الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
لـلهِ درُّ وزارة الدفاع الشمّاء

بواسطة azzaman

لـلهِ درُّ وزارة الدفاع الشمّاء

علي الجنابي

 

أودُّ ههنا تبيانَ مشاعري كمواطن إزاء ما قرأتُه من تنويهٍ للوزارة منشور على صفحتها؛ [حول ما أُشيع في وسائل الاعلام من قيام الوزارة بإخلاء الأبنية التابعة لها من مواطنين متجاوزين عليها]، وقد بينتِ الوزارة أنها كسبت جميع الدعاوى التي رفعتها ضدهم ولكنها «تريثت» في التنفيذ حتى انتهاء فترة الامتحانات [حرصاً منها على توفير جو ملائم لطلبتنا الاعزاء؛ لأنهم في نهاية المطاف ابناؤنا ونحن حريصون على مصلحتهم]، أقول:

 لا ريبَ انَّ التجاوز أمرٌ مقيتٌ وغيرُ قانوني ولا حضاري ولا حتى اخلاقي ولا يأتي به الا مارقٌ أو جاهلٌ أو مِن ثلَّةِ الأغبياء، وهناكَ للتجاوزِ ألوانٌ والوانٌ في الأنحاء، فهناكَ تجاوزٌ من سائقِ مركبة لإشارة المرور الحمراء، وتجاوزٌ من مواطنٍ مُتعجرفٍ لطابورٍ من المواطنين منتظمين فيه بوداعةٍ وصفاء ، ولكن ان يتجاوزَ مواطنٌ عراقيٌّ على بناية حكومية متروكة ومسكونة من عفاريتِ الجن والبق والهباء، بغية الاحتماء بها هو وأطفاله من لهيب حر الصيف ورهيب زمهرير الشتاء ، وكي يستر على بناته في مأوى بسقفٍ تحته بناء، فذلك لعمري هو تجاوزٌ  على القانون ما سبقهُ أحدٌ منَ العالمينَ في الارجاء. تجاوزٌ لا يغفره جدُّنا «حمورابي» ورُبَما لا يُغفَرُ حتى من ربِّ السماء، مالم يتركْ الأرضَ فوراً ويُعيدُ للدولةِ ما سلبهُ من بناء.

عدالة القانون

لذلك أقول لهذا المواطن المتجاوز بتمرّدٍ أو بغباء: للقانون يا أنتَ هيبةٌ يجب ان تُحترم من الناسِ كافةً على سواء، منَ العلماء قبلَ الجهلاء، ومنَ الأغنياء والفقراء، وكذا منَ الوزراء وكذا من المعدمين البؤساء، ولذلك فقد حُقَّ عليكَ تنفيذُ عدالةِ القانونِ والأمر بالإخلاء، وما من بدٍّ في الالتزام بتنفيذ القانون وله توقيراً بوفاء، بل حقيقٌ عليهم اقتلاعكَ بجرافات لا تقهر ولا ترحم وغبراء، فلقدِ انــ...تَهـَــ...كتَ يا مواطن كلَّ خطوطٍ الحمراء، ولقد خرقتَ قوانين الملكية العامة جهرةً وبجلاء، وكفرتَ بقدسية مسلة حمورابي العريقة الشماء، فارحلْ فوراً الى اقصى نقطة من الصحراء، وحيث لا ماء هنالك ولا مسلَّةَ ولا نماء، ولا موبايلَ هناك ولا كهرباء ولا رخاء، إلّا نبتة صَّبارٍ تعزفُ بأشواكها ألحانَ البؤسِ والبلاء. فليس لك مكان بيننا نحن احفاد حمورابي اهل الحل والعقدِ والارتقاء، واهل الشموخُ والاعتلاء، او...

هاجر يا متجاوز الى «أورانوس» فان فيها ملك لا يظلم عنده أحدٌ من اهل التجاوز والشقاء. ملكُ لا يغترفُ من قوانين المحاكم ولا يعترفُ بحكم القضاء، ويوزع شققاً مفروشة على المهاجرين من كواكبَ أخرى دون التماسٍ أو رجاء. شققاً تطلُّ نوافذها من الجنوب على كواكب عطارد والزهرة والمشتري وزحل وأقماره البيضاء، ومن الشمال له نوافذُ تطلُّ على نجمة الصباح البيضاء، وهناك نوافذُ خاصةً بالعاشقِ الذي خانتهُ حبيبتُهُ تطلُّ على لوحةً خلابةً للثقوب السوداء. ثم إنَّ الملكَ يمنحُ المعدمينَ المعاقينَ منهم منازلَ بحدائقَ ذاتِ بهجةٍ نهارُها روضٌ وليلِها سناء. ولقد صرَّحَ ناطقٌ رسمي عن ملكِ «أورانوس» بجفاء، قائلاً في نشرة أنباء المساء؛

قد أبدى مليكنا امتعاضَهُ الشديد باستياء، من زخمِ الهجرةِ لأسرٍ أرضيةٍ عراقية لا تمتلك في بلدها مثوىً يأويها ولو بفسحةٍ مئةِ مترٍ من بناء، رغم أنَّ لدى تلك الأسر بطاقة موحدة و(بطاقة ناخب) قدِ انتخبَت بها القادةَ الغيارى والزعماء، ورجالات القانون ورجالات الكبرياء، رجالاً أمناء لا تُلهيهمُ الدنيا عن خدمةِ ناخبيهم البؤساء، ولا يَهمهمُ إن كان المواطنُ الناخبُ مثابراً أم عاطلاً ام خمّاراً ام فاسقاً أم وقحاً ذا لسانٍ قبيحٍ في الهجاء، وتراهم يقولونَ أنَّه في محصلةِ الأمرِ عراقيٌّ منا وفينا وأولاده أبناؤنا جميعاً وعلينا وبموجب (قانون) الدولة وحكم القضاء، تأمين سكناً لأولادِنا الذينَ خرجوا من صخرة صلبهِ الصماء، ومن ترائبَ زوجتِهِ اللاغية الرعناء. سكناً محترماً ذا عيشٍ بهناءِ ومعتبراً بريشٍ ذا بهاء.

رُبَّما أنا غلطانٌ يا وزارة، وما قولي هذا إلّا ثغاءٌ وهراءٌ في هواء، وعلى القانون هو محض افتراء، بل ويحفزُ المارقينَ للتجاوز وللتمردِ على قوانين الارض وقانون السماء. نعم، أنا غلطانٌ فلستُ (حقوقياً) وعينايَ في القانونِ عمياء وأذنايَ في بنوده صماء، ويا لجهالةٍ قد لبستني فأوزعتني عن فهم قوانين (المسلة) الملساء! ومهلاً وزراة لطفاً:  لعلَّ المسلة أيضاً كانت في بابلَ متجاوزة، وإلّا لمَاذا تمَّ نفيها وحبسَها في سجن اللوفر في مدينةِ الخالةِ «بريجيت» الشقراء! وآهٍ ثمَّ أه من تمايل سيقانِ بريجيتَ اللاهبةِ الحسناء، وإذ تتبعُها قططٌ ناعمة وكلاب سائمةٌ بعضها متوحشةٌ سوداء، تُبحلقُ على كلِّ مَن يختلسُ النظراتِ على السيقانِ وما فوقَ السيقان من كثبانٍ وبلاء.   كانَ ذلكَ عرضٌ لشعورٍ وحسب، قد انتابَني في الخفاء، لمّا قرأتُ تنويه الوزارة الموقرة والساهرة بلا كللٍ على أمن أهلينا أجمعينَ وبلا مللٍ ولا اعياء، كي نعيش عيشَ السعداء وربما عيش الأمراء، فللهِ درها ولا عدمناها من وزارة هي أهلٌ للشكرِ والثناء.

 


مشاهدات 176
الكاتب علي الجنابي
أضيف 2024/04/24 - 6:51 PM
آخر تحديث 2024/05/14 - 5:48 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 239 الشهر 5421 الكلي 9243459
الوقت الآن
الثلاثاء 2024/5/14 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير