كساده من خلال متابعته أو عدمها وكذلك الأمر لا يتوقف عند هذا الحد أكثر من ذلك من خلال الرفض المجتمعي واتخاذ التدابير اللازمة لرفض كل ما لا يتوافق مع طبيعة المجتمع كالتنديد أو اللجوء إلى المحاكم المختصة، وطبيعي جدا أن الفن سلاح ذو حدين يمكن استخدامه لتسويد وجوه وتبييض أخرى وقد لعب دورا مهما في القرن الماضي بمعالجة الكثير من القضايا الاجتماعية، بل وتعديل قوانين عدة تخص الحياة المدنية وما يتعلق لها، نأمل بأن يكون الجميع على مستوى المسؤولية ولا يتنصل عنها، حفظ اللّه الجميع.

 

 


مشاهدات 37
الكاتب مشتاق الجليحاويّ الميّاحيّ
أضيف 2024/04/27 - 12:15 AM
آخر تحديث 2024/05/07 - 11:37 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 261 الشهر 2684 الكلي 9140722
الوقت الآن
الثلاثاء 2024/5/7 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير