إجتماعات موسكو ضرورة الخيار

جاسم مراد

بعد معركة طوفان الأقصى ، وتحول القضية الفلسطينية الى قضية عالمية ، ترأست الاحداث على حرب روسيا واكرونيا ، وسخونة الوضع السياسي والعسكري بين الكوريتين الشمالية والجنوبية ، كان لابد من استجابة الفصائل الفلسطينية لضرورات هذه التحولات والاتفاق على هيكلية عمل مشتركة وبرنامج عمل سياسي ومقاوم مشترك ، وبما إن منظمة التحرير الفلسطينية هي الجهاز القادر على استيعاب الجميع ، فمن الضرورة بمكان تنشيط مؤسساتها وجعلها الكيان القادر والفعال في إدارة سياسات جميع الأطراف .

رغم المؤشرات الإيجابية التي حدثت في موسكو حول الاتفاق على صيغة عمل مشتركة تكون منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي المعترف بها وطنيا وعربيا وعالميا هي الاطار المتفق علية ، على ان يجري اجتماع لاحق في مكان لم يتفق عليه بعد ، بعد ذلك خرجت بعض وجهات النظر توحي من انها ليست مستعدة بالاستمرار بتنشيط منظمة التحرير كما اتفق في موسكو ، ومثل هذه المواقف تعيد الى الاذهان الاختلافات في المواقف ما قبل طوفان الأقصى ، الأمر الذي يرجح التدخلات الخارجية وسيادة المواقف والسياسات الانانية على الاف الشهداء في غزة والضفة الغربية خلال ال (6) اشهر فقط .

طوفان الاقصى

كان من المفترض والواجب الوطني والأخلاقي أن تجمد كل الاختلافات من اجل القضية الاسمى ، فلسطين وحق الشعب الفلسطيني في الحرية والدولة المستقلة ، ومعركة طوفان الأقصى كانت هي المحرك الأول والاساس في نهوض هذه القضية بعد محاولات إسرائيلية وامريكية وأوروبية وحتى عربيا من جعلها قضية بيانات ومناشدات وزيارات ، خاصة منذ اتفاقيات أوسلو عام 1992وما بعدها من سنوات العجز السياسي .

يشير حديث بعض القيادات الفلسطينية سيما بعد تكليف رئيس الوزراء الجديد على خلفية استقالة شتيه رئيس الوزراء السابق ، من إن حماس لم تبلغ السلطة بمعركة طوفان الأقصى ، حتى تطلب بوقف خيارات السلطة في تشكيل الحكومة ، وهنا يسأل المراقبون كيف سيكون الأمر إذا وضعت حماس عملية طوفان الأقصى تحت المشرحة ، ومن يضمن سريتها وتحقيق الهدف المطلوب منها ، ألا يعلم هؤلاء بأن الشهيد ياسر عرفات ظل محاصراً في المقاطعة حتى تم اختياله لأنه  رفض التنازل عن القضية الفلسطينية والاذعان لشروط إسرائيل وامريكا ، ومن الذي دافع عن الرئيس الشهيد ، الكل سكت والكل أصيب بالعمى والصم قبل وبعد الاستشها د ، فكيف يريد هؤلاء نقل خطة هجوم طوفان الأقصى الى اطراف أخرى ..؟

إن العلّة ليس بعدم دراية هؤلاء بهجوم طوفان الأقصى ، وإنما كل الامراض في الشعور المزعوم بأن هناك سلطة يديرها البعض ، في الوقت الذي يعرف الجميع من إنها ليست سلطة لها شروطها وادواتها واستقلاليتها وتحركها ، فإسرائيل تمنع عنها كل شيء وتحيطها بأكثر من ( 700) الف مستوطن ، لذا يصبح من الضرورة بمكان توظيف ما احدثه طوفان الأقصى من متغيرات استراتيجية في كل المعمورة وأصبحت الشعوب الأوروبية والأمريكية وكذلك بعض القيادات الأوروبية تهتم بفلسطين وبضرورة إقامة الدولة المستقلة على ارضها المغتصبة من إسرائيل .

طوفان الأقصى هو الحدث الأهم في التاريخ الالسطيني الحديث ، وان المعركة التي تجري هي معركة تحرر وطني ، ليست خاصة بحركة حماس وان هي المتقدمة ، فهي معركة كل الشعب الفلسطيني وفصائله المقاتلة والاجتماعية والإنسانية ، ولنا أن نسأل هل تحركت شعوب أوروبا وامريكا بهذا الزخم لنصرة فلسطين وغزة والأطفال والنساء الشهداء ، وتحولت إسرائيل في اذهان وأفكار الشعوب الأوروبية من دولة ( ديمقراطية ) الى كيان عنصري فاشي نازي لولا طوفان الأقصى . إن حركة التحرر الوطني فتح التي قدمت الاف الشهداء عبر النضال الطويل ، هي المؤهلة الان بالاشتراك مع كافة الفصائل الفلسطينية لإعادة الدور المطلوب لمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بمشاركة كافة الفصائل وقيادة المرحلة بكافة اشكالها ، لكون الصراع مع الكيان الإسرائيلي الذي يرفض الإقرار بحقوق الشعب الفلسطيني هو صراع وجود وان قيادته على وفق برنامج جامع للكل هو الأساس في هذه المرحلة وغير ذلك مضيعة جديدة للزمن الفلسطيني الذي كتبته معركة طوفان الأقصى ..