الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الشاعر السعودي محمد أبو شرارة.. رحلة شعرية ودخول إلى القلب

بواسطة azzaman

الشاعر السعودي محمد أبو شرارة.. رحلة شعرية ودخول إلى القلب

 

السعودية - زهير بن جمعه الغزال

النص الحقيقي في الشعر يجب ان يجمع بين الجمال والقيمة في الكلام والمعنى.

الجمال في الشعر يتعلق بالقوة اللغوية والتعبيرية، والتناغم والإيقاع، واختيار الكلمات الصحيحة والصور الشعرية المدهشة. يجب أن يتمتع النص الشعري بقدرة على إثارة المشاعر والتأثير على الحس المرئي والسمعي للقارئ أو المستمع.

أما القيمة في الكلام والمعنى، فتعني أن القصيدة يجب أن تحمل رسالة أو فكرة مهمة وعميقة. يجب أن تحمل القصيدة قيمًا إنسانية أو اجتماعية أو فلسفية، وتكون قادرة على نقل رؤية أو تجربة معينة. يتعلق الأمر بتأثير القصيدة على العقل والروح، وترك أثر إيجابي على القارئ أو المستمع.

فعندما يجمع الشاعر بين الجمال والقيمة في الكلام والمعنى، ينشئ نصًا حقيقيًا في الشعر يترك أثرًا دائمًا في الذاكرة والوجدان.

شاعرنا اليوم محمد أبو شرارة - الأحساء – نشأ على تراث فحول الشعر، فأحب الشعر وتعامل معه بواقعية، له أسلوب وطريقة استثنائية يسير عليها، يرسم أهدافه في الشعر على طريقة الكبار تحمل قصائده الكثير من المعاني الجميل

جينات اخرى

- يتأثر الشاعر دائما بما حوله من بيئة ومجتمع وتضفي عليه نشأته طابعا خاصًا، فهل لبيئتك تأثر عليك ومن ملهمك في الشاعريتك؟

الشعر نفحة إلهية غير مرتبطة بالوراثة، والشعر العربي اليوم امتداد لجينات امرئ القيس وزهير والنابغة، وكبار الشعراء لم يورثوا أبناءهم الشعر إلا في حالات نادرة مثل زهير بن أبي سلمى وأبنائه، فالمتنبي مثلا رغم ملازمة ابنه له وتنقله معه، لم يرو عن ابنه بيت شعر واحد، وبالنسبة لي فقد ولدت في بيئة شاعرة بيئة يتسلل غيمها إلى سريرك كل صباح، وتصحو على نفح ريحانها وشيحها وترجيع عصافيرها، وكل من حولي له تجربة مع الشعر، ولكن الأثر الكبير كان لشقيقي الأكبر الشاعر عواض أبو شرارة فبه تأثرت، وعلى يده أزهرت أولى القصائد، وكان له الفضل أن وجه اهتمامي للشعر الفصيح، رغم أنه كان أحد رموز الشعر الشعبي، وقد جعلت له إهداء ديواني الأول .

-في رحلتك الشعرية، هل يقودك الإيقاع أم موسيقى الشعر أم هما معًا يلهمانك لتحاكي مخاض الشعر؟

لحظة الإلهام الأولى لحظة محاطة بالغموض، لا يدرك تأويلها وسر انبثاقها إلا الخلاق العليم، وأنا شاعر مترع بالغنائية لا أكتب إلا ما أغنيه، وكل نص جاء بلا غناء فهو محض تجريب، فكل قصيدة أكتبها أنشدها وأسجلها بصوتي وأكررها حتى أرضى عنها، وعندي أن الإيقاع شرف الشعر العربي وكل نص بلا إيقاع فهو نص بلا شرف.

-هل تنقل في قصائدك رسالة محددة أم تتبع مشاعرك فقط كقاعدة أساسية للتعبير على قالب شعري؟

قليلة جدا القصائد التي كتبتها دون أن أحملها رسالة، وأنا مؤمن أن النص الخالد الحقيقي هو نص يجمع الجمال والقيمة، وغالبا ما تكون الرسائل محملة على أجنحة الرمز والأسطورة وأحب كتابة النص المثقف ذي الدلالات والإشارات التاريخية والأسطورية.

-هل يندرج تصويرك الشعري تحت مدرسة معينة أم أنك تفضل التنوع الشعري؟

المدارس الشعرية من ابتكار النقاد، وهي تصنيف جيد لأجل الدراسة فقط، الشاعر الحقيقي كون خاص وحالة خاصة ومزاج خاص، أما الشاعر الذي يلتزم طريقة خاصة للكتابة ويأطر نفسه فيها حتى لا يكاد يخرج عنها فهو غير حقيقي وهو أقرب لروح المؤلف منه لروح الشاعر.

-في رحلتك الشعرية، هل تستند إلى الوزن والبحر والقافية لتوجيه قصائدك، أم يقودك الإبداع في رحلتك الشعرية؟

الفصل بين القصيدة ووزنها في لحظة الإلهام ابتكره النقاد والدارسون لمحاولة فهم الحالة الإبداعية، وعندي أن القصيدة مثل الوردة حينما تتشكل عطراً ولوناً لتكون ذاتا واحدة، فلا أعلم قبل ميلاد القصيدة ما بحرها وما قافيتها وما ستنتهي إليه، أما القصيدة التي تحدد ملامحها قبل كتابتها فهي ورد صناعي.

- «هل يميل قلمك الشعري نحو الفخر، الحماسة، الغزل، أم أن لديك أغراض معينة تحب صياغة قصائدك عليها؟»

أنا أعيش حياتاً مرتجلة، لا أحب التخطيط ولا الالتزام، وقصائدي أينما ينتابني قلقي على رأي الثبيتي رحمه الله، فليس لي غرض محدد أرهن نفسي للكتابة عنه، ولكني أنتظر القصيدة كيفما جاءت.

-ما رأيك بقصيدة التفعيلة وقصيدة النثر؟ هل تنتهج طريق خاص لهذا النوع من الكتابة؟

الشعر مثل العطر ولا يعنيني شكل القنينة، مع تحفظي على مصطلح قصيدة النثر كمصطلح لا كأسلوب كتابي، ولكني أميل للموسيقى والغنائية في الشعر، وقصيدة النثر حفلة رقص لشخص أصم.

- ما المتحكم الأقوى بقصائد الموقف الذي تأثرت به أم ذاتك ومشاعرك؟

ردود فعلي تجاه المواقف الحياتية بطيئة جداً، ولكنها تتجذر في داخلي عميقا عميقا، فلست ممن يكتب مباشرة عن الحدث، ولكن أكتب حينما يختمر في حناياي ويصبح شعورا جارفا، ويؤرقني الهم الإنساني أكثر من الذاتي، وأغلب قصائدي عامة وليست ذاتية.

هل تحكمك الفئة التي تستهدفها وإلى أي مدى تقودك القصيدة الفصيحة وكيف تعبر عنك؟

أنا مخلص جداً للقصيدة، وأمنحها كل حقوقها، وأكون فيها أكثر تحرراً وصدقا واندفاعا، وفي داخل النص أكون جريئا حد التهور، وإن كنت عكس ذلك في حياتي العامة، ولم أكتب نصا لغير وجه الشعر، ولم أسترض بنص جمهورا قط، بل أكتب ما أشعر به بصدق ربما قد يكلفني الكثير.

حدائق الشعر

- هل استقيت من شعراء المعلقات الكثير في شعرك أم أخذت نهجا خاصا؟

أنت لن تقول للشجرة هل للجذور أثر في هذه الثمرة الزاهية! إن شعراء المعلقات هم جذورنا التي قامت عليها حدائق الشعر، وهم جيناتنا الأولى التي شكلت هويتنا ولغتنا، فنحن الامتداد الطبيعي للآباء المؤسسين، وأنا مازلت أتبتل في محراب الحارث بن حلزة ولبيد وغيرهما.

-هل ترى أن مشاركتك في هذا المهرجان تتناسب مع الرسالة الإنسانية التي تسعى قصائدك لنقلها؟ هل تتوقع أن يكون لتفاعلك مع الحدث أثر في تواصلك مع الجمهور؟

أن تحملك قصيدة واحدة لتكون ضيفاً مكرماً وتمنح جائزة من رجل الثقافة والعلم سمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة، كل هذا يجعلك تطمئن على أن رسالتك وصلت، وأنك قادر بالكلمات أن تضيف لهذا الكوكب ولو أغنية واحدة تزيد رصيد الجمال، وترجح كفة الوعي.

 

-ماذا تعني لك المطالع الشعرية لحظة الإلقاء الشعري حين نتحدث عن المطلع للقصيدة المبتكرة بعيدا عن عادة الشعراء في استهلال قصائدهم؟

مطلع القصيدة هو وجهها، وبادرة حسنها، ومفتاح قلوب قرائها، وكلما كان المطلع جميلاً كلما جذب قلوب عشاق الشعر، وقبح المطلع قد يكون سببا لتعثر قصيدة عظيمة، كما أن قبح وجه الفتاة قد يعثرها أمام الحب والزواج، وإن كانت بروح ملاك .

-في الزمن الحالي، هل تعتبر القافية وسيلة لإثارة إعجاب الجمهور ولفت انتباه الشعراء عندما يقدم شاعر ما قافية نادرة أو إيقاعًا جديدًا في حبكة قصيدته؟

النص العمودي له جناحان الوزن والقافية، وإن ضعف أو اختل أحد جناحيها؛ هوت!

القوافي النادرة لا يخلو التعامل معها من شيء من الصنعة، ولكن القافية المتناسبة مع روح القصيدة التي تأتي بلا تكلف ولا قلق، تضيف للنص، وحين إلقائه تزيده جمالا وإيقاعا ومتعة، ويصبح المتلقي في حالة ترقب وشوق لكل قافية جديدة.

-هل توافق أن القصيدة العمودية الكلاسيكية نمطاً مستهلكاً يُركب عليه الشاعر، أم هل شهدت تأثيرًا للحداثة والتجديد في هذا النوع الشعري؟»

لي رأي أكرره وأحاول أن أرسخه في ذهن كل ذي ذوق، إن من ينظر للبحور الشعرية على أنها قوالب يتم ملؤها فهو لا يفقه من الشعر شيئاً، البحور الشعرية للنص العمودي هي بمثابة الأوتار للعود، نعم الأوتار عددها محدود؛ ولكن التنويع عليها لا نهائي! فالوتر ليس قالبا يتم ملؤه!

وكذلك البحور هي أوتار يداعبها كل شاعر بريشته الخاصة. قد يقلد أحدهم لحن الآخر، وهذا تقصير منه وليس عجز في الوتر!

-هل أعددت قصائد خاصة بحدث المهرجان هذا العام؟

حضرت لتسلم جائزة القوافي الذهبية، وإلقاء النص الفائز أمام سمو حاكم الشارقة، أما أمسيات المهرجان فلست مشاركاً فيها، بل جئت ضيفاً، وأتشرف بالحضور للأصدقاء والاستماع لهم.

-يقال إن لكل شاعر طقوس للكتابة والإلهام فهل لك طقس خاص يمكن أن تكشفه لنا لبناء قصيدة؟

لحظة الإلهام عندي لحظة حساسة جداً، غير قابلة للتأجيل أو المقاطعة، ولهذا أميل للعزلة في حياتي العامة واليومية، وكثيراً ما أكون خارج المدينة لحظة الكتابة فأقصد المناطق المرتفعة، أو البر الفسيح الممتد، ولا أستطيع الكتابة في المقاهي أو أماكن الصخب، ربما أراجع وأرتب وأعدل في المقهى أما النص الجديد فأعتزل لأجله خارج البيت والمدينة قدر الإمكان، أو في المنزل بشروط صارمة، وأهمها الهدوء وعدم المقاطعة، وأحب من الأوقات آخر الليل وساعات الفجر الأولى .

-في رأيك، من هم أبرز الشعراء المعاصرين؟ وهل تعتبر أن هناك قصائدًا تتميز بمعالم المعلقة في عصرنا الحالي؟»

لم أعد أقبل مصطلح (أفعل التفضيل) في مثل هذا الطرح، أفضل شاعر أجمل بيت أفضل قصيدة، وأظن أن الوعي الجديد يجب أن يتجاوز هذا الأمر، هناك نصوص عالية وكل منها يمثل قمة خاصة، وهناك تجارب شعرية كبيرة كل منهم يمثل كوناً خاصاً ومزاجاً خاصاً.

- الشواهد على العصر كثيرة هل توجد قصيدة فصحى حاليا شاهد على العصر؟

هذا عصر الصورة والميديا وهي خير شاهد عليه، أما الشعر فإنه فقد وظيفته الإعلامية، وبقيت له قيمته الفنية والجمالية، ولذلك فإن تلقي الشعر اختلف وأصبح البحث عن الصورة الشعرية والجملة الشعرية أكثر من فكرة القصيدة/ المعلقة التي يرددها الناس ويحفظونها.

-هل ترى أن أمير الشعراء في زماننا الحالي يتقاسم بعض الصفات مع شعراء المعلقات؟»

زمن إمارة الشعر انتهى، ويجب أن نساهم في مراسم تشييعه ودفنه، هناك نصوص عالية، وومضات بديعه، وصور شعرية معبرة، وهناك لكل شاعر كونه الخاص.

- هل تعتقد أن الشاعر الفصيح يعاني من إهمال إعلامي ونقص في الحضور مقارنةً بشعراء النبط والشعر الشعبي الذين يحظون بتداول أكبر بين الناس؟»

لا أحب المظلوميات والبكائيات، حينما يستطيع الشاعر الفصيح أن يقترب ويؤثر في مزاج الناس فسوف يتداولونه، نزار قباني لم ينتظر بطاقة عبور من الإعلام، بل اقتحم الشارع فأحبه الجمهور وصفقوا له وتداولوا شعره، والشعراء الشعبيون أقرب لقلوب الناس؛ لأنهم يكتبون همومهم ويعيشون حياتهم، بينما كثير من شعراء الفصحى منفصلون عن المجتمع، ويعيشون مع أوهامهم فقط.

 


مشاهدات 329
أضيف 2024/03/15 - 11:19 PM
آخر تحديث 2024/05/19 - 10:15 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 435 الشهر 7671 الكلي 9345709
الوقت الآن
الأحد 2024/5/19 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير