الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
جرعة‭ ‬تطعيم

بواسطة azzaman

جرعة‭ ‬تطعيم

فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام‭ ‬

 

تعقيبا‭ ‬على‭ ‬مقالي‭ ‬ليوم‭ ‬أمس،‭ ‬وصلني‭ ‬تعليق‭ ‬يقول‭:‬

‭ ‬نريد‭ ‬منك‭ ‬المفيد،‭ ‬بماذا‭ ‬عاد‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬من‭ ‬زيارته‭ ‬الى‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض؟‭ ‬العراق‭ ‬يريد‭ ‬النتيجة‭ ‬التي‭ ‬تبرد‭ ‬قلبه”‭.‬

بالرغم‭ ‬من‭ ‬انَّ‭ ‬هناك‭ ‬غموضاً‭ ‬في‭ ‬الشطر‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬التعليق‭ ‬الا‭ ‬انّ‭ ‬التساؤل‭ ‬بحد‭ ‬ذاته‭ ‬مهم‭ ‬ومشروع،‭ ‬وسبق‭ ‬ان‭ ‬جرى‭ ‬تجاهله‭ ‬عدة‭ ‬مرات،‭ ‬اذ‭ ‬زار‭ ‬رؤساء‭ ‬الحكومات‭ ‬السابقون‭ ‬واشنطن‭ ‬والتقوا‭ ‬الرؤساء‭ ‬الامريكان‭ ‬السابقين‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تنعكس‭ ‬تلك‭ ‬الاجتماعات‭ ‬بفائدة‭ ‬ما‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬العراقي‭.‬

من‭ ‬الصعب‭ ‬أن‭ ‬نرى‭ ‬في‭ ‬مرمى‭ ‬الزيارة‭ ‬فوائد‭ ‬مباشرة‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬العراقي،‭ ‬فليس‭ ‬للزيارة‭ ‬في‭ ‬أساسها‭ ‬هدف‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬النوع،‭ ‬لكن‭ ‬استقامة‭ ‬العلاقات‭ ‬العراقية‭ ‬الامريكية‭ ‬على‭ ‬سكة‭ ‬واضحة‭ ‬وموصلة‭ ‬الى‭ ‬جهود‭ ‬عملية‭ ‬في‭ ‬التعاون‭ ‬والاستثمار‭ ‬والتنمية‭ ‬وإعادة‭ ‬بناء‭ ‬المشارع‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬هي‭ ‬الجدوى‭ ‬الحقيقية‭ ‬التي‭ ‬ستعود‭ ‬بالنفع‭ ‬الكبير‭ ‬على‭ ‬الملايين‭ ‬مع‭ ‬السنوات‭.‬

هذا‭ ‬يقودنا‭ ‬الى‭ ‬ضرورة‭ ‬الدعوة‭ ‬لدراسة‭ ‬أسباب‭ ‬فشل‭ ‬زيارات‭ ‬رؤساء‭ ‬الحكومات‭ ‬العراقية‭ ‬السابقة‭ ‬الى‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض،‭ ‬اذ‭ ‬كانت‭ ‬أوضاع‭ ‬البلاد‭ ‬تزداد‭ ‬سوءاً‭ ‬وتدهوراً‭ ‬بعد‭ ‬كل‭ ‬زيارة‭ ‬لاسيما‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬العراق‭ ‬فيها‭ ‬تحت‭ ‬الاحتلال‭ ‬الأمريكي‭ ‬المباشر‭.‬

أمّا‭ ‬تعبير‮»‬‭ ‬نتيجة‭ ‬تبرّد‭ ‬القلب‮»‬‭ ‬فهو‭ ‬تعبير‭ ‬حمّال‭ ‬أوجه‭ ‬مختلفة‭. ‬ذلك‭ ‬انّ‭ ‬العراقيين‭ ‬لا‭ ‬تبرد‭ ‬قلوبهم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬زيارة‭ ‬الى‭ ‬واشنطن،‭ ‬أو‭ ‬موسكو‭ ‬أو‭ ‬طهران‭ ‬أو‭ ‬الرياض‭ ‬أو‭ ‬انقرة،‭ ‬فقلوبهم‭ ‬مدمية‭ ‬لا‭ ‬شفاء‭ ‬لجروحها‭ ‬ونزيفها‭ ‬الا‭ ‬بجعل‭ ‬“المواطَنة‭ ‬بالمعيار‭ ‬العراقي‭ ‬العادل‭ ‬‭ ‬هي‭ ‬وحدة‭ ‬القياس‭ ‬والعمل‭ ‬والإنتاج‭ ‬والحقوق‭ ‬والواجبات،‭ ‬وإعادة‭ ‬قراءة‭ ‬الدستور‭ ‬أو‭ ‬تعديله‭ ‬بحسب‭ ‬هذا‭ ‬المدخل‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬بإمكانه‭ ‬ان‭ ‬يصل‭ ‬بالبلاد‭ ‬الى‭ ‬حافة‭ ‬الأمان‭.‬

لكن‭ ‬المعوق‭ ‬الأساس‭ ‬هو‭ ‬قيام‭ ‬العملية‭ ‬السياسية‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬خصبة‭ ‬لإنعاش‭ ‬الفساد‭ ‬عبر‭ ‬القطبية‭ ‬السياسية‭ ‬التوزيعية‭ ‬التوافقية‭ ‬على‭ ‬الخاص‭ ‬ضد‭ ‬العام‭. ‬لذلك‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬ان‭ ‬ننتظر‭ ‬حلولا‭ ‬من‭ ‬اية‭ ‬عاصمة‭ ‬يصل‭ ‬اليها‭ ‬وفد‭ ‬عراقي،‭ ‬فالمشكلة‭ ‬فينا،‭ ‬وما‭ ‬نريده‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭ ‬هو‭ ‬الدعم‭ ‬لإعادة‭ ‬بناء‭ ‬البلاد‭ ‬وتحديثها‭ ‬بشكل‭ ‬حقيقي‭ ‬يواكب‭ ‬التقدم‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬،‭ ‬لكن‭ ‬الدول‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تلقمنا‭ ‬في‭ ‬افواهنا‭ ‬جرعة‭ ‬‮«‬تطعيم‮»‬‭ ‬التنوير‭ ‬والتحديث‭ ‬والتجديد‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬اذا‭ ‬كانت‭ ‬الأدوات‭ ‬السياسية‭ ‬المفترض‭ ‬انها‭ ‬فاعلة‭ ‬وممسكة‭  ‬بمصير‭ ‬الملايين‭ ‬غارقة‭ ‬جزئياً‭ ‬أو‭ ‬كلياً‭ ‬في‭ ‬الخزعبلات‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مكاسب‭ ‬انتخابية‭ ‬أو‭ ‬مصالحية‭ ‬أو‭ ‬ابتزازية؟‭ ‬

 

 

رئيس التحرير-الطبعة الدولية

fatihabdulsalam@hotmail.com


مشاهدات 102
الكاتب فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام‭ ‬
أضيف 2024/04/24 - 5:00 PM
آخر تحديث 2024/05/05 - 1:40 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 58 الشهر 2073 الكلي 9140111
الوقت الآن
الإثنين 2024/5/6 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير